عدد الزيارات: 2.5K

الخطر الآمن!


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 20/03/2019 هـ 17-06-1439

مجرّد الاقتراب من الإسلام.. كافٍ..

مجرّد الاطلاع على حقيقته بموضوعية.. كفيل بالإيمان والوصول إلى الله..

مجرّد قراءة بعض آيات القرآن.. يحلّق بقلب الإنسان وروحه في سماء السعادة الحقيقية..

قد يدعمه وينشره من يخطط لتشويهه ومحاربته.. من حيث لا يحتسب.. ودون أن يدري..

إنه نور الحق.. نور الله..

يستوي في ذلك الفقير وأغنى الأغنياء.. الجاهل وأكبر العلماء.. المحكوم البسيط والسياسي المخضرم!!

إنه الإسلام وكفى.. الدين الحق..

تأمّلوا قصة سياسي ضليع وحقوقي أمريكي من العيار الثقيل.. يتقن ست لغات حيّة.. تابع وبأمر من حكومته ندوات ومؤتمرات عن الإسلام ضمّت كوكبة من قادة الفكر الإسلامي في العالم.. تأثر كثيرًا بما سمعه عن الإسلام الذي يدعو إلى مكارم الأخلاق.. تذكر أن الإحصاءات في بلاده تشير إلى أن قرابة ثلث أطفال أمريكا ينشؤون يتامى أو لقطاء نتيجة التفكك الأسري والتدهور الأخلاقي.. انشرح قلبه للإسلام فاعتنقه في عام 1980 وسمّى نفسه (فاروق عبدالحق) تيمنًا بالفاروق عمر بن الخطاب.. إنه الدكتور روبرت كرين، مستشار الرئيس الأمريكي نيكسون، ونائب مدير مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض سابقًا، ندعوكم لتعرّف قصة إسلامه ولكن قبل ذلك نعرّفكم به كشخصية أمريكية بارزة.

يعتبر الدكتور روبرت كرين أحد كبار الخبراء السياسيين في أمريكا، وهو حاصل على دكتوراه في القانون وأخرى في القانون الدولي المقارن.. عقب حصوله على شهادة الماجستير في الأنظمة القانونية المقارنة من جامعة هارفارد، أسس كرين صحيفة "هارفارد" للقانون الدولي ثم تم تعيينه كأول رئيس لجمعية هارفارد للقانون الدولي.. بعدها قام بتأسيس مركز الحضارة والتجديد في أمريكا، كما عمل لمدة عشر سنوات في المراكز الاستشارية لصناع السياسة في واشنطن.. يتقن ست لغات حية وقد نشر عشرة كتب وخمسين مقالة اختصاصية حول الأنظمة القانونية المقارنة والاستراتيجية العالمية وإدارة المعلومات.

في عام 1962م شارك الدكتور كرين في تأسيس مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية.. وبعدها بعام كتب مقالة تتحدث عن كل من روسيا وأمريكا.. وعندما قرأ الرئيس الأمريكي نيكسون وهو في الطائرة الرئاسية مقال الدكتور كرين، استدعاه وكلّفه إعداد كتاب يتحدث عن السياسة الخارجية الأمريكية وعن الفكر الشيوعي الذي كان في أوج توهّجه.. بعد فترة ليست بالطويلة ونتيجة لكتابه الذي وجد هوى وسط صناع القرار الأمريكي وعلى رأسهم الرئيس ريتشارد نيكسون تم تعيين الدكتور كرين مستشارًا للشؤون الخارجية.

وعندما استلم هنري كيسنجر وزارة الخارجية في عام 1969 أنهى عمل الدكتور روبرت كرين بسبب ذات الكتاب العجيب الذي أدى إلى تعيينه في المنصب الذي عزل عنه! فقد تضمن الكتاب موضوعًا حول فلسطين، ومقترحًا لتشكيل دولتين يهودية وفلسطينية وكان كيسنجر ضد هذا المقترح.. حالما عُزل الدكتور كرين عن منصبه كمستشار للشؤون الخارجية عينه الرئيس نيكسون نائبًا لمدير مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض.

في عام 1980 كلف نيكسون الدكتور كرين بمهمة تلخيص مجموعة من تقارير المخابرات الأمريكية الخاصة بالأصولية الإسلامية كان قد طلبها منهم.. استلم روبرت ملفًا كاملًا عن الإسلام إلى جانب عدد كبير من التقارير والبحوث السرية الدقيقة حول الموضوع ذاته.. وعلى الرغم من أن التقارير كتبت بأيدي المخابرات الأمريكية وليست بأيدي مسلمين فقد تركت أثرًا بالغًا في نفس روبرت وحركت في دواخله الكثير من الأحاسيس المتعلقة بالبحث عن الحق.. لقد كانت أحاسيس صادقة لكنها وإن بدت خامدة في ظاهرها إلا أنها كانت كالنار الخفية التي تستعر تحت الرماد.

في العام ذاته وفور انتصار الثورة الإسلامية في إيران، ازداد اهتمام الحكومات الغربية بالإسلام إذ شعروا بخطورة تهديده الخطير الآتي من الشرق.. شرع حينها مفكرو الغرب وساسته في عقد الندوات والمؤتمرات التي تتحدث عن الإسلام.. تابع الدكتور روبرت كرين، وبأمر من حكومته الندوات والمؤتمرات التي تحدث فيها عن الإسلام عدد من قادة الفكر الإسلامي، ومن بينهم المفكر السوداني الدكتور حسن الترابي الذي شرح الإسلام مرارًا في أحد هذه المؤتمرات.. تأثر روبرت كرين كثيرًا بما سمعه عن الإسلام وكان من قبلها قد تأثر بما كتبته عنه المخابرات الأمريكية.. وعندما رأى كرين الدكتور الترابي نفسه يسجد في إحدى صلواته اعتقد في البدء أن في ذلك إهانة له ولإنسانيته ولكنه أدرك لاحقًا أن الدكتور حسن الترابي كان ينحني لله ويسجد له على الرغم من علمه الغزير وثقافته الواسعة.. عندها فقط تيقن بطل قصتنا أن هذا هو ما يجب أن يكون عليه حال الإنسان مع الله، وأن على الإنسان أن يتنازل عن كبريائه ويخضع لله عزّ وجلّ. في العاصمة السورية التقى الدكتور كرين الفيلسوف والكاتب الفرنسي الشهير البروفيسور روجيه غارودي، الذي اعتنق الإسلام هو الآخر في مطلع الثمانينيات، وكتب عدة مؤلفات تتحدث عن الإسلام.. أعجب الدكتور روبرت كرين بأفكار البروفيسور روجيه غارودي فوجد نفسه منجذبًا نحو الإسلام، كما وصل إلى قناعة تامة مفادها أن الإسلام فيه الحل الشافي والوحيد لكل مشكلات الأفراد والمجتمعات.

عقب حضوره تلك المؤتمرات والندوات التي تم تنظيمها للحديث عن الإسلام، بدأ الدكتور كرين يقرأ بشغف عن الإسلام.. تأكد له تمامًا أن الدين الإسلامي هو الرسالة الإلهية الخالدة التي تغمر الكون بالعدل وتكرم الإنسان وتعلمه وتهديه إلى جملة من الفضائل السامية التي توجب المحبة والتراحم والتسامح وكف الأذى عن الناس، وتحذّر من القتل والفجور، كما تناهض الظلم والاستبداد.. وما جعل الدكتور كرين يستوعب القيم الإسلامية على نحو أعمق متابعته للقضايا السياسية والاجتماعية الأمريكية داخل البيت الأبيض، إذ كانت الإحصاءات أمامه تشير إلى أن قرابة ثلث أطفال أمريكا ينشؤون يتامى أو لقطاء نتيجة التفكك الأسري والتدهور الأخلاقي، وقد كان يستشهد بقول الرئيس نيكسون: "بلدنا قد يكون غنيًّا بالثروة ولكننا فقراء في الروح، فالجرائم متزايدة والعنف متصاعد والانقسامات العرقية نامية والفقر وآفة المخدرات مستشريان".

كان الدكتور روبرت كرين كمحام وسياسي ضليع يبحث عن العدل والعدالة التي افتقدها في القوانين الوضعية فانشرح قلبه بشدة عندما وجدها في الإسلام فاعتنق عقيدته ومفاهيمه وآمن بكل تعاليمه وأعلن إسلامه وأطلق على نفسه (فاروق عبدالحق) تيمنًا بالفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وعمل بعد إسلامه مديرًا للقسم القانوني للمجلس الإسلامي الأمريكي، كما يعتبر الرئيس المؤسس لرابطة المحامين الأمريكيين المسلمين.

ما أن أعلن إسلامه حتى أخذ الدكتور فاروق عبدالحق (الدكتور روبرت كرين سابقًا)، يهتم بمستقبل الإسلام في أمريكا وقد قدّم في هذا الجانب أطروحات مهمة في المؤتمر الرابع والعشرين للاتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية (ISAN).. عقد ذلك المؤتمر في الفترة ما بين 29/8 و1/9/1986م بمدينة أنديانا بوليس، وقد خصص لمناقشة مستقبل الإسلام في أمريكا الشمالية. ونشير هنا إلى أن الدكتور فاروق عبدالحق عندما يتحدث عن نظرة الغرب المنحازة والقاصرة تجاه الإسلام فإنه لا يكتفي فقط بتوجيه النقد إلى الغرب، وإنما يوجه اللوم كذلك إلى بعض المسلمين سواء في الشرق أو الغرب ممن لا يفهمون التعاليم الإسلامية كما ينبغي ولا يطبقونها بصورها الصحيحة، وفي ذلك يقول: "من الصعب أن يفهم الغربيون حقيقة الإسلام ما دام الكثير من المسلمين الذين يعيشون في الغرب لا يمارسون الإسلام بالشكل الصحيح ولا يعيشون حسب تعاليم الإسلام السامية".

ونختتم هذه القصة بالإشارة إلى أن بطلها الذي حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة هارفارد عام 1959 التحق في عام 1995 بكلية الدعوة الإسلامية بجامع أبي النور التابع لمجمع الشيخ كفتارو بدمشق لدراسة الشريعة الإسلامية.. وهو أمر إن دلّ على شيء فإنما يدل على حرص تام من الدكتور فاروق على التعمق في دراسة العلوم الإسلامية كما يؤكد حقيقة أنه اكتسب من عظمة الإسلام تواضع العلماء.

حقًّا.. "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"..

اعتاد فاروق على طلب العلم.. البحث وتقصي الحقائق.. الانتباه إلى المفكرين وحضور المؤتمرات والندوات.. فسطع الحق في قلبه وعقله دون كثير عناء.. فالحق ساطع أكثر من سطوع الشمس في كبد السماء.. فكيف لا يراه أصحاب البصائر والفطر السليمة؟!!

اغتنموا فرصة وجودكم في الدنيا الآن..

اغتنموا فرصة الاختيار المتاحة أمامكم الآن..

قبل أن ينتهي الاختبار.. ويُرفع الاختيار.. ولا أفلح بعد ذلك من ندم!!

اسألوا الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

 ------------------------------

المصادر:

ابن علي، أبو إسلام أحمد (1429 هـ)؛ عادوا إلى الفطرة: 70 قصة حقيقية مؤثرة؛ مكتبة صيد الفوائد http://www.saaid.net

الألفي، أسامة (2005)؛ لماذا أسلموا؟ القاهرة: أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي.

جمعية النجاة الخيرية؛ سلسلة قصص مشاهير المهتدين (22): روبرت كرين.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون.

فارس، نايف منير (2010)؛ علماء ومشاهير أسلموا؛ الكويت: دار ابن حزم.

محمود، عبد الرحمن (2005)؛ رحلة إيمانية مع رجال ونساء أسلموا؛ المكتبة الإسلامية الشاملة.

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.