الندم.. يقوده إلى الإيمان..
عدو غاضب.. يهدم ويدمر.. فيندم.. فيؤمن!!
من القادر على ذلك غيره وحده.. الله؟!
سبع سنوات عجاف قليلة من عمر الكون، ولكنها كبيرة في سجل بطل هذه القصة..
لقد تغير خلالها تمامًا من هادم لبيت من بيوت الله إلى خادم لها يرجو العفو والمغفرة!
إنه شايف برازاد بطل هذه القصة، وهي قصة مثيرة للدهشة ندعوك للإبحار فيها..
في السادس من ديسمبر عام 1992م شهدت أيوديا بشمال الهند حدثًا مجلجلًا ومروّعًا.. مئات الآلاف من الهندوس احتشدوا لهدم مسجد "بابري".. ومن بين هذا العدد الكبير تسلقت مجموعة صغيرة هائجة مئذنة المسجد المهيبة، يتقدم هذه المجموعة شايف برازاد الذي تم تكليفه قيادة أربعة آلاف رجل وتدريبهم لهدم هذا المسجد.
وما أن هوت مئذنة المسجد إلى الأرض بفعل أيادٍ قذرة نجسة حتى صرخ قائد المجموعة المخرّبة شايف برازاد في سرور وأخذ يصيح بصوت عالٍ: "رام! رام!".
بعد مرور سبع سنوات تمامًا من حادثة مسجد بابري الذي كان لبطل هذه القصة وجميع أفراد عائلته اليد الطولى في هدمه، وتحديدًا في السادس من ديسمبر من عام 1999م كان شايف برازاد ساجدًا بخشوع في أحد مساجد مدينة أيوديا الهندية وهو يلتمس المغفرة من الله تعالى على عمله الفظيع الذي ارتكبه منذ سبع سنين..
لقد كان صائمًا، وكان يبكي ندمًا على فعلته المريعة كلما تذكرها ويلتمس الصفح من الله تعالى في صلواته.. نعم، اعتنق شايف برازاد الإسلام واختار لنفسه اسمًا آخر هو محمد مصطفى.. إنه اسم ذات الشخص الذي أرشده إلى الإسلام.. أما رحلته إلى الإسلام فنتحدث عنها فيما يلي:
عقب الانتهاء من عملية تدمير المسجد بدأ شايف برازاد يشعر بانقباض في صدره، بل لم يرتح له ضمير بعد ذلك؛ إذ كان يشعر بأنه اقترف إثمًا عظيمًا. وفي مستهل عام 1997 ذهب شايف إلى مدينة "الشارقة" بدولة الإمارات العربية المتحدة بهدف العثور على عمل فضلًا عن هربه من عذاب الضمير.. وحصل على ما كان ينشده من عمل، بيد أنه لم يحصل على ما كان يبحث عنه من راحة ضمير.. فالقلق الذي ظن أنه تركه وراءه في الهند سبقه إلى الشارقة.
في الرابع من ديسمبر من عام 1998م، وبينما كان شايف برازاد يتجول في شوارع الشارقة، وصلت إلى أذنيه خطبة جمعة تنطلق من أحد المساجد وكانت باللغة الهندية.. عندما استمع "شايف" إلى الخطبة شعر أنها كانت تختلف عن كل ما سمعه من قبل فقرر أن يستمع إليها بأكملها.. ومنذ ذلك اليوم ظل شايف يواظب على الاستماع إلى خطب الجمعة في كل أسبوع حتى انتهى به الأمر إلى اعتناق الإسلام.
عقب اعتناقه الإسلام، اضطر شايف إلى الاختفاء تمامًا من أفراد عائلته لأنهم كانوا أعضاء ناشطين في حزب هندوسي متشدد.. وصرح شايف بتصريح خطير -لم يبح به منذ سنوات- مفاده أن السلطات الهندية تغاضت عنهم عندما هدموا مسجد بابري، بل وساعدتهم وشجعتهم على إنجاز مهمتهم المشينة، بينما كانت تصرّح في العلن وعبر وسائل الإعلام بعكس ذلك تمامًا.
ومنذ أن اعتنق الإسلام، ظل محمد مصطفى يتلقى باستمرار تهديدات من الحزب الهندوسي، ومن حزب (B.J.P)، كما تم تهديده بالقتل إن عاد إلى الهند.. بيد أنه ظل يقول في حزم: لن أتخلى عن إسلامي ولو كان الثمن فقداني لحياتي..
تعلم محمد مصطفى سبع عشرة سورة من القرآن الكريم، وهو يتلهف إلى تعلم القرآن بأكمله، كما يطمح إلى أن يصبح داعية إلى الإسلام حتى يزيل أستار الجهل عن بصائر الناس ليبصروا النور ويأمل أن تعمل يده التي هدمت مسجد بابري إلى إعادة بنائه من جديد.
فبيوت الله.. في حفظ الله..
قد يعتقد الظالمون المعتدون على بيوت الله أنهم فائزون..
فإذا بالهزيمة مسيطرة عليهم.. من أنفسهم!!..
ألا يدل ذلك على صاحب البيت.. على قوته؟!!
ألا يدل ذلك على أنه الدين الحق؟!!
أسلموا.. فإن الدين عند الله الإسلام..
واسألوا الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.
------------------------------------
المصادر:
اللولو، هالة صلاح الدين (2005)؛ كيف أسلمت؟ دمشق: دار الفكر.
منشور بتاريخ 16 إبريل 2016 في صفحة "أقلام سلفية" على الفيسبوك: www.facebook.com/aklamsalafya