عدد الزيارات: 3.4K

طوق النجاة


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 08/12/2019 هـ 10-04-1441

يعيش المشاهير من فناني الغرب حياة مادية مترفة يتمناها الكثيرون.. من يتأمل حياتهم من الخارج يصل إلى نتيجة زائفة مفادها أنهم أسعد خلق الله في أرضه.. وإن كانت الحقيقة عكس ذلك، لأنه لو تيسر لك تأمل حياتهم من الداخل ستجدهم أكثر الناس افتقارًا للسعادة.. أنت تراهم يتوسدون جبالًا من زخرف المادة، لكنهم في الحقيقة يعيشون في الدرك الأسفل من الخواء الروحي.. يبتسمون في فرح أمام الآخرين بينما تخفي الأقنعة التي على وجوههم تأوهات لا تحصى ولا تعد.. من هؤلاء قلة محظوظون هداهم الله إلى نور الإسلام فعثروا على السعادة الحقيقية وركلوا وراءهم زخرف المادة ليرتقوا بأرواحهم إلى فلك السكينة والطمأنينة، ومن هؤلاء بطلة قصتنا المصورة الأمريكية نيكول كوين ندعوكم للتعرّف إلى قصة إسلامها..

ولدت نيكول من أبوين مسيحيين في ولاية تكساس في شهر مايو من عام 1981م.. قضت معظم طفولتها مع شقيقها الأكبر جوي في هيوستن وأورانج بتكساس.. عندما بلغت الثامنة من عمرها انتقلت مع شقيقها جوي إلى بلدة صغيرة جنوب دالاس، وبقيت هناك حتى تخرجها في المدرسة الثانوية.. وعندما بلغ عمرها 17 سنة استأجرت شقة خاصة بها لتبدأ حياتها المستقلة.

امتهنت نيكول التصوير الفوتوغرافي مستفيدة من دراستها في أثناء وجودها في المدرسة الثانوية.. قضت فترة من حياتها المهنية تجوب مختلف أنحاء الولايات المتحدة متنقلة من أستوديو إلى آخر ثم استقرت قليلًا في نيويورك قبل أن تعود إلى جذورها الجنوبية، في تكساس لبدء مشروعها في أستوديو التصوير الخاص بها.

كانت نيكول تركز في جلّ عملها التصويري على الحفلات الليلية وسرعان ما اشتهرت كمصورة فاتنة متميزة في دالاس، كما حصلت على ثقة عدد كبير من مشاهير الحياة المرفهة، بل ظهرت في وسائل الإعلام جنبًا إلى جنب مع أسماء كبيرة مثل جوستين تيمبرليك، وكيت هدسون، وتومي لي، وعدد لا يحصى من الرياضيين والممثلين والموسيقيين الآخرين.. وهنا تتحدث نيكول عن حياتها السابقة: "أتذكر تلك الحياة بأسى حيث شرب الخمر عادة طبيعية والمرور على ناديين أو ثلاثة في كل ليلة قبل العودة لبيتي في الثالثة صباحًا ثم النوم حتى الظهيرة وفعل الشيء نفسه مرة أخرى في الليلة التالية".

برغم حياتها المترفة بدأت نيكول تشعر بأنها تفتقر إلى الروح حيث تعيش حياة بائسة تخلو من أي هدف وهنا تساءلت عن معنى وجودها في الحياة قائلة: "قلت في نفسي الحياة المادية تحيط بي من كل جانب، والجشع هو سيد الموقف في كل مكان، عليّ أن أقوم برحلة للبحث عن روحي".

تواصلها مع بعض المسلمين جعل بصيصًا من الضوء يتسرب إلى داخل نفسها.. بدأت تقرأ عن الإسلام في محاولة منها لاستكشاف هذا الدين الجديد الذي بهرها أصحابه بحديثهم عنه في جلساتهم معها.. أخذت تتوسع في قراءتها شيئًا فشيئًا حتى صارت تسهر الليل في القراءة حتى شروق الشمس.. إلى جانب الكتب بدأت تبحث في شبكة الإنترنت.. استوقفتها كثيرًا قصص المهتدين إلى الإسلام على قناة "يوتيوب"، فوجدت نفسها في قصصهم جنبًا إلى جنب مع الطمأنينة والصدق لا لشيء إلا لأنهم قاموا قبلها بنفس الرحلة رحلة البحث عن الحق وجوهر الحياة.

وخلال فترة بحثها وقراءتها عن الإسلام تعرفت نيكول إلى شاب مسلم من الأردن زوّدها بنسخة من ترجمة معاني القرآن الكريم بالإنجليزية.. ما أن بدأت نيكول تقرأ ترجمة معاني القرآن الكريم حتى شعرت بالطمأنينة والسكينة تسري في أوصالها وأحست بجمال الحياة.. لاحظت فرقًا شاسعًا بين حياتيها الأولى والثانية.. بل بدأت تتغير شيئًا فشيئًا حتى لاحظ أصدقاؤها تغييرات جذرية في كل من سلوكها ومظهرها الشخصي إذ لم تعد ترتدي تلك الملابس الكاشفة التي كانت ترتديها من قبل، بل توقفت عن حضور الحفلات الليلية وأصبحت تمارس مهنتها في التصوير نهارًا وتعود بسرعة إلى بيتها لتعاود القراءة عن الإسلام وتاريخه وحضارته، فضلًا عن مداومة الاطلاع في معاني القرآن الكريم. 

فكرت بعدها في الذهاب إلى المسجد لكي تتعرف إلى حياة المسلمين عن قرب فاحتارت في ما تلبسه للقاء المسلمات هناك.. وهنا تقول: "أدركت أنني كنت أرتدي ملابس فتاة رخيصة، ولا شيء لدي يصلح كي أذهب به إلى المسجد للتعرف إلى المسلمات والالتقاء ببعضهن.. توجهت إلى خزانة ملابسي الضخمة.. لم أجد غير فساتين ضيقة فاتنة.. قلت والدموع تنهمر على خدي: لا.. لا أريد هذا بعد الآن! وأخذت أمزق كل الملابس غير المحتشمة وألقي بها في كومة ورائي. كما بدأت أشتري الملابس والتنانير الطوال وأحسست براحة لأنني بدأت أحمي جسدي من النظرات. وبعد فترة قال لي بعضهم لقد أصبحت أجمل منذ بدأت تأكلين أكلًا صحيًّا وتنامين بالليل وترتدين هذه الملابس فقلت في نفسي: "الإسلام هو السبب، إنه الدين الحق، يطهر الروح ويحافظ على الجسد".

انهمكت نيكول في دراسة الإسلام لمدة ستة أشهر وطبقت كل ما تعلمته عنه فشهدت تحسينات في حياتها، وقررت أن تعلن للآخرين، ما شعرت به في قلبها.. نعم قررت أن تسلم لله رب العالمين.. وفي شهر مايو عام 2007 دخلت مع عدد قليل من الصديقات المسلمات إلى مكتب نظيف صغير لإمام مسجد تركي.. وهنا تقول نيكول واصفة في فرح طفولي بريء لحظات اعتناقها الإسلام: "وصل الإمام بعد دقائق كان رجلًا كبيرًا، متواضعًا نبرة صوته رحيمة وشعرت أني سألتقط طوق النجاة أخيرًا.. نظرت إلى أسفل واحمر وجهي خجلًا، مع ابتسامة كبيرة، وأوضح الإمام الهادئ ما سأقوم به فرددت وراءه الشهادتين بسهولة وشعرت أنها أكثر الكلمات جمالًا التي نطقتها شفتاي في حياتي.. أحسست أنني ولدت من جديد".

فور إسلامها وجدت نيكول كوين وظيفة جديدة نهارية في شركة كبيرة وسط مدينة دالاس.. نمت علاقتها مع الله داخل قلبها، وفي الوقت ذاته طوّرت معرفتها بالشاب الأردني الذي أهداها نسخة من ترجمة معاني القرآن الكريم بالإنجليزية.. دعاها الشاب بعد ذلك لزيارة عائلته في الأردن وفي نوفمبر من عام 2008 توجت علاقتهما بالزواج.. أحست حينذاك نيكول بالسعادة حيث شعرت بأن حياتها أصبحت ذات معنى لكونها أصبحت فردًا في عائلة مسلمة.

تجدر الإشارة إلى أن نيكول نشرت قصتها مع الإسلام في فيديو على قناة اليوتيوب نفسها التي داومت على مشاهدتها من قبل وتعرّفت من خلالها إلى حياة المهتدين.. وقد حققت قصة إسلامها نسبة مشاهدة عالية وبالملايين لمشاهدين ينتمون إلى جميع دول العالم.

سبحان الله!.. كان همها الوحيد التقاط صور المشاهير في اللحظات التي يفضلونها.. وكان عالمها الجميل عالم الليل حيث السهر والموسيقى والخمر والاختلاط المذموم.. أصبحت الأولى في عملها على مستوى حفلات دالاس بولاية تكساس الأمريكية.. ربحت المال الوفير وارتدت أغلى الثياب وتعرّفت إلى أبرز الشخصيات، ومع ذلك شعرت بأنها ضائعة وأن كل ما تفعله بلا هدف ولا معنى.. بدأت رحلة بحثها عن الحقيقة مستعينة بأصدقاء لها كانت تراهم واثقين بخطواتهم مطمئنين في حياتهم يمشون على الأرض ملوكًا وملكات لباسهم التقوى وعلى رؤوسهم تيجان الحياء.. وصلت عبرهم إلى منصة التتويج حيث أصبحت مسلمة تنعم بالطمأنينة والسكينة ذاتهما اللتين كانوا ينعمون بهما وحيث حصلت على السعادة الحقيقية التي لم تشعر بها من قبل برغم حياة الترف التي كانت تغمرها من شعر رأسها حتى أخمص قدميها.

فالترف الحقيقي هو نعيم الإيمان.. أن يحيا قلب الإنسان بالإيمان..

أن يحفظ المرء كإنسان تكريم الله له.. وقمة تكريم الإنسان هو التكريم بالإيمان..

فلا يشعر بالتكريم من عاش في الضلال ولو كان ملكًا من ملوك الدنيا..

ملوك وملكات الآخرة هم المؤمنون بالله..

اسألوا الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

------------------------

المصادر:

جمعية النجاة الخيرية؛ سلسلة قصص مشاهير المهتدين (37): المصورة الأمريكية نيكول كوين.

مادة صوتية بعنوان: "رحلة نيكول كوين من المسرح إلى الحكمة"؛ استرجعت بتاريخ 9 أغسطس 2017، من موقع: https://jameelvoice.wordpress.com

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.