للقرآن منهج إحصائي رائع في اختيار الأرقام والأعداد! كيف؟
يتألف القرآن من 114 سورة، كل منها تحمل رقمًا واحدًا يدل على ترتيبها في المصحف، وبذلك يكون لدينا سلسلة الأرقام والأعداد من 1 إلى 114 موزعة على مجموع السور. وكما أن لكل سورة في القرآن رقمًا دالًّا على ترتيبها، وهناك لكل سورة أيضًا رقم آخر دالّ على عدد آياتها. وإذا كانت الأرقام الدالة على ترتيب السور متسلسلة من 1 إلى 114 فإن الأرقام الدالة على عدد آيات السور ليست كذلك، بل متفاوتة ومتباينة ما بين 3 آيات كحدّ أدنى إلى 286 آية كحدّ أقصى، مع ملاحظة أن هناك أرقامًا وأعدادًا تشترك فيها أكثر من سورة..
على سبيل المثال:
هناك 3 سور عدد آيات كل منها 3 آيات (العصر- الكوثر – النصر).
وهناك سورتان عدد آيات كل منها 4 آيات (قريش – الإخلاص).
وهناك 4 سور عدد آيات كل منها 5 آيات (القدر – الفيل – المسد – الفلق).
وهناك 5 سور عدد آيات كل منها 8 آيات (الشرح – التين – البيّنة – الزلزلة - التكاثر).
وهناك 5 سور عدد آيات كل منها 11 آية (الجمعة – المنافقون – الضحى - العاديات – القارعة).
وهكذا قد تشترك أكثر من سورة في عدد الآيات نفسه.
ومن هذا المنطلق يتضح أن هناك أرقامًا وأعدادًا لم ترد ضمن مجموعة الأرقام الدالة على عدد آيات السور مثل الأرقام والأعداد: 1، 2، 10، 16، 23، 27، إلخ.. وعددها 50 رقمًا وعددًا مختلفًا، حيث لا تجد أي سورة في القرآن تحمل من هذه المجموعة رقمًا دالًا على عدد آياتها. ومن خلال حصر شامل للأرقام والأعداد التي أخذها القرآن أو تركها للدلالة على عدد آيات سوره من سلسلة الأعداد 1 – 114، يتضح الآتي:
استخدم القرآن 32 عددًا زوجيًّا، وترك 25 عددًا زوجيًّا!
استخدم القرآن 32 عددًا فرديًّا، وترك 25 عددًا فرديًّا!
تأمّل هذا التماثل التام في الأعداد المستخدمة، وغير المستخدمة في القرآن!
كيف نفسِّر استخدامه 32 عددًا زوجيًّا، ومثلها تمامًا 32 عددًا فرديًّا؟!
وكيف نفسِّر تركه 25 عددًا زوجيًّا ومثلها تمامًا 25 عددًا فرديًّا؟!
تأمّل جيّدًا العددين 32 و25
العدد 32 هو 2 × 2 × 2 × 2 × 2، أي الرقم 2 مضروبًا في نفسه 5 مرّات!
العدد 25 هو 5 × 5، أي الرقم 5 مضروبًا في نفسه مرّتين!
وبلغة علم الرياضيات، فإن العدد 32 هو 25، أي الرقم 2 مرفوع إلى القوة 5
أما العدد 25 فهو 52، أي الرقم 5 مرفوع إلى القوة 2
تأمّل..
للدلالة على عدد آيات سوره، استخدم القرآن 64 عددًا من السلسلة 1 – 114 وتجاهل 50 عددًا، وهذه الأعداد (64 و50) يمكن صفها بطريقتين:
الطريقة الأولى ينتج منها العدد: 5064 والطريقة الثانية ينتج منها العدد: 6450
ومجموع العددين 5064 + 6450 يساوي 11514، فماذا يعني هذا العدد؟
هذا العدد 11514 يساوي 114 × 101
114 هو عدد سور القرآن!
101 هو عدد السور التي يقل عدد آياتها عن 114 آية!
وهذا يعني أن هناك 13 سورة عدد آيات كل منها أكثر من 114 آية. وهذا يعني أيضًا أن القرآن استخدم 13 عددًا من خارج السلسلة 1 – 114 للدلالة على عدد آيات سوره. ويعني أيضًا أن القرآن استخدم 77 عددًا مختلفًا للدلالة على عدد آيات سوره جميعًا. الآن إليك هذه الآية:
وَقَالَ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيْلًا (32) الفرقان (25)
من السلسلة 1 – 114 استخدم القرآن 32 عددًا زوجيًّا، و32 عددًا فرديًّا، وهذا العدد هو رقم الآية!
من السلسلة 1 – 114 ترك القرآن 25 عددًا زوجيًّا، و25 عددًا فرديًّا!
والعدد 25 هو ترتيب سورة الفرقان التي وردت فيها هذه الآية!
من داخل السلسلة 1 – 114 وخارجها استخدم القرآن الكريم 77 عددًا!
والعدد 77 هو عدد آيات سورة الفرقان التي وردت بها هذه الآية!
الآن نعود مرّة أخرى، ونتدبَّر الآية ومعناها، حيث يقول الذين كفروا بالله.. هلَّا أُنزل هذا القرآن على مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- جملة واحدة، كما نزلت الكتب السابقة، فيجيبهم الله عزّ وجلّ، بأنَّ نزول القرآن منجَّمًا في 23 عامًا بحسب الوقائع والأحداث وما يحتاج إليه من الأحكام، ليثبّت به قلب نبيه ويقوّيه، فيعيه ويحمله ويكون أيسر على المؤمنين فهمه وتطبيقه، كما أن نزول القرآن منجَّمًا حَسْب الأحوال يعني أن الصلة بالسماء سوف تكون مستمرّة، بما يقوِّي المنهج ويجدّد الإيمان.
معنى دقيق جدًّا في البناء الإحصائي للآية!
إذا تأمّلت البناء الإحصائي للآية نفسها، فإن الأرقام تفصح عن معنى دقيق جدًّا، قد لا ينتبه له كثير من الناس، وهو أن نزول القرآن منجَّمًا لا يخلّ بنظمه وترتيبه، لأن القرآن نزل في بادئ الأمر جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم نزل بعد ذلك منجَّمًا في 23 عامًا، وبعد اكتمال نزوله كانت النسخة التي في صدر النبي -صلى الله عليه وسلّم- والصحابة- رضي اللَّه عنهم- هي صورة طبق الأصل مما هي عليه في اللوح المحفوظ.
ويمكنك أن تلاحظ أن الآية لم تنص صراحة على حقيقة نزول القرآن منجَّمًا في 23 عامًا، وإن كان ذلك يُفهم من السياق العام، إلا أن الأرقام كان لها رأي آخر. فتأمّل تكرار حرف التاء في الآية 4 مرّات، والراء 4 مرّات، والياء 3 مرّات، واللَّام 12 مرّة. وهذه الأحرف الأربعة هي أحرف كلمة "ترتيل".. وهي الكلمة التي تكرّرت في خاتمة الآية، ومجموع تكرار حروفها 23 مرّة بعدد أعوام الوحي!
بل إذا تأمّلت عدد حروف الآية نفسها تجده 69 حرفًا، وهذا العدد يساوي 23 + 23 + 23
وإذا تأمّلت رقم الآية نفسها 32 تلاحظ أنه صورة معكوسة للعدد 23
وإذا تتبّعت آيات سورة الفرقان من آخرها، فسوف تلاحظ أن الآية 32 تأتي في الترتيب رقم 46
وهذا العدد = 23 + 23
انطلاقًا من هذه المعطيات
تفحَّص أحرف الآية.. تجد أن هناك 5 أحرف (ب د ذ ف ق) تكرّر كل منها مرّتين تحديدًا، وفي المقابل هناك حرفان (ن و) تكرّر كل منهما 5 مرّات تحديدًا!
هذه المعطيات تردّنا مرّة أخرى إلى رقم الآية 32
وهذا العدد يساوي 2 مضروبًا في نفسه 5 مرّات.
ورقم السورة 25، وهذا العدد يساوي 5 مضروبًا في نفسه مرّتين.
موقع هذه الآية محدد بدقّة
جاءت قبل 45 آية من نهاية السورة.
فإذا أضفت هذا العدد إلى عدد حروف الآية، وعددها 69 حرفًا، فإن الناتج هو 114
وهذا هو عدد سور القرآن!
تأمّل العدد 45
فهو مجموع الأرقام 1 إلى 9
وجميع هذه الأرقام وردت في القرآن وتكرّرت بحساب دقيق جدًّا على النحو الآتي:
مجموع الأرقام التسعة من دون تكرار يساوي 45 أي 5 × 9
مجموع حاصل ضرب الأرقام × تكرارها يساوي 570، أي 5 × 114
والعدد 114 هو عدد سور القرآن.
فتأمّل هذا النظام الرقمي العجيب!!
------------------------------------------------------------------
المصدر:
مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).