عدد الزيارات: 6.2K

الطبقات الثلاث


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 20/03/2019 هـ 11-03-1438

من أهم سمات القائد حرصه على البحث عن الحقيقة..

لو استسلم لغيرها واعتمد على غيرها لهلك وهلك جيشه..

يتحصن بالصدق.. يتمترس خلف الحق.. يحارب الضلال..

هكذا كان بطل قصتنا..

هكذا أخذ من صفات مهنته العسكرية ما يصل به إلى الإيمان..

قائد بحث عن الحقيقة وحارب أوهام العقيدة وضلالها..

ولد في العاشر من ديسمبر من عام 1876م.. كان سياسيًّا إنجليزيًّا معروفًا.. نال لقب بارون من الدرجة الثانية في عام 1919م.. شغل منصب قائد سلاح الدفاع الملكي البريطاني، كما كان رئيسًا لجمعية سلسي للمحافظين.. إنه "سير سارلز إدوارد آرشيبالد واتكنز هاملتون" الذي تحول اسمه إلى السيد عبدالله آرشيبالد هاملتون عقب إسلامه.. فما هي قصته؟

في حديثه عن رحلته من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، يقول آرشيبالد هاملتون:

جمال الإسلام الوضيء ونقاؤه البسيط ظلا يشدانني إليه على الدوام منذ أن بلغت سن الرشد.. وعلى الرغم من ولادتي ونشأتي في بيئة نصرانية قحّة، لم أؤمن يومًا بالجانب التعسفي من الكنيسة، لأنني كنت على الدوام أقدّم المنطق والعقل على الإيمان الأعمى المجرّد.. شيئًا فشيئًا وبمرور الوقت أصبحت أتمنى العيش بسلام مع خالقي.. وفي المقابل أيقنت تمامًا أنه لا فائدة لي أرجوها وانتظرها سواء من الكنيسة الإنجليزية، أو حتى من كنيسة روما بالفاتيكان أولى الكنائس وقبلة المسيحيين.

يقول آرشيبالد هاملتون: اعتناقي للدين الإسلامي لم يأت مصادفة أو اعتباطًا.. لقد جاء تلبية خالصة لما يمليه عليَّ ضميري.. ومنذ أن منَّ الله تعالى عليَّ بنعمة الإسلام أصبحت أشعر بأنني تحولت إلى رجل أفضل حالًا، بل أصبحت إنسانًا حقيقيًّا بقدر ما تعني هذه الكلمة من معنى.. وما آلمني عقب إسلامي حقيقة مرّة مفادها أنه لا يوجد دين من الأديان تعرّض لمثل ما تعرّض له الإسلام من إساءة وتشويه شديدين على يد جهلة ومتزمّتين لا يفقهون ما يقولون.. ويا ليت قومي يعلمون!.. يا لجمال الإسلام!.. إنه يمنح القوة للضعيف.

ويضيف آرشيبالد هاملتون: تنقسم البشرية وفقًا لوجهة نظري إلى ثلاث طبقات: طبقة أولى تتمثل في أولئك الذين حباهم الله تعالى من فضله وآتاهم الملك والثروة.. وطبقة ثانية تتمثل في أولئك الذين لا مناص لهم من الكدّ والعمل لكسب معاشهم وقوت يومهم.. ثم طبقة ثالثة تتمثل في ذلك الحشد المهول من المتعطشين أو الذين سقطوا على جانب الطريق بلا ذنب جنوه.

يقول آرشيبالد هاملتون: يعترف الإسلام بالعبقرية ويحتفي بالنبوغ والتميز الشخصي.. فالإسلام دين بناء وعمارة وليس دين دمار وتخريب.. فهو -أي الإسلام- يحظر على معتنقيه لعب الميسر والانخراط في مختلف صفقات اليانصيب، كما يحرّم عليهم كل أنواع المشروبات الكحولية وكذلك الحال مع الربا السبب الرئيسي في الكثير من حالات الأسى والشقاء التي عاناها بنو البشر على مر التاريخ وفي مختلف الأمكنة.. نعم يمنع الإسلام أي نوع من الاستغلال الدنيء الذي قد يقترفه بعضهم ضد آخرين.

ويسترسل السيد عبدالله آرشيبالد هاملتون قائلًا: نحن المسلمين لا نؤمن بالقدرية والجبرية وإنما نؤمن بالقضاء والقدر، وبالنسبة إلينا تعدّ العقيدة بلا عمل أمرًا وهميًّا لا وجود له ألبتة، لأنه لا فائدة للعقيدة إذا لم نسع إلى تطبيقها على أرض واقع حياتنا.. وأكثر من هذا نحن نؤمن بأننا محاسبون على أعمالنا في الحياة الدنيا والآخرة.. كما أن على كل واحد منا تحمُّل أعبائه؛ حيث لا تزر وازرة وزر أخرى.

وأضاف عبدالله آرشيبالد هاملتون قائلًا: إن الإنسان -وفقًا للفهم الإسلامي للطبيعة البشرية- يولد على الفطرة مبرّأً من أي ذنب، كما أشار إلى أن الإسلام يقرُّ بحقيقة أن الرجل والمرأة ينحدران من نفس واحدة وجوهر واحد، وأن الله عزّ وجلّ منَّ عليهما بمقدرات متساوية في جوانب الفكر والروح والخلق.

ويقول: أنا لست في حاجة إلى أن أتحدث بإسهاب عن مبدأ الأخوة العالمية بين البشر في الإسلام، لأنها حقيقة مسلّم بها، إذ إن الجميع -أميرهم وحقيرهم وغنيهم وفقيرهم- سواسية كأسنان المشط.. وقد لمست هذه الروح الكريمة الطيبة بين إخوتي المسلمين.

وفي خاتمة حديثه ذكر عبدالله آرشيبالد هاملتون ما معناه: بينما يعبد المسلمون الله تعالى ويوادُّون عبادته في كل لحظة، فإن النصارى يتعبدون في أيام الآحاد فقط، بينما يخصِّصون بقية أيام الأسبوع لافتراس عباده ومخلوقاته.

 يا لها من خاتمة باهرة!!

إنها مقارنة موضوعية مهمة بين الإسلام والنصرانية أتت من رجل علّمته التجربة..

رجل ناضج عاش حياته في معسكري الإيمان والضلال..

بل رجل سعيد الحظ أنعم الله تعالى عليه بأن حوَّله من سياسي إنجليزي معروف وقائد لسلاح الدفاع الملكي البريطاني إلى داعية إسلامي همام، ومدافع صادق عن الإسلام لا يخشى في قول الحق لومة لائم..

بحث عن الحق.. فلما عرفه لزمه ودافع عنه..

حقيقة الأمر أنه كان يدافع عن آخرته.. عن مآله..

جميعنا.. يحمل أمام نفسه مسؤولية الدفاع عن آخرته ومآله..

أنت القائد.. قائد روحك وقلبك وعقلك..

فهل ستتركها للهلاك والضلال..

أم ستحميها وتقودها إلى السعادة والخلود في الجنة؟!!

اسأل الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

--------------------------------------

المصادر:

العشّي، عرفات كامل (2001)؛ رجال ونساء أسلموا؛ القاهرة: المكتب المصري الحديث.

عبد الصمد، محمد كامل (1995)؛ الجانب الخفي وراء إسلام هؤلاء؛ ثلاثة أجزاء؛ القاهرة: الدار المصرية اللبنانية للنشر.    

عثمان، محمد عثمان (2004)؛ لمَ أسلم هؤلاء الأجانب؟ (ثلاثة أجزاء)؛ سوريا: حلب: دار الرضوان.

فارس، نايف منير (2010)؛ علماء ومشاهير أسلموا؛ الكويت: دار ابن حزم.

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.