عدد الزيارات: 5.3K

العذاب الأبدي


إعداد: العذاب الأبدي
آخر تحديث: 20/03/2019 هـ 19-01-1438

أنت.. يا من لم تسلم بعد..

ماذا تنتظر؟!

لم يبق من العمر الكثير!!

العدّ التنازلي.. مستمر على مدار الثانية..

المهلة.. تقترب من النهاية..

النهاية.. لا نتمناها لك.. لمَ تغفل عنها؟!

قلبك يحمل إيمانًا فطريًّا بالله.. بالتأكيد..

العظماء كلهم بحثوا فلم يجدوا إلا الله.. تركوا الملذات كلها.. تركوا الأوهام كلها.. نهلوا بعد العطش حتى ارتووا من الإسلام.. هاهو واحد منهم.. يخبرك بنفسه.. كان بارونًا إنجليزيًّا ذائع الصيت.. تخرج في جامعة أوكسفورد... يمتلك شعبية كبيرة ويحظى بسمعة عريضة.. تربى تحت تأثير أبوين مسيحيين.. اهتم في صغره بعلم اللاهوت، كما اهتم لاحقًا بالعمل التبشيري.. رغبته في الخضوع للإله الحق وعبادته، وما وجده من تناقض وتحريف في المذاهب المسيحية دفعاه إلى أن يبدأ رحلته الحقيقية في البحث عن الحق.. كرّس وقته لدراسة الإسلام؛ فوجد الجوهرة الثمينة التي ظل يبحث عنها لسنوات طويلة..

إنه اللورد جلال الدين برانتون بطل هذه القصة الذي يحدثنا عن قصة إسلامه فيقول: منذ سنوات ليست بالكثيرة انصب اهتمامي على عقيدة (العذاب الأبدي) لكل البشرية باستثناء بعض المختارين.. دراستي لهذه العقيدة جعلتني أمقتها بشدة كما أدخلت الشك إلى نفسي.. تفكيري المنطقي أوصلني إلى حقيقة مغايرة مفادها أن الإله الذي يستخدم قدرته لخلق الكائنات البشرية بحيث يجعلها معذبة للأبد يستحيل أن يكون إلهًا حكيمًا أو محبًّا -تعالى الله عما يصفون علوًّا كبيرًا- إذ إن مستواه -لو كانت هذه صفاته- لا بدّ من أن يكون أقل من الكثير من البشر الذين يتسمون ولو بقدر يسير من الحكمة.. وعلى الرغم من هذه الوساوس لم أترك اعتقادي بوجود الله تعالى.. كنت نافرًا من قبول الفهم السائد للتعاليم التي تقوم بالوحي الإلهي للرجال.. تركت المسيحية جانبًا وحولت اهتمامي للتحقيق في الأديان الأخرى.

شيئًا فشيئًا كبرت في داخلي الرغبة الصادقة في الخضوع للإله الحق وعبادته.. وعلى الرغم من أن المذاهب المسيحية جميعها تدعي أنها أُسِّست على الإنجيل فإنني وجدتها متناقضة فضلًا عمّا يكتنفها من التحريف، ولهذا السبب قررت دراسة الإنجيل بصورة عميقة وموضوعية.. شعرت من خلال دراستي للإنجيل بأن هناك شيئًا ناقصًا.. صممت على إكمال ذلك النقص بنفسي، بغض النظر عن مذاهب البشر.. بدأت أتعلم بأن الناس يمتلكون "الروح" وأنهم يستحوذون على "قوة ما غير مرئية" وهي قوة خالدة، كما بدأت أتعلم حقيقة أن الآثام لن تذهب هباء وأن الله تعالى سيعاقب عليها في هذا العالم وفي العالم الآخر، كما توصلت إلى حقيقة جلية مفادها أن الله تعالى الغفور الرحيم سيغفر ذنوبنا -برحمته وإحسانه- إذا ما تبنا إليه توبة نصوحًا خالصة.

 وأضاف اللورد جلال الدين قائلًا: ما توصلت له سابقًا من نتائج دفعني إلى إجراء المزيد من الدراسات العميقة.. وفي إطار بحثي المضني عن "الجوهرة الثمينة"، كرّست وقتي لدراسة الإسلام؛ ففي ذلك الوقت شدني شيء إليه.. في مكان مغمور من قرية "إتشرا" بدأت أكرس وقتي لعبادة الله العظيم وسط أدنى طبقات المجتمع، مع رغبتي الصادقة في رفعهم إلى مستوى معرفة الإله الحق والواحد، إضافة إلى حرصي على أن أغرس في نفوسهم الشعور بالأخوة والطهارة.

وأضاف اللورد جلال الدين قائلًا في تواضع: لا أود الحديث عن كيفية عملي بين أولئك الناس، ولا الحديث عن التضحيات التي قدمتها لهم أو المصاعب الكثيرة التي مررت بها.. كل ما يمكنني قوله -ببساطة ودونما تعقيد- هو أنني واصلت العمل بينهم من أجل تحقيق هدف واحد، هو خدمة تلك الطبقات البسيطة ماديًّا ومعنويًّا.

وأخيرًا بدأت خطوتي نحو الهدي الإلهي بدراسة حياة النبي محمد -صلى الله عليه وسلّم-.. فيما مضى لم أكن أعرف إلا القليل مما فعله، مقابل معارف مغلوطة كثيرة تشتمل على إدانة المسيحيين لمجده وتشويه لصورته.. قررت حينها أن أنظر في المسألة بصورة موضوعية محايدة بعيدًا عن روح الحقد والتعصب.. وبعد مرور وقت ليس بالطويل توصلت إلى استحالة وجود شك في جدية بحث النبي محمد -صلى الله عليه وسلّم- عن الحق وعن الله تعالى. 

وعقب قراءتي عن الإنجازات التي حققها النبي محمد -صلى الله عليه وسلّم- للبشرية أدركت كم هي خاطئة ومجحفة إدانة المسيحيين لهذا الرجل المقدّس.. لقد غيَّر قومه نحو الأفضل أيما تغيير؛ إذ غرس فيهم مكارم الأخلاق.. فبينما كانوا في الجاهلية يعبدون الأصنام، ويعيشون على الجريمة، ويتمرغون في أوحال القذارة والعري، حطم أصنامهم وجعلهم يعبدون الله تعالى الإله الحق.. علّمهم كيف يلبسون.. استبدل طهارة طيبة بقذارتهم القبيحة، وأكسبهم كرامة شخصية واحترامًا ذاتيًّا.. أصبح كرم الضيافة عندهم واجبًا دينيًّا.. بل أصبحت الأمة الإسلامية هي المجتمع الشامل القوي والأكثر منعة في العالم.. لقد أنجزت هذه الأمة الكثير من الأعمال الخيّرة الجليلة التي هي من الكثرة بمكان بحيث لا يمكننا ذكرها هنا.

واستنكر اللورد جلال الدين -في حرقة- ما فعله المسيحيون في صناعتهم لصورة ذهنية مشوّهة عن رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلّم- فقال: "كم هو محزن أمام كل هذه العبقرية الباهرة تكريس المسيحيين الجهد للحط من قدر هذا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلّم-.. استحوذ عليّ حينذاك تفكير عميق.. في أثناء تأملاتي تلك زارني سيد هندي اسمه "معين أمير الدين".. لقد سخّره الله تعالى ليهب الهواء على جذوة النار التي تتأجج بداخلي لتزداد اشتعالًا.. تأملت الأمر بشكل أكثر عمقًا.. بدأت أقدم الحجج واحدة تلو الأخرى منتقدًا الدين المسيحي المعاصر، ومناصرًا للإسلام الذي اقتنعت تمام الاقتناع بأنه دين الحق، واليسر، والتسامح، والإخلاص، والأخوة".

اعتنقت الإسلام وقلت في نفسي لم يتبق لي من العمر الكثير لأعيشه على ظهر هذه الأرض، وبالتالي أريد أن أكرّس كل ما بقي لي منه في خدمة الإسلام..

نختتم قصة اللورد جلال الدين بالتأكيد أن لصاحب الفطرة السوية نفسًا طيبة لا تخلد إلى الانشغال بملذات الدنيا التي وفرها المجتمع المادي لصاحبها، إذ سيظل يعيش في حالة أرق وقلق دائمين يبحث عن الحقيقة إلى أن يسخّر له الله تعالى شخصًا يشكل في حياته علامة فارقة كما سخّر لبطل قصتنا هذا صديقه الهندي الذي نفخ في جذوة نار الهدى التي تعتمل داخل قلبه هبة من هواء زادتها اشتعالًا ليتحول من مسيحي رضع الكره للإسلام إلى داعية مثابر يدعو بني قومه وغيرهم إلى حبه والدخول في رحابه..

وسبحان من يهدي أشد العصاة والكارهين للإسلام..

ليس فقط ليدخلوا فيه ويؤمنوا به.. بل ليكونوا دعاة إليه..

إن هذا لآية في حد ذاتها لو تدبرها غير المسلمين!!

آيات في الإيمان.. آيات في التدبير..

آيات في محبة الله لمن يصدق النية في البحث عنه..

تدبروا الآيات فالعمر لحظة..

لحظة لا تمهل من حانت لحظته..

اسألوا الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

------------------------------------

المصادر:

الألفي، أسامة (2005)؛ لماذا أسلموا؟ القاهرة: أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي.

برير، الصادق أحمد عبد الرحمن (2010)؛ عظماء أسلموا؛ الرياض: دار الحضارة للنشر والتوزيع.

عبد الصمد، محمد كامل (1995)؛ الجانب الخفي وراء إسلام هؤلاء؛ ثلاثة أجزاء؛ القاهرة: الدار المصرية اللبنانية للنشر.    

فارس، نايف منير (2010)؛ علماء ومشاهير أسلموا؛ الكويت: دار ابن حزم.

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.