عدد الزيارات: 9.3K

الكتاب المذهل


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 20/03/2019 هـ 03-07-1438

أعجب عجائب الإنسان هو إصراره على أن يلقي بنفسه إلى التهلكة!!

أن يرى النور ساطعًا.. ثم يسأل: أين الشمس؟!

نجاته من النار.. خلوده في الجنة..

يسعى بعضهم لتحويله إلى نجاة من الجنة.. وخلود في النار!!

أي عبث يسجن بعضهم أنفسهم فيه؟!! ولمَ؟!!

الإسلام هو الدين الحق..

القرآن هو كلام الله..

كيف يكون في ذلك شك؟!!

كل الدلائل تؤكد ذلك..

أدلة تاريخية.. دلائل علمية.. مؤشرات عقلية ومنطقية..

تجارب إنسانية واقعية.. ماذا نريد أكثر من ذلك؟!!

بطل قصتنا.. دليل بشري حي يؤكد ذلك فتأمّل قصته..

في طفولته كان متدينًا وقارئًا للكتاب المقدس.. وفي صباه تلقى تعليمه في مدارس كاثوليكية.. وفي شبابه حصل على البكالوريوس في الفلسفة والماجستير في الفنون ودرجة الدكتوراه في الفلسفة.. وفي كبره مارس كل المنكرات بكل ألوانها.. عقب كل ذلك قطع على نفسه عهدًا تعبديًّا بأن يسلك "جميع طرق الدين" حتى يصل إلى النور ويجد الله.. درس مشارب لاهوتية شتى فانتابه الشك في الكثير من تعاليم ديانته الأساسية. أمضى سنوات يدعو الله في الليل أن يعلمه بوجوده إن كان له وجود؛ فهداه الله تعالى إلى الإسلام.. إنه جريميا الأمريكي الجنسية الأيرلندي الأصول.. دعونا نتعرف قصة اعتناقه الإسلام التي يتحدث عنها بنفسه.

 قال جريميا: عندما حان وقت كتابتي لأطروحة الدكتوراه في الفلسفة، وجدت أنه يتحتم عليّ تضمينها جزءًا يتناول أي دين آخر ما عدا الدين المسيحي، فقدّر لي الله أن أختار الدين الإسلامي.. الحقيقة حتى ذلك الوقت لم أكن أعرف عنه شيئًا.

في البدء جذبني الإسلام إليه إلى حد ما وذلك بسبب اختلافه عن المألوف، وعلى الرغم من ذلك لاحظت في داخل نفسي تحيزًا ضده.. وشعرت وكأن هناك قوى خفية تدفعني بعيدًا عنه وهي قوى على ما أعتقد موروثة من الحملات الصليبية، الأوروبية الأمريكية غير المنصفة ضده.

واجهتني صعوبة كبيرة في العثور على كتب مناسبة عن الإسلام، الأمر الذي دفعني إلى أن أطلب أكثرها بالبريد، إلى جانب ذهابي إلى مركز إسلامي.. كان أفراد "المركز الإسلامي" يعاملونني بلطف بالغ، على عكس ما كنت أتوقع، لم يمارس عليّ أحد ضغطًا لكي أتحول عن ديني، وكل ما فعلوه هو مدّي بما كنت أحتاجه من معلومات عن الإسلام تخدم دراستي، بالإضافة إلى إجاباتهم الشافية عن كل أسئلتي.. والحق يقال وجدت منهم صراحة دافئة وود لم أجدهما في كل الولايات المتحدة.. أحدهم طلب مني النطق بكلمات الشهادة، بيد أن الآخرين سارعوا إليه في الحال، وطلبوا منه أن يصمت باعتبار أن المبادرة يجب أن تأتي مني عقب اعتقادي بصحة كلمات الشهادة التي سوف أنطقها.

وهكذا استمر حالي لسنوات قليلة، قرأت خلالها الكثير حول الإسلام، وإن كنت لم أبدأ قراءة القرآن بعد.. الحقيقة أخذ تحيزي ضد الإسلام ونفوري منه يتلاشيان كلية عندما اطلعت على القصص الصحيحة عن النبي مُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- فضلًا عن اطلاعي على التاريخ الإسلامي والمعتقدات الإسلامية.. وبناءً على نصيحة قدّمها لي صديق مخلص (غير مسلم) قرأت "سيرة مالكولم".. وما أن فرغت من قراءتها حتى شعرت برغبة قوية في الحصول على نسخة من القرآن.. وبالفعل زرت عددًا من المكتبات وحصلت على ترجمة لمعاني كلمات القرآن قام بها شخص اسمه داوود.

الحقيقة لن أنسى أبدًا ذلك اليوم الذي قرأت فيه القرآن.. لأنني وحالما قرأته تغيرت حياتي ونظرتي للعالم كما تغيرت أنا بدوري.. لقد قرأت ترجمة القرآن بأكملها في جلسة واحدة.. ليس هذا فحسب بل لا أظن أنني غيرت من وضعية جلوسي.. ما أن بدأت بالصفحة الأولى منه حتى بهرني وأخذ بلبي.. أدهشتني بدايته التي تسمى سورة "الفاتحة" وهي دعاء.. لقد أحببتها فورًا كدعاء فقد وجدتها تتسق تمامًا مع دعاء كنت أردّده سابقًا ومفاده: "أنت الله رب العالمين، اهدني، اجعلني مع الذين تحبهم". 

ووجدت القرآن في بداية السورة الثانية يصف أولئك الذين يخاطبهم ذلك الكتاب: أناس يؤمنون بالله يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويؤمنون بالرسل الذين أرسلوا إلينا، ويقول إنه حقًّا من عند الله لا شك فيه، هدى للمؤمنين..

الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) سورة البقرة 1-4.

وكان ذلك كل ما كنت أريده وأبحث عنه منذ سنوات.. هكذا وجدت القرآن الكريم يخاطبني مباشرة كفرد ودونما وسيط.. لم أجده مجرد نص قديم عمره 1400 سنة.. لقد أسرني حقًّا، وكنت أشعر وكأن رأسي يتعرض بعنف إلى الضرب بلوح خشبي أو بقطعة من الطوب.. لقد كنت مذهولًا ولا عجب في ذلك فقد وجدته كتابًا حقيقيًّا منزلًا من الله تعالى وليس "كتابة ملهمة" للكتاب المقدس.. نعم وجدته وحي مباشر ورددت في نفسي: "إنه حقًّا كلام الله، يا إلهي! إنه من الله فعلًا!.. الحقيقة كنت مفحمًا، وأنا أقرأ شيئًا مذهلًا فعلًا وبالغ الروعة".

ما حدث لي وأنا أقرأ القرآن إحساسي بأنني أقف أمام معجزة حقيقية.. إحساس يفوق بكثير ذلك الذي يمكن أن ينتابني إن رأيت شخصًا ما يسبح في الهواء ويطير أمام عيني من دون استخدامه لأي معينات.

الكثير من الأمور التي فكرت فيها سابقًا بسبب دراساتي الأكاديمية للدين وجدتها في القرآن الكريم، وليس هذا فحسب، بل أكمل لي القرآن الكريم أفكارًا ومفاهيم كنت قد أدركتها على نحو غامض.. من ناحية ثانية كشف لي القرآن عن عالم جديد بأكمله من المعاني والإمكانات.. الحقيقة انتابني إحساس من يقف أمام سهل منبسط لعالم جديد ساحر ومذهل يمتد أمامي إلى ما لا نهاية.

بعد ذلك وجدت نفسي أندفع بشغف وبلا توقف في قراءة القرآن الكريم وكنت أردد أثناء قراءتي لكل آية من آياته كلمة: "نعم... نعم".. الأمر الذي استوقفني وانشرح له صدري ما ورد في القرآن من أن يسوع المسيح لم يمت على الصليب، الأمر الذي جعل يقيني يزداد بأن القرآن هو كلام الله تعالى.. أخيرًا توصلت إلى أن هذا القرآن هو كتاب معاصر وصالح لكل زمان ومكان.

الحقيقة أردت أن أسلم بيد أنني كنت متردّدًا في نطقي بالشهادتين إذ كنت قلقًا باعتبار أنني أيرلندي أمريكي كاثوليكي، وتعلمت في مدارس كاثوليكية في الولايات المتحدة الأمريكية..

أتذكر أنني وقفت في المسجد أعمل على تصوير المصلين واحدًا تلو الآخر وهم يؤدون الصلاة.. فكرت للحظات وقلت في نفسي: "من الذي أخدعه؟ إنني أؤمن حقًّا أن مُحمدًا رسول الله".. سأكون غير صادق مع نفسي إن لم أعلن ما أعتقد أنه حق.. بعد انقضاء أسبوعين من ذلك أعلنت اعتناقي الإسلام وقلت بصوت الواثق بنفسه: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن مُحمَّدًا رسول الله".

ويختتم جريميا قصة إسلامه قائلًا: "استجاب الله تعالى لدعائي وهداني إلى الإسلام.. مضت الآن خمس سنوات على إسلامي وما زلت مذهولًا بما حدث!!.. إن الإسلام بالفعل هو الأكمل.. أقول بموضوعية مستمدة من خلفية دراستي للموضوعات الدينية.. أنا نادرًا ما تخذلني الكلمات عندما أودّ التعبير عن شيء أعجبني لكنها تخذلني بشدّة عندما تريد أن تخرج لتصف ما أشعر وأفكر به حول الإسلام والقرآن وسنة حبيبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-..

ببساطة شديدة لا أملك إلا أن أقول إن الإسلام مذهل، رائع ومفعم بالقوة والحيوية والنشاط، نابض بالحياة ومترع بالجمال، ناضج بالفكر ومتألق بالتسامح.. ولا أملك أمام كل هذه النعمة إلا أن أحمد الله سبحانه وتعالى على أن هداني لهذا الدين العظيم.. أن هداني إلى كلامه.. القرآن..".

فما أعظم أن تقرأ كلامًا.. قاله الله..

يا الله.. إنها عظمة غير قابلة للوصف..

يعجز كلام البشر عن وصف كلام رب البشر..

لذا.. لا تخدع نفسك بعد الآن..

اسأل الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله. 

--------------------------------------

المصادر:

الشافعي، ليلى: جريميا: قرأت ترجمة للقرآن فشعرت بأنه يخاطبني؛ صحيفة الأنباء الكويتية 2 أغسطس 2011.

المدرس، علاء الدين شمس الدين (2009)؛ القرآن يقوم وحده؛ بغداد: مكتبة أنوار دجلة.

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.