عدد الزيارات: 2.9K

بائع القهوة


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 21/06/2019 هـ 17-10-1440

السعادة.. سرّ من أسرار الحياة..

يبحث عنها الناس أجمعون..

وضعوا لها النظريات الفلسفية.. شكلوا مراكز قوى لاقتناصها ولو غصبًا..

باعوا الغالي والرخيص للوصول إلى المناصب المؤهلة لها.. جمعوا الأموال للشراء والتملّك..

فعلوا كل شيء للحصول على مفتاح السعادة.. وباب مدينة السعادة بلا مفتاح!!

الكل مدعو للولوج من الباب.. باب الله..

بطل قصتنا.. بحث كثيرًا عن مفتاح السعادة.. حتى وصل إليها..

إنه نجم عالمي يمتلك كل ما يخطر على قلب بشر من متاع الدنيا المادي الزائل وملذاتها الزائفة.. لكنه كان يبحث عن السعادة الحقيقية نتيجة لمعاناته من الخواء الروحي.. نصيحة من شاب مسلم دفعته إلى التواصل معه ومن ثم زيارة المسجد الذي ذهب إليه مدججًا بالسلاح وبصحبة نحو الثلاثين من الحرس تحسبًا لأي أمر طارئ، لكنه تفاجأ حينما وجد الأمر داخل المسجد على عكس ما كان يتصوره.. اعتنق الإسلام فعثر على ضالته المنشودة من السعادة وأسلم معه كل أعضاء فرقته.. عقب إسلامه ابتعد عن المحرمات وأنفق كل ثروته في وجوه الخير فتحول الملياردير الشاب من أشهر مغني الراب في العالم إلى بائع قهوة في السعودية فربح البيع.. إنه موتا واسين شاباز بيلي بطل هذه القصة ندعوكم للتعرّف إلى قصة إسلامه.

ولد موتا بيلي لأسرة مسيحية في شهر أكتوبر من عام 1977 في مدينة نيوجيرسي بولاية نيويورك.. اسمه الحقيقي هو "موتا واسين شاباز بيلي"، واسمه الحركي الذي اشتهر به هو "نابليون".. بينما "مطاع" هو الاسم الذي أطلقه عليه والداه.

شهد "مطاع بيل" في طفولته اغتيال والديه أمامه ولم يتجاوز عمره الثلاث سنوات.. وبعد اغتيالهما ظل مع شقيقه الأصغر بجوار جثتي والديهما لمدة 24 ساعة.. ويقول مطاع هنا وهو يسترجع شريط ذكريات تلك الحادثة الأليمة:

"لأني كنت مجرد طفل لا أعرف معنى الموت، فقد كنت أعض أمي محاولًا إيقاظها"..

عاش "مطاع بيل" حياة قاسية بعد مقتل والديه فانتقل إلى العيش مع جدته، وذلك ما دفعه إلى الاعتماد على نفسه منذ الصغر.

كانت أمنية "مطاع بيل" في طفولته أن يكون مغني "راب"، ولذلك أتقن غناء "الراب" بشكل لافت للأنظار فاحترف هذا النوع من الغناء وبرع فيه، ومارسه في الفترة بين 1994 و2005.. حقق مطاع نجاحات مذهلة في هذا المجال الأمر الذي جعله يكتسب شهرة لامعة على مستوى العالم وأموالًا ضخمة بلغت ملايين الدولارات، إذ وصلت مبيعات تسجيلات فرقته إلى أكثر من 4 ملايين نسخة.

لو رجعنا إلى بداياته الأولى مع الغناء نجد أن مطاع التحق في البدء بفرقة محلية تسمى "دراما سيدال" فلمع نجمه سريعًا، الأمر الذي أهّله للالتحاق بفرقة "توباك" الشهيرة وعمره لم يتجاوز 15 عامًا.. كان مطاع في ذلك العمر الباكر يكتب الشعر ويغني.. وفي شهر سبتمبر من عام 1996 اغتيل قائد فرقة توباك فتسلّم "مطاع بيل" قيادة الفرقة من بعده، فحقق لها نجاحًا كبيرًا حتى أنها باعت أكثر من 60 مليون ألبوم غنائي حول العالم.

وصلت فرقة توباك بقيادة "مطاع بيل" إلى قمة الشهرة، وأصبح قائدها من الأثرياء الذين يمتلكون أموالًا طائلة وأرصدة كبيرة في البنوك، وسيارات فخمة، وقصورًا فارهة، ومجوهرات ثمينة، وطائرات خاصة وما إلى ذلك من متاع مادي يستعصي على العدّ.. لكن برغم هذا الترف والنعيم الذي يعيشه "مطاع بيل"، فإنه كان يفتقر إلى السعادة بقدر ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.. ويقول عن ذلك: "في هذه المرحلة من حياتي كنت مكتئبًا مع أنني كنت ناجحًا ولديّ 3 منازل وبعت ملايين التسجيلات، لكن من الداخل كنت أنتظر شيئًا ليسعدني"..

كان مطاع يعاني خواءً روحيًّا رهيبًا كما كان يشعر بأن ثمة شيئًا مهمًّا ينقصه برغم حياة الترف التي كان يعيشها.. وحتى يخرج من واقعه المرير جرّب كل أنواع الكحول والمخدرات، الأمر الذي جعله فاقدَ الوعي معظم الوقت، وكثير الشجار مع الجميع.

في إحدى الليالي وبينما هو خارج من الأستديو بعد فراغه من تسجيل إحدى أغانيه نشب شجار حاد بينه وبين أخيه الأصغر وأمسك به يضربه بعنف، إلى درجة أنه شجّ رأسه وأوشك على قتله.. في تلك اللحظة مرّ بهما شاب مسلم فرّق بينهما، ثم انفرد بمطاع يهدّئ من غضبه وينصحه بأن يكون سمحًا في تعامله مع الناس.. وقال له: تخيّل كيف سيكون شعورك إن صحوت في صبيحة اليوم التالي بعد زوال تأثير الكحول ووجدت أنك قد قتلت أخاك الليلة الماضية؟ شعر مطاع بيل بارتياح لهذا الشاب المسلم وتبادل معه رقم الهاتف ثم تفرّقا ومضى كل منهما في سبيله.

عقب مرور وقت قصير من تلك الحادثة اتصل به الشاب المسلم يدعوه لزيارة المسجد.. تردّد مطاع في الاستجابة لهذا المطلب.. عندما تكرّر طلب الشاب المسلم لعدة مرات قرّر "مطاع بيل" أن يستجيب للطلب ويزور المسجد لأول مرّة في حياته.. ذهب مطاع إلى المسجد مسلحًا ومعه نحو 30 شخصًا، تحسبًا لأي أمر طارئ.. لكن ما أن دخل المسجد حتى انبهر بما رأى وسمع وهو يقول عن ذلك: "لقد رأيت شيئًا لم أره من قبل"!

فور استماعه إلى القرآن أحس برغبة ملحة في التعرف إلى الإسلام.. لاحظ الشاب المسلم انبهار مطاع بيل بالقرآن الكريم فجلب له ترجمة إنجليزية لمعانيه فقرأها بشغف وتأكد من أن القرآن الكريم هو ما يحتاج إليه حتى ينقذ نفسه من العذاب الداخلي الذي يعيش فيه، ويقول عن ذلك: "جلب لي صديقي المسلم القرآن وعندما قرأت كلماته، عرفت أنه يستحيل أن تكون كلمات بشر، وعلمت أن القرآن هو ما أحتاج إليه في حياتي.. لذلك قرّرت أن أسلم".

أسلم نجم العالم وعملاق الراب الأمريكي "مطاع بيل" وهو في قمة نجاحه وشهرته، بعد أن وصل إلى قناعة تامة مفادها أن الإسلام هو طريقه الوحيد لتحقيق السعادة التي ظل يبحث عنها منذ وقت طويل.. أسلم مطاع وأسلم على يديه كل أعضاء فرقته!!

وهنا يقول مطاع بيل: "بعد دخولي للإسلام تغيّرت حياتي للأجمل، فبرغم امتلاكي ثروة طائلة، ويحيط بي أصدقاء كثر، وحياتي مملوءة بالأحداث والشهرة، فإنني كنت دائمًا مكتئبًا وأشعر بضيق، ولم أشعر بالسعادة الحقيقية إلا بعد أن نطقت شهادة الإسلام".

عندما قرّر مطاع اعتناق الدين الإسلامي قام بسداد كل الغرامات المترتبة على إنهائه العقود مع الشركات كما ابتعد تمامًا عن تناول الخمور وتعاطي المخدرات بل قرّر التخلص من ماضيه فباع كل ما يملك وأنفق ثروته في وجوه الخير.

في بداية إسلامه جلس مطاع يومًا في أحد المقاهي وهو يرتدي سلسلة مكتوب عليها لفظ الجلالة (الله).. اقتربت منه فتاة عربية الملامح أمريكية الجنسية وسألته: هل أنت مسلم؟ فقال لها: نعم؟ فقالت له إن المسلمين لا يجوز لهم استخدام مثل هذه السلاسل.. أعجب مطاع بيل بتلك الفتاة وبأسلوبها في الحوار، فطلب منها رقم هاتف والدها، فتواصل معه.. لم يمر على ذلك الموقف سوى ثلاثة أشهر حتى تزوج مطاع بيل من تلك الفتاة العربية، فأنجب منها أربعة أولاد وبنت يتحدث كل منهم العربية بطلاقة.

عقب خروجه من مجال الغناء وتخلّصه من كل عوائده المادية بدأ بيل يبحث عن مصدر جديد للرزق الحلال.. غادر مطاع نيوجيرسي مع زوجته ذات الأصول اليمنية وأطفاله الخمسة وتوجّه إلى السعودية ليعمل ويستقر هناك.. فكر في الاستثمار في القهوة، لأن جدّه لأمّه كان من كوبا، وكان يجلب لهم في كل زيارة له إلى نيوجرسي كمية كبيرة من القهوة، الأمر الذي حبّب له القهوة.. سافر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وفتح مقهى في مدينة رأس الخيمة، ثم سافر إلى الكويت ليفتتح مقهى آخر، ثم انتقل إلى مدينة الرياض العاصمة السعودية وفعل فيها الشيء ذاته، وهو يخطط مع مجموعة من الشباب السعوديين لابتكار عربة متنقلة في شوارع الرياض تختص ببيع القهوة.

إلى جانب استثماراته في المقاهي يعمل مطاع بيل في مكتب الدعوة والإرشاد في السعودية بقسم اللغة الإنجليزية، حيث يقوم بالدعوة إلى الإسلام، ويلقي محاضرات للتعريف به وبأخلاقه السمحة.

انتقل مطاع بيل من ميكروفون الغناء إلى منبر الدعوة للإسلام.. وهو يعكف على تعلم اللغة العربية، ويقرأ في كتب الشريعة، دون أن يتوقف عن حفظ القرآن، كما أنه يسافر إلى عدد من الدول بغرض نشر نور الإسلام في نفوس خاوية ومجتمعات مظلمة.

سبحان الله !!.. من كان يصدق أن عملاق "الراب" الأمريكي مطاع بيل سيتحول من أشهر مغني الراب في العالم إلى بائع قهوة في دول الخليج العربية، من شخص بائس تعيس برغم امتلاكه ثروة مادية ضخمة إلى شخص سعيد تخلص من العذاب الداخلي عقب اعتناقه الإسلام، كما تخلص من الغناء الذي أوصله إلى قمة الشهرة والثراء فأصبح يقول عن نفسه: "لم أعد أطيق سماع الموسيقى"!

أرأيتم كم هو بسيط أمر السعادة؟!!

بساطة نطق الشهادتين.. أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله..

لا تبحثوا عنها في غير الشهادتين..

غيركم وغيركم بحثوا في غيرها فلم يجدوا السعادة إلا فيها!!

اسألوا الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

 -------------------

المصادر:

لقاء خاص مع "مطاع بيل" في تلفزيون العربية بتاريخ 6 فبراير 2017.

لقاء خاص مع "مطاع بيل" في تلفزيون إم بي سي بتاريخ 14 يناير 2017.

مقال بعنوان: "نابليون: حياة الأوت لو.. رحلة تختصر حياة"، استرجع بتاريخ 7 أغسطس 2017، من موقع الألوكة: http://www.alukah.net

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.