عدد الزيارات: 3.0K

تصحيح الصورة


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 31/08/2019 هـ 01-01-1441

بساطة الإسلام وخلوه من الأسرار التي يجب على معتنقه الإيمان بها دونما مناقشة.. سماحته وعدم تفريقه بين بني البشر إلا بالتقوى.. تعاليمه التي جعلت للفقير حقًّا في مال الغني، ووسطيته بين الإفراط والتفريط.. كلها أمور باهرة جعلت بطل هذه القصة يترك النصرانية ويعتنق الإسلام.. إنه الأديب والشاعر الأمريكي المعروف دونالد ركويل.

ولد دونالد في مدينة تيلورفيل بالولايات المتحدة الأمريكية.. تأثر في بداية حياته بأبويه النصرانيين، وبالتالي لم يخطر بباله لحظة أنه سيترك ديانتهما ليعتنق ديانة أخرى هي الإسلام، خاصة وقد أخبره القساوسة بأنها ديانة وثنية يعتنقها متخلفون يقيمون في الشرق وينكرون عبادة التثليث التي هي أساس العقيدة النصرانية.

لم يكن دونالد يلقي كثير بال للفكرة الدينية ولا يهتم بالأمور الروحية أو الغيبية، لأن الحياة المادية التي يعيشها أفراد مجتمعه جعلت همّه الوحيد يقتصر على ملذاته اليومية، كما أن اهتمامه بالأدب صرفه عن التفكير فيما سواه، إذ كان يطمح إلى أن يكون أحد أساطينه الذين يشار إليهم بالبنان.. شجعه على ذلك حصوله على العديد من الجوائز الأدبية خلال فترة دراسته.. وبالفعل تحقق له طموحه عقب انتهائه من دراسته الجامعية إذ أصبح أحد أعلام الشعر والأدب المرموقين في الغرب.

وإن شغل حب الأدب دونالد عن التفكير في الجوانب الدينية، فقد أسهم الحب ذاته في دفعه إلى أن يتعرّف إلى الإسلام ومن ثم إنارة بصيرته وتوجيهها إلى طريق الحق المستقيم. فطبيعة الأدب الإنسانية التي تتطلب من الأديب الإلمام بالثقافات والحضارات المختلفة جعلت دونالد يحرص على الإلمام بثقافات الشعوب عمومًا وبثقافات أهل الشرق على وجه الخصوص إذ شدته إلى الشرق الأساطير التي تصف حياة أهله بالسحر والغموض، بل تخيل دونالد كالكثير من الغربيين أن كتاب "ألف ليلة وليلة" هو تسجيل تاريخي لقصص واقعية دارت أحداثها في الشرق، وليس مجرد قصص من نسج الخيال.

انجذاب دونالد ناحية الشرق دفعه إلى قراءة بعض الكتب المترجمة التي تتحدث عن الإسلام، بينما جعلته قراءة تلك الترجمات ينجذب ناحية الديانة الإسلامية.. وهذا ما تحدث عنه كويل في العدد الثامن للسنة الرابعة من مجلة "حضارة الإسلام" الذي صدر عام 1964م حيث قال: "لقد جذبتني إلى الإسلام عوامل كثيرة ودواعٍ مختلفة لا يمكنني حصرها أو الوقوف عليها جميعًا، لأن منها الظاهر الجلي الذي لا يماري فيه إنسان، ومنها الباطن الخفي الذي يغوص في أعماق الروح، ويكمن في خبايا الضمير، لقد قرأت عن الإسلام وقرأت عن القرآن الكريم وشيئًا من سيرة النبي الكريم سيدنا محمد بن عبدالله –صلى الله عليه وسلّم- فاسترعت انتباهي أشياء كثيرة".

قراءات ركويل عن الإسلام جذبته بشدة نحو هذه العقيدة التي تتسم بروح البساطة والخلو من التعقيد والألغاز والطقوس المبهمة مثل تلك التي كانت تفرضها عليه ديانته النصرانية دون أن تمنحه أدنى الحق في المناقشة، فضلًا عن أن الإسلام علمه حقيقة أن الله أقرب إليه من حبل الوريد مصداقًا لقوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) البقرة: 186.

من جهة ثانية شدت دونالد ركويل إلى الإسلام تلك السماحة العظيمة التي لم يجدها في النصرانية كما بهرته مساواته بين كل بني البشر، إذ إن الجميع في الإسلام متساوون أمام الله تعالى مهما اختلفوا في حظوظهم الدنيوية، حيث لا فضل لأحد منهم على الآخر إلا بالتقوى.

وأكثر من هذا وجد بطل قصتنا في تعاليم الإسلام ما غمر روحه بحب هذا الدين حيث جعل للفقير حقًّا في مال الغني يؤديه إليه عبر دفعه للزكاة التي تعد الركن الثالث في الإسلام، كما وجد ركويل في الإسلام وسطية مثالية ترفض المغالاة في كل شيء حيث لا تفريط ولا إفراط، فهو لا يحرم المسلم من متاع الدنيا حيث لا رهبانية في الإسلام، وفي المقابل لا يبيح له أن يغرق كليًّا في وحل المتع الدنيوية الزائلة فينشغل عن أخراه مصداقًا لقوله تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّـهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) القصص: 77.

عندما وصل دونالد ركويل إلى هذه النقطة شعرت نفسه بالطمأنينة وتيقنت تمامًا بأنها وجدت أخيرًا ما كانت تنشده، فسارع إلى إشهار إسلامه، وتسمى باسم محمد عبدالله، تيمنًا برسول الله –صلى الله عليه وسلّم- خاتم النبيين وأعظم شخصية في تاريخ البشر.

وما أن دخل محمد عبدالله الإسلام حتى بدأ يعمل في حماسة على التبصير بحقيقة الإسلام، ووظف في ذلك ما حباه به الله تعالى من إيمان قوي وموهبة أدبية مميزة فأصبح داعية إسلاميًّا من طراز فريد جعله الله سببًا في هداية العديدين إلى طريق الحق المستقيم.

وفق الله تعالى الشاعر الأمريكي والداعية الإسلامي محمد عبدالله في أن يزيل الصورة المشوهة عن الإسلام التي غرسها القساوسة والمستشرقون في عقول الغربيين مستخدمًا في ذلك سلوكه القويم وعلمه الواسع وأدبه الجم، حيث قدّم للغربيين صورة مثلى لما يجب أن يكون عليه المسلم، فأفلح في تصحيح الكثير من أفكارهم المغلوطة عن الإٍسلام وجعلهم يدركون مدى عظمته.

فليت كل مسلم يوظف مواهبه وما حباه الله به من قدرات في نشر الصورة الصحيحة للإسلام..

لا يحتاج الإسلام إلى تجميل.. هو الأجمل بلا شك.. نحتاج فقط إلى إزالة التشويه.. إظهار حقيقته.. صورته الأصلية..

ولا يحتاج الإسلام ذلك لخير للإسلام.. بل خير للمدعوين إليه.. كيف يسعى لخير له وهو كل الخير؟!!

اسألوا الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

---------------------

المصادر:

الألفي، أسامة (2005)؛ لماذا أسلموا؟ القاهرة: أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي.

معدِّي، الحسيني الحسيني (2006)؛ قساوسة ومبشرون ومنصرون وأحبار أسلموا؛ دمشق: دار الكتاب العربي.

مقال بعنوان: "إسلام الكاتب الأمريكي دونالدس روكويل"؛ استرجع بتاريخ 14 أغسطس 2017، من موقع المستجيبين لدعوة الحق: http://toislam.canalblog.com

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.