عدد الزيارات: 6.0K

حب العبادة


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 20/03/2019 هـ 19-05-1438

يسوقك القدر إلى ما تحسبه للوهلة الأولى أمرًا عاديًّا..

فإذا به أهم أمر في دنياك وآخرتك!!

كن مستعدًّا.. اغتنم الفرصة.. تشبث بتلابيب النور.. اقترب أكثر..

هنيئًا لك.. إنه الإيمان.. إنه الإسلام.. إنها النجاة..

ممثل سينمائي.. يقوده القدر إلى دور في فيلم..

فإذا به يصبح دوره في الحياة.. في الواقع..

لقد أتى عليه الدور في قائمة المؤمنين..

ولعل قصة بطلنا تأتي عكس عبارة ترويجية شهيرة في إحدى القنوات الفضائية العربية تقول: "عيشها بس ما تعيش الدور".. على عكس ذلك تمامًا، عاش بطل قصتنا هذا الدور في الفيلم ثم عاشه في الواقع! إنه الممثل الألباني الشهير ميروش قاباشي الذي مثّل في الفيلم الروائي "حب العبادة" دور شخصية مسلمة فتحول إلى مسلم في واقع الحياة.

بدأت قصة بطلنا باختياره للعب دور البطل في فيلم "حب العبادة".. لكي يتقمّص الشخصية بالصورة المثلى، اجتهد قاباشي في دراسة شخصية ونفسية بطل الفيلم المسلم، ما أدى إلى تحول كبير في مجرى حياته فتحول من مسلم في الفيلم إلى مسلم في الواقع! قصة الفيلم الذي تسبب في إسلام الممثل الكبير "ميروش قاباشي"، مستوحاة من قصة حقيقية لشاب ألباني مسلم أنهى الدراسة الثانوية الشرعية، وتم تعيينه بوظيفة مؤذن بأحد مساجد مدينة بيرات بجنوب ألبانيا.. لكن بعد فترة قصيرة من تعيينه أصدر النظام الشيوعي الألباني عام 1967 أمرًا بتجريم الأديان، وحظر كافة المظاهر الدينية؛ الأمر الذي ترتب عليه تدمير وهدم معظم المساجد.

وكغيره من الأئمة الذين أصرّوا على الاستمساك بدينهم عقب هذا القرار، وضع هذا الشاب حديث التخرج في السجن لمدة 8 سنوات.. تمسكه بأداء فريضة الصلاة، والمداومة على العبادة داخل السجن أدى إلى اتخاذ قرار من الحزب الشيوعي الحاكم في ألبانيا يقضي بتمديد فترة سجنه لمدة 8 سنوات أخرى.

وبالعودة إلى بطل هذه القصة يقول مراسل "إسلام أون لاين" لشؤون البلقان: إن وسائل الإعلام الألبانية اهتمت كثيرًا بالتحول الذي طرأ على حياة الممثل الشهير قاباشي، الذي تربّى وترعرع في حضن الشيوعية، نتيجة لما قرأه عن الإسلام استعدادًا لأداء الدور الذي كلف به، وما يجدر ذكره أن بطلنا فيما مضى من حياته وكغيره من الألبان لم يكن متاحًا له ألبتة فرصة التعرف إلى الدين الإسلامي.

دفع الفضول قاباشي إلى الحرص على فهم شخصية ونفسية الشاب الألباني المسلم الذي فضل البقاء في السجن 8 سنوات أخرى عن التوقف عن صلاته وعبادته لله، ما دفعه إلى قراءة الكتب الإسلامية، هذا بالطبع إلى جانب حرصه على تجويده لأدائه في الفيلم.

قبيل البدء في أدائه لدوره أخذ "قاباشي" يقرأ في الكتب الإسلامية جنبًا إلى جنب مع التدرب على أداء الأذان من خلال شرائه شرائط كاسيت تم تسجيلها بأصوات مختلفة لمؤذنين متعدّدين؛ فقد رفض اقتراحًا من مخرج الفيلم مفاده استعانته بأذان مسجل في شريط كاسيت، وعليه فقد أصر على أن يكون الأذان بصوته هو شخصيًّا، وهذا دفعه إلى الشروع في دراسة معاني كلمات الأذان، وعدم الاكتفاء بحفظها أو التدرب على إلقائها.

تحدثت آنذاك صحف ألبانية متعدّدة عن أن نور الإيمان بدأ يتسرّب إلى قلب الممثل الألباني الشهير عقب ذهابه إلى مسجد "طباق" بالعاصمة تيرانا؛ للحصول على المزيد من المعلومات عن الإسلام وعن الكيفية التي يقضي بها المسلم يومه، وكل ذلك حرصًا منه على تقمّص الشخصية بصورة تقنع جمهور المشاهدين.. وبالفعل تعلّم الكثير عن الإسلام من أهل المسجد -وعلى رأسهم الإمام- الذين لم يبخلوا عليه بأي معلومة طلبها.

ظل "قاباشي" يتردّد على المسجد من وقت إلى آخر، للاستماع إلى الدروس وخطب الجمعة.. لقد انبهر بشدة مما سمعه عن الدين الإسلامي، الشيء الذي بدأ يترك آثارًا إيجابية في نفسيته، وهي آثار ظلت تتزايد مع الوقت حتى وصلت به حدًّا جعله يقرر الالتزام بتعاليم الإسلام، ومنذ ذلك الوقت ظل محافظًا على أداء الصلوات الخمس في جماعة بالمسجد.

في أوائل أكتوبر من عام 2004 أنهى الممثل ميروش قاباشي تدريباته مع إمام مسجد طباق على إلقاء الأذان بصوته في الفضاء الخارجي بمنطقة البحيرة.. أكسبته التدريبات مهارة باهرة في إلقاء الأذان بل وصل درجة من الإتقان لم يكن يتوقعها منه إمام المسجد نفسه.. وما أن دخل شهر رمضان لعام 1425 هجرية حتى بدأ قاباشي الصوم لأوّل مرة في حياته.

وتحدث "قاباشي" عن حزنه الأليم للصورة الذهنية المشوهة التي ظلت وسائل الإعلام العالمية تروج لها وسط أهل الغرب وغيرهم من غير المسلمين، ففي رأيه إن أراد أي شخص معرفة الإسلام على حقيقته الطاهرة النقية لن يكلفه الأمر أكثر من الاطلاع السريع على بعض الكتب الإسلامية، أو مقابلة بعض المسلمين.. يدلّل قاباشي على ذلك بقوله: "يكفي دليلًا على ما أقوله حقيقة أن التسامح الديني الذي تعيشه ألبانيا منذ قرون بين أبناء الإسلام والكاثوليكية والأرثوذكسية يعود الفضل فيه إلى سماحة الدين الإسلامي حيث يشكل المسلمون أكثر من 70% من الشعب الألباني".

ويضيف الممثل الألباني الشهير قاباشي بنبرات الواثق بنفسه وهو يتحدث عن حاجة العالم المعاصر للإسلام لكي يسهم في معالجة قضاياه الشائكة: "لا أدعي المعرفة الجيدة بالإسلام، ولكنني أستطيع التأكيد أن عصرنا الحالي يحتاج إلى الإسلام كما تحتاج الصحراء إلى الماء".

ويتابع بطل قصتنا حديثه قائًلا: "الآن فقط فهمت الإسلام.. يعود الفضل في ذلك إلى فيلم "حب العبادة" الذي أعتبره السبب الرئيسي في إلمامي بالإسلام ومعرفتي لحقيقته من الجذور، فمن خلال هذا الفيلم اطلعت على الكتب الإسلامية كما تسنت لي فرصة معايشة واقع المسلمين بنفسي.. الآن أيقنت تمام اليقين أهمية الإسلام للإنسان والمجتمع".

سبحان الله!!.. الممثل الألباني الشهير "ميروش قاباشي" الذي حصل على جائزة أفضل ممثل من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 1997، والذي حصل كذلك على العديد من الميداليات والجوائز العالمية الأخرى، قدّر له الله تعالى أن يمثل دور شاب مسلم في فيلم "حب العبادة" فأجاد البطولة في الفيلم وأجادها في الواقع، حيث انتهى به الأمر إلى أن يصبح بطلًا إسلاميًّا حقيقيًّا بدخوله الإسلام.

إنها إرادة الله لهداية من يبحث عن الله..

جاءته الفرصة.. اجتهد في اغتنامها.. فكانت المكافأة من الله..

أهون الأسباب تقود إلى أعظم النتائج في دنياك.. وآخرتك..

فقط أخلص النيّة.. واسأل الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

------------------------------------

المصادر:     

عبد الصمد، محمد كامل (1995)؛ الجانب الخفي وراء إسلام هؤلاء؛ القاهرة: الدار المصرية اللبنانية للنشر.

فارس، نايف منير (2010)؛ علماء ومشاهير أسلموا؛ الكويت: دار ابن حزم.

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.