عدد الزيارات: 6.8K

سؤال مباغت


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 20/03/2019 هـ 03-07-1438

تخيّل أن يكون سؤال.. مجرد سؤال.. طريقًا للهداية!!

هل أدركت مدى قدرة الله.. كيف يصرف الأمور؟!! كيف يسبب الأسباب؟!!

تأتي النتائج من مقدمات غير متوقعة.. فنثق بأنها ما تحققت إلا بقدرة الله وحده..

إنها لحظة الشروق.. حينما يسري النور إلى قلب الإنسان دون أن يدري..

لحظة تلخص العمر والمآل..

هذه اللحظة.. مرت بها بطلة قصتنا.. إنها عارضة أزياء شهيرة تعاملت مع العديد من دور الأزياء العالمية، وأجرت معها وسائل الإعلام العالمية العديد من الحوارات، بيد أن سؤالًا صحفيًّا واحدًا من صحفية مسلمة كان السبب في انزوائها عن بهرجة الأضواء السطحية لتغوص في عالم الأضواء العميقة باعتناقها الإسلام.. فمن هي عارضة الأزياء هذه؟ ومن هي الصحفية؟ وما هو السؤال السحري الخطير الذي سألته الثانية للأولى فشكّل نقطة فارقة في حياة الأولى بينما أكسب الثانية أجرًا عظيمًا يجل على الوصف؟ لمعرفة الإجابة عن كل هذه التساؤلات ندعوكم لقراءة هذه القصة.

مكان أحداث قصتنا هذه المرة هو مسرح عروض الأزياء، أما بطلتها فهي عارضة الأزياء اليونانية ماكلين سيكاروس.. التي تعدّ من عارضات الأزياء الشهيرات اللائي تعاملن مع العديد من دور الأزياء العالمية.

بدأت نقطة التحول في حياة العارضة ماكلين سيكاروس بسؤال يتكون من كلمات محدودة بسيطة المبنى عميقة المعنى سألته لها صحفية جزائرية في إطار حوار صحفي وكان السؤال كما يلي:

لمَ لا تفكرين في عروض الأزياء الإسلامية؟

تقول ماكلين وهي تتحدث عن هذه الواقعة: "لم أكن أتوقع مثل هذا السؤال، ولم أكن أعرف شيئًا عن الإسلام ولا علم لي بأزيائه.. طلبت من الصحفية الجزائرية –وأنا أتحرّق شوقًا- أن تعرّفني إلى الإسلام.. كانت سعادة الصحفية الجزائرية لا توصف، وهي تحدثني عن الإسلام وعن رسول الله محمد –صلى الله عليه وسلّم- فضلًا عن حديثها لي عن وضع المرأة في الإسلام، وعن الأزياء التي يجب أن ترتديها حتى تحميها من عيون الفضوليين؛ فاكتشفت من خلال حديثها أن الإسلام كنز كبير، كما توصلت إلى حقيقة أنني كنت غائبة عن الوعي طوال سني عمري التي سبقت تعرفي إلى هذا الدين العظيم".

واسترسلت ماكلين سيكاروس في حديثها تقول في إعجاب يزينه وشاح من الرضا عن النفس:

"الحقيقة نهلت من هذا الكنز الثمين بحب لم أتذوق طعمه من قبل، وببساطة ويسر لم أجدهما في تعاليم دين غيره.. إنه دين عظيم يتسم بالبساطة والوضوح في مختلف مناحي الحياة، ليرسم الطريق المستقيم للإنسان في هذا العالم".

أردفت ماكلين سيكاروس وقد اغرورقت عيناها بالدموع: "بحق لقد بكيت كثيرًا، وأنا أنهل من فيض الحب الإلهي غير المحدود ومن معين المسيرة القرآنية الكريمة التي لا تعرف الانقطاع.. لقد ندمت أشد الندم على سنوات عمري الفائتة التي مرت عليّ دون أن أتعرّف إلى هذا الكنز الإلهي الوضيء".

واسترسلت ماكلين سيكاروس في حديثها بعد لحظات قلائل من الصمت: "شعرت بالاطمئنان الشديد حينما أخبرني علماء الإسلام الأفاضل أن الإسلام بتعاليمه السمحة يجُبُّ ما قبله.. نعم، لكم بكيت وأنا أنطق بالشهادتين، ولكم بكى معي قلبي الذي نفض عنه هموم سنوات سابقات ندمت عليها أشد الندم.. نعم شهدت أن الله واحد لا شريك له، لم يلد ولم يولد، وأنه سبحانه وتعالى خالق السماوات والأرض".

وأردفت ماكلين سيكاروس وهي تتحدث بنبرات تنضح سعادة: "تيمنًا باسم السيدة خديجة أم المؤمنين –رضي الله عنها- أولى زوجات رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- غيرت اسمي إلى خديجة.. درست العلوم الإسلامية وتعلمت اللغة العربية حتى أكون مؤهلة للتمتع بالقرآن الكريم هذا الكنز الإلهي الفخيم، وحتى أكون قادرة على قراءته بنفس لغته التي نزل بها على سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلّم-".

وتقول خديجة اليونانية المسلمة في لهجة فخر: "تزوجت مسلمًا تونسيًّا، وأنجبت منه ثلاثة من الأبناء.. نحن كأسرة نعيش سعداء في ظل الإسلام العظيم.. بحق إنها حياة سعيدة يحفها الاستقرار كنت أفتقدها فيما مضى، وما أخالني كنت سأشعر بها لولا اعتناقي للإسلام هذا الدين العظيم.. أبنائي بحمد الله يأخذون من كلينا –أنا وأبيهم- كل ما هو طيب وكل ما يلزمهم لكي يعيشوا حياة إسلامية كريمة طيبة لا يشوبها ما يعكّر صفو حياتهم في حاضرهم أو مستقبلهم".

وفي خاتمة حديثها تقول خديجة: "لا بدّ من أن ينتشر الإسلام في مختلف ربوع العالم لأن الناس عطشى وفي أمسّ الحاجة إلى برّ آمن يحميهم من أمواج الإلحاد والمادية، والتردي المريع في قاع الرذيلة.. أتمنى من كل قلبي أن يكتب الله سبحانه وتعالى للإسلام انتشارًا غير عادي، حتى يعرف الناس في مختلف أنحاء العالم أن رسالة الإسلام موجهة لهم جميعًا بمختلف ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم".

وكما ابتدرنا قصتنا بعدد من الأسئلة نختتمها بأسئلة أخرى..

هل كانت النجمة ماكلين سيكاروس عارضة الأزياء الشهيرة تحلم، ولو مجرد حلم، أن تنقلب حياتها رأسًا على عقب وأن تستبدل باسمها المعروف اسم نجمة حقيقية هي السيدة الأولى، السيدة خديجة -رضي الله عنها-؟!

هل كانت تمنّي النفس بالحصول على سعادة حقيقية افتقدتها في حياتها قبل إسلامها على الرغم مما كانت تعيش فيه من رغد العيش وترفه، جنبًا إلى جنب مع ثلاثية الشهرة والمجد والثراء؟!

إنها نعمة من الله تعالى وهبها لخديجة بطلة قصتنا هذه.. نعمة الهداية..

فمتى تحين لحظة هدايتك أنت؟!!

اسأل الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

--------------------------------------

المصادر:     

فارس، نايف منير (2010)؛ علماء ومشاهير أسلموا؛ الكويت: دار ابن حزم.

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.