عدد الزيارات: 5.8K

صوت الحق


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 20/03/2019 هـ 18-04-1438

الإسلام.. دين شامل..

هو دين الأنبياء جميعًا..

قرآنه يحتفي بموسى وعيسى والأنبياء جميعًا..

لذا يجد اليهود والنصارى أنفسهم في الإسلام.. إن اهتدوا وآمنوا..

لا يحتاج إلى من يدافع عنه.. هو من يدافع عن أتباعه بقدرة الله..

إلا أن الدعاة إليه والمدافعين عنه يخدمون أنفسهم..

كيف لا وكل دفاعهم سيشهد لهم وينجيهم يوم القيامة؟!!

بطل قصتنا أسلم فدعا إلى الإسلام ودافع عنه.. لأنه كان محاميًّا بارزًا يعتبر من أشهر المحامين في مصر، عيّنه جمال عبدالناصر في لجنة وضع الدستور.. كما كان يهوديًّا حتى النخاع.. ومع ذلك كانت تتأثر مشاعره بشدّة عندما يقع بصره على مسجد، كما كانت نفسه تهفو للصلاة الإسلامية حينما يرى رجلًا يصلي في خشوع.. فطرته السليمة هذه كانت سببًا رئيسيًّا في اعتناقه الإسلام.. إنه الأستاذ زكي عريبي المحامي الضليع وعميد اليهود في مصر.

يحكي عريبي قصة إسلامه فيقول: "كانت مشاعري تلتهب حينما أرى مسجدًا أو عندما يقع بصري على رجل يصلي في خشوع.. وما أن أسمع صوت المؤذن يؤذن للصلاة حتى أشعر بأنه الصوت الذي يفصل بين الحق والباطل والحلال والحرام وأنه الصوت الذي يهدي الإنسان إلى الطريق المستقيم.. بل كنت حينما أركب السيارة في سفري وتقع عيني على رجل متواضع السمت يقف بين يدي الله بثياب رثة مهلهلة يقف على فرشة من الحصير تجاور شاطئ ترعة متواضعة، ويصلي لله في خشوع وابتهال، كانت نفسي تهفو إلى أن أصلي مثل صلاته.

وفي الوقت الذي كنت أتأثر فيه بتلك الأماكن والمناظر، كان هناك سؤال ملحّ يفرض نفسه عليَّ، وهو لماذا عبادتي لله تتخذ صورة نمطية واحدة؟ ولماذا لا أعبده على دين الإسلام؟ خاصة أنه يتميز عن غيره من الأديان بأنه دين وجدان بالقلب وعقيدة بالفعل.

لقد عرفت الميزتين السابق ذكرهما اللتين يتمتع بهما الإسلام منذ صغري، بل إليهما يرجع إسلامي، إذ إنني أسلمت أولًا بوجداني وبعد عدة سنين أسلمت بفكري، ولا عجب في ذلك لأن من لم يرث الإسلام عن والديه وشرح الله صدره للإسلام فإنه سيفكر في هذا الإلهام الذي منَّ الله به عليه، وسوف يكون شديد الحذر وحريصًا على النظر للعواقب والخواتيم وبالتالي لن يخطو خطوة حتى يتبين موضعها خشية أن تزل قدمه فيما لا تحمد عقباه.. وهذا هو تمامًا حالي مع الإسلام.

على الرغم من أنني أنتمي لعائلة يهودية فقد ولدت في بيئة مسلمة وهي البيئة ذاتها التي نشأت فيها منذ طفولتي حتى شيخوختي.. نعم ولدت بين قوم مسلمين وعشت في حي شعبي هو حي بولاق.. أكثر من هذا، أدخلني والدي مدرسة عباس في السبتية، بينما كان اليهود يرسلون أبناءهم إلى مدارس الفرير.. عقب ذلك تلقيت دراستي الثانوية في مدرسة حلوان الثانوية، ثم دخلت مدرسة الحقوق، وفي هذه الأخيرة أتيحت لي فرصة دراسة الشريعة الإسلامية، فقارنت بينها وبين القانون الروماني.. حقيقة انبهرت بنتيجة المقارنة فقد وجدت أن القانون الروماني الذي مضى على وجوده آلاف السنين لم يصل بعد إلى مرحلة الكمال –والكمال لله وحده- إذ ما زال يزحف في مسيرة التطور التشريعي على الرغم من اتخاذه مصدرًا للقوانين في مختلف بلدان العالم.. في المقابل وجدت أن الشريعة الإسلامية نشأت ونهضت –تامّة وكاملة- مع بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- الأمر الذي جعلني أنظر إلى الإسلام وأطيل النظر فيه عساني أتلقى جماله وإن عجزت عن ذلك أقله أعرف كيف ومن أين يمكنني تلقي هذا الجمال.. نعم، لقد وجدته دينًا –غير إقصائي- مصدقًا لكل شيء قبله، ما دفعني إلى إجراء المزيد من البحث والدراسة حوله وهو ما انتهى بي إلى الإيمان به واعتناقه.

وما أدهشني في هذا الدين حقيقة أخرى مفادها أن اليهودي أو النصراني إذا أسلم لن يعتريه الإحساس بأنه أنتزع من دينه انتزاعًا؛ فإن كان يهوديًّا سيجد نفسه بين أنبياء بني إسرائيل.. نعم سوف يجد نفسه يؤمن إيمانًا سليمًا غير محرّف بموسى -عليه السلام-، وسيجد أن القرآن يقصّ عليه قصة تلك المحاورة الكبرى التي وقعت بين الله وموسى -عليه السلام- في الوادي المقدس طوى: "وَما تِلكَ بِيَمينِكَ يا موسى (17) قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمي وَلِيَ فيها مَآرِبُ أُخرى (18) قالَ أَلقِها يا موسى (19) فَأَلقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسعى (20) قالَ خُذها وَلا تَخَف سَنُعيدُها سيرَتَهَا الأولى (21)" (طه: 17-21). 

ليست هذه القصة فحسب، بل سوف يجد عشرات القصص عن موسى وغيره من أنبياء بني إسرائيل، وبالتالي فإن أسلم اليهودي فلن يشعر بالوحشة في دين الإسلام، بل على العكس سيجد نفسه بين يدي الدين الصحيح الذي نزل على موسى -عليه السلام- قبل أن يتم تحريفه.

وينطبق الأمر ذاته مع المسيحي الذي يدخل الإسلام، إذ سيجد نفسه مع قصة مريم ابنة عمران، وسوف ينبهر بالتصوير الرائع الذي يصور به القرآن هذه القصة، كما سيجد نفسه مع يحيى -عليه السلام- حيث يقوله الله: "يا يَحيى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ" (مريم: 12)، بل إن القرآن الكريم يتحدث عن كل ما يتصل بأنبياء بني إسرائيل أحسن مما فعلت التوراة.

ويتحدث عريبي عن الصهيونية –حديث العارفين- فيقول: عاش اليهود بين أحضان العرب والإسلام مكرّمين بعد أن تم طردهم من إسبانيا في القرن الخامس عشر، فعيب وأيما عيب أن يقابل كرم الضيافة العربي والإسلامي بهذا اللؤم السافر وبهذه الخدع الماكرة.. أنا شخصيًّا أرى أن الصهيونية هي أكبر بلاء ابتليت به اليهودية.

ويختتم عريبي حديثه بالإشارة إلى أن الإسلام هو الديانة الوحيدة التي تنظر إلى الناس على أنهم ينتمون إلى أب واحد وأم واحدة، وأن جميعهم في الإسلام عند الله تعالى سواسية فقيرهم وغنيهم خفيرهم وأميرهم ولا يفضل أحدهم على أخيه إلا بمقدار طاعته لله تعالى، إذ كل هؤلاء يقفون في الصلاة في صف واحد لا يتقدم فيه أحد على أحد.

سبحان الله مغير الأحوال من حال إلى حال!!

سبحان الله الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء!!

من كان يظن أن عميد اليهود في مصر سيعتنق الإسلام في يوم من الأيام ليصبح ناصرًا له ومنتقدًا لليهودية انتقاد العالم بخباياها والخبير برزاياها؟!! إنه الله.. وحده القادر على تغيير الكون كله من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.. والعكس!!

فمنذ فجر الإسلام.. تترسخ القدرة نفسها..

ألد أعداء الإسلام يتحولون إلى أكبر الدعاة إليه..

فهل سنعتبر بهذه التجارب على أن الإسلام هو الدين الحق؟!

تعلم من تجارب غيرك..

واسأل الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

-------------------------------

المصادر:      

الألفي، أسامة (2005)؛ لماذا أسلموا؟ القاهرة: أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي.

الموسوعة الحرة (زكي عريبي): https://ar.wikipedia.org/wiki  

عبد الصمد، محمد كامل (1995)؛ الجانب الخفي وراء إسلام هؤلاء؛ ثلاثة أجزاء؛ القاهرة: الدار المصرية اللبنانية للنشر.    

فارس، نايف منير (2010)؛ علماء ومشاهير أسلموا؛ الكويت: دار ابن حزم.

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.