خَلْق الإنسان ما أعظمه من حدٍّ! من أكثر الظواهر التي حيَّرت العلماء عملية خلق الإنسان! خلية واحدة تنمو وتتكاثر لتتجاوز 100 تريليون خلية، كيف تحدث هذه العملية الدقيقة؟!، ومن يتحكَّم فيها؟! هل هي الطبيعة؟!، أم هو خالق الطبيعة عزَّ وجَّل؟! والآن هذه دعوة للإبحار في عالم الخلق على مكوك الأرقام..
تأمّل هذه الآيات الثلاث من سورة الروم:
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُوْنَ (20) الروم
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيْتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيْكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُم مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُوْنَ (40) الروم
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيْمُ الْقَدِيْرُ (54) الروم
سبحانه الخالق..
مجموع أرقام هذه الآيات الثلاث 20 + 40 + 54 = 114
مجموع أرقام هذه الآيات الثلاث = 19 × 6، ومجموع كلماتها = 19 × 3
كلمات الآية الثانية (22 كلمة) = ضعف كلمات الآية الأولى (11 كلمة)!
رقم الآية الثانية (40) = ضعف رقم الآية الأولى (20)!
عدد حروف الآية الأولى = 40 حرفًا، وهو رقم الآية الثانية!!
مجموع رقمي الآيتين الأولى والثانية = مجموع آيات سورة الروم (60 آية)!
الفرق بين رقم الآية الثالثة (54)، وعدد كلماتها (24) = 30، وهذا هو ترتيب سورة الروم!
تأمّل هذا:
حرف الألف تكرّر في الآيات الثلاث 20 مرّة.
حرف اللَّام تكرّر في الآيات الثلاث 19 مرّة.
حرف الخاء تكرّر في الآيات الثلاث 4 مرّات.
حرف الألف تكرّر في الآيات الثلاث 20 مرّة.
حرف اللَّام تكرّر في الآيات الثلاث 19 مرّة.
حرف القاف تكرّر في الآيات الثلاث 8 مرّات.
هذه الأحرف الستة هي أحرف اسم (الخالق) تكرّرت في الآيات الثلاث 90 مرّة!
العدد 90 = ترتيب سورة الروم في المصحف (30) + عدد آياتها (60) آية!
تأمّل العدد 90 جيّدًا!
الخالق.. واحد!
(الخالق) هو اللَّه سبحانه وتعالى وحده، ولا ينبغي لأحد غيره أن يتَّصف بهذه الصفة، لذا فقد ورد اسم (الخالق) معرفًا بالألف واللَّام مرّة واحدة فقط في القرآن الكريم!
تأمّل أين جاء هذا الاسم الفريد والوحيد:
هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيْزُ الْحَكِيْمُ (24) الحشر
رقم الآية 24 فإذا أضفت إليه العدد 90 يكون الناتج 114، وهو عدد سور القرآن!
ومن دلائل توحيد (الخالق) أن اسم (الخالق) معرفًا بالألف واللَّام لم يرد في القرآن إلا مرّة واحدة فقط!
ورد في سورة الحشر، وهي السورة التي ترتيبها رقم 59 في المصحف، وهذا العدد أوَّليّ!
وجاء في آية عدد كلماتها 17 كلمة، وهذا العدد أوَّليّ أيضًا!
ولكن الأهم من ذلك هو أن ترتيب العدد 59 في قائمة الأعداد الأوّليّة هو العدد 17 نفسه! فتأمّل!
العددان يمثّلان حدثًا رياضيًّا واحد!
اسم (الخالق) في هذه الآية هو الكلمة رقم 433 من بداية سورة الحشر، وهذا العدد أوَّليّ أيضًا!
تأمّل صدر الآية: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ!
أوّل كلمة في هذه الآية وهو ضمير الجلالة (هو) ترتيبه من بداية سورة الحشر رقم 431
431 عدد أوّليّ، ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 83
83 عدد أوّليّ ترتيبه، في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 23
23 عدد أوّليّ أيضًا، وهو عدد أعوام نزول القرآن الكريم!
تأمّل كيف يوظِّف القرآن الكريم خصائص الأعداد الأوّليّة لتعزيز المعنى!
هذا المعنى نفسه يتأكد في سورة الإخلاص، وهي السورة التي تتحدَّث من أولها إلى آخرها عن وحدانية اللَّه عزّ وجلّ في ألوهيته وربوبيته وصفاته! ولذلك جاء عدد حروفها 47 حرفًا، وعدد كلماتها 15 كلمة، ولكن العدد 47 أوَّليّ وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة هو العدد 15 نفسه!
العددان يمثّلان حدثًا رياضيًّا واحد!
الخلق في المنظومة السداسية
يقوم موضوع الخلق في القرآن بشكل عام على نظام سداسي محكم!
تأمَّل الآية السابقة وأيّن جاء اسم (الخالق) الوحيد في القرآن:
هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيْزُ الْحَكِيْمُ (24) الحشر
تأمّل صدر الآية جيِّدًا: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ!
اسم اللَّه هنا هو الكلمة رقم 432 من بداية سورة الحشر.
بمعنى آخر، اسم (الخالق) الوحيد في القرآن، يأتي بعد 432 كلمة من بداية سورة الحشر.
وهذا العدد 432 يساوي 6 × 6 × 6 × 2
لذا فقد جاءت كلمة (خالق) من غير تعريف لأوّل مرّة في القرآن في هذه الآية:
ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوْهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيْلٌ (102) الأنعام
سورة الأنعام ترتيبها في المصحف رقم 6
الآية رقمها 102، وهذا الرقم يساوي 6 × 17
إذًا رقم الآية نفسها 102، يساوي 114 – 6 – 6
الأعجب من ذلك!
ترتيب هذه الآية من بداية المصحف 891، وهذا العدد يساوي 99 × 9
99 هو عدد أسماء اللَّه الحسنى!
أحسن الخالقين
وردت (أحسن الخالقين) في موضعين اثنين فقط في القرآن، هما:
ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِيْنَ (14) المؤمنين
أَتَدْعُوْنَ بَعْلًا وَتَذَرُوْنَ أَحْسَنَ الْخَالِقِيْنَ (125) الصافات
تأمّل..
الآية الأولى جاءت في سورة المؤمنون، وهي السورة التي ترتيبها رقم 23، وعدد آياتها 118 آية.
الآية الثانية جاءت في سورة الصافات، وهي السورة التي ترتيبها رقم 37، وعدد آياتها 182 آية.
مجموع ترتيب السورتين يساوي 60، ومجموع آيات السورتين يساوي 300 آية!
العدد 300 يساوي 60 × 5، ويساوي أيضًا 30 × 10
وهذا يردنا مرّة أخرى إلى سورة الروم التي افتتحنا بها هذا المشهد!
ترتيب سورة الروم في المصحف رقم 30، وعدد آياتها 60 آية!
ميزان عجيب!
تأمّل هذه الآية:
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّيْ خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُوْنٍ (28) الحجر
جاءت كلمة (خالق) في هذا الميزان بعد 5 كلمات من بداية الآية، وقبل 6 كلمات من نهايتها!
الفرق بين عدد الكلمات في كفتي الميزان 6 – 5 = 1 في إشارة إلى الواحد الأحد سبحانه!
جاءت كلمة (خالق) في هذا الميزان بعد 20 حرفًا من بداية الآية، وقبل 21 حرفًا من نهايتها!
الفرق بين عدد الحروف في كفتي الميزان 21 – 20 = 1 في إشارة إلى الواحد الأحد سبحانه!
مجموع الحروف في كفتي الميزان 21 + 20 = 41
وهذا هو مجموع تكرار أحرف اسم اللَّه ضمن الحروف المقطّعة!
عد إلى الآية وتأمّلها! هناك آية تشبهها إلى حدّ بعيد حيث تتوافق معها في أوَّل 7 كلمات!
إنها في سورة ص، وتتخذ موقعًا عجيبًا!
الآن نجمعها مع شقيقتها ونتأمّل:
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُوْنٍ (28) الحجر
إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِيْنٍ (71) ص
ماذا ترى؟!
مجموع أرقام الآيتين 71 + 28 = 99، وهذا هو عدد أسماء اللَّه الحسنى!
الآية الأولى جاءت في سورة الحجر، وهي السورة الوحيدة التي عدد آياتها 99 آية!
صدر الآيتين في الميزان
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا!
إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا!
الاختلاف بينهما في حرف واحد فقط، ما هو؟
إنه حرف الواو! نعم حرف الواو ولا حرف غيره!
وينبغي ألا يكون أي حرف آخر سواه!
تأمّل..
عدد حروف المقطع الأوّل 28 حرفًا، وهذا هو رقم الآية، وهو عدد الحروف الهجائية أيضًا!
عدد حروف المقطع الثاني 27 حرفًا، وهذا هو ترتيب حرف الواو في قائمة الحروف الهجائية!
إذا أضفت عدد حروف المقطع الأوّل إلى رقم الآية الأولى، يكون الناتج 7 × 7 + 7
وإذا أضفت عدد حروف المقطع الثاني إلى رقم الآية الثانية، يكون الناتج 7 × 7 + 7 × 7
إذا تأمّلت مجموع حروف المقطعين تجدها 77 حرفًا!
فتأمّل! هل ترى غير الرقم 7؟!
عد إلى الآيتين وتأمّل!
المقطع الأوّل جاء قبل 5 كلمات من نهاية الآية!
المقطع الثاني جاء قبل 5 أحرف من نهاية الآية!
الفرق بين أرقام الآيتين يساوي 43، وهذا العدد أوَّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 14 أي 7 + 7
الحديث عن الرقم 7 ومضاعفته يردنا مرّة أخرى إلى هذه الآية:
ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِيْنَ (14) المؤمنون
رقم الآية 14، وهذا العدد يساوي 7 + 7
عدد كلمات الآية 21 كلمة، وهذا العدد يساوي 7 + 7 + 7
سبحان اللَّه!
النظام السداسي والسباعي
موضوع الخلق بشكل عام في القرآن يقوم على نظام سداسي!
موضوع خلق الإنسان بشكل خاص في القرآن يقوم على نظام سباعي!
ولذلك إذا تأمّلت القرآن الكريم تجد أن هناك ثلاث آيات تبدأ بـ (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ)، وهي:
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيْهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيْهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُوْنَ (30) البقرة
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُوْنٍ (28) الحجر
إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِيْنٍ (71) ص
تأمّل..
هذه الآيات الثلاث تتحدّث عن خلق آدم!
الآية الأولى عدد كلماتها 28 كلمة، والثانية رقمها 28
فلماذا يرتبط خلق السماوات والأرض في القرآن الكريم بنظام سداسي؟!
بينما يرتبط خلق الإنسان في القرآن الكريم بنظام سباعي؟!
أطوار الخلق
خلق اللَّه عزّ وجلّ السماوات والأرض في ستة أيام!
وخلق الإنسان في سبعة أطوار أشار إليها جميعها في هذه الآيات من سورة المؤمنون:
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِيْنٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِيْنٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِيْنَ (14)
إن عملية خلق الإنسان تعتبر من آيات الله العظيمة، بل يعدُّ أي طور من أطوار هذه العملية آية في ذاته، كما أن إخبار اللَّه عزَّ وجلَّ عن هذه الأطوار في القرآن يعتبر من الإعجاز العلمي المدهش، خاصَّة وأنَّ العلم الحديث لم يتوصَّل إلى هذه الأطوار إلا منذ سنوات قلائل.
إلى هنا نسدل الستار على أطوار خلق الإنسان!
ولنا بإذن اللَّه تعالى وقفة متأنية مع هذه الأطوار في موضوع آخر مستقل.
------------------------------------------------------------------------
المصدر:
مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).