بطلة قصتنا.. عروس في عرسين!!
فاجأت الجميع في حفل زفافها بخبر باهر..
ستُزف في ليلة عرسها هذه مرّتين: الزفة الأولى لزوجها..
الزفة الثانية للإسلام..
أشهرت إسلامها ليلة زفافها!!
الإسلام الذي ناصبته العداء لفترة طويلة فبادل شرّها بخير.. زفها إلى أحد أبنائه..
إنها السيدة الألمانية "باتينا" العروس الاستثنائية التي حولت حفل زواجها إلى منبر دعوي..
كانت باتينا تشارك في أعمال التنصير من خلال الجمعيات التبشيرية، فالتقت بشاب مصري اسمه "علي حسن عثمان" فدعته لاعتناق النصرانية.. تفاجأت برده عندما دعاها إلى اعتناق الإسلام.
أجرى الشاب المصري مع المنصرة الألمانية سلسلة من المناقشات والحوارات والمقارنات بين "النصرانية" و"الإسلام" التي انتهت باقتناعها بالإسلام واعتناقها له.. ليس هذا فحسب بل انتهى بها الأمر بأن تزوجت الشاب المصري علي حسن عثمان في المركز الإسلامي في "ميونيخ".. ثم فاجأت الحاضرين لحفل الزواج بأن أمسكت بالميكروفون في المكان المخصص للنساء لتعلن للجميع عن سر باهر خطير!! حيث قالت بصوت حماسي ينضح بالصدق:
"ثمة شيء مهم قبل وقائع عقد القران والزفاف.. أريد أن أشهر إسلامي، وأن يشهد الحضور عليه لأزف في ليلة عرسي مرتين... مرة لزوجي، ومرة لديني الجديد.. لقد تركت الأهل والأحباب والجيران، وهأنذا أولد بينكم من جديد".
التقطت باتينا أنفاسها للحظات بعد أن أفرغت جزءًا من شحنة فرحها الغامر ثم بدأت تسرد للحضور قصة دخولها الإسلام.. حيث قالت: "والداي لم يكونا يومًا مؤمنين بأي ديانة، وعندما كان عمري اثني عشر عامًا كان لدي شعور عميق بحتمية أن أعتنق دينًا، ولم يكن أمامي وقتها إلا النصرانية فالتزمت بها، وأردت أن أصوغ حياتي كلها بعد ذلك وفقًا لها، ما أزعج عائلتي كثيرًا.. وفي بداية التزامي النصرانية لجأت إلى "البروتستانت" وجعلت همّي كلّه رعاية الأطفال والاهتمام بهم، ولكن بعد حين اكتشفت أن مجموعة "البروتستانت" التي أحيا بينها لا تحمل من النصرانية غير اسمها، فابتعدت عنهم إلى أن التقيت بمجموعة من رجال الكنيسة، فمارست حياتي الكنسية، غير أنني كنت أشعر أنه ما زالت هناك رغبات نفسية لم تأت بها الممارسات الكنسية، لقد كنت أسعى دائمًا إلى البحث عن الكمال الذي يشبع كل رغباتي النفسية".
ثم تضيف "باتينا" وقد ارتفعت حرارة كلماتها بأن علاقتها مع نبي الله عيسى -عليه السلام- لم تتسق يومًا مع تصورات الكنيسة له التي تأباها الفطرة السوية.. وحتى ذلك الوقت لم تكن تعلم شيئًا عن الإسلام الذي كان لها بمنزلة كوكب غامض لم يتم اكتشافه بعد.
في بداية العقد التاسع من القرن العشرين مرت باتينا بموقف غيّر حياتها رأسًا على عقب.. في تلك الفترة كانت تشارك في أعمال التنصير في أفريقيا مع إحدى الجمعيات التبشيرية.. وبينما كانت في قمة علاقاتها الإيمانية بمعتقداتها النصرانية التقت بشاب مصري فدعته للنصرانية كما هو ديدنها مع جميع من كانت تلتقيهم آنذاك كمنصّرة.
دارت بين باتينا والشاب المصري سلسلة مناقشات موضوعية ساخنة تحتشد بالكثير من الأسئلة المتعلقة بالرب والإسلام والنصرانية.. عندما تطرق النقاش لمسألة التثليث وجدت باتينا نفسها عاجزة عن تفسير هذه القضية التي لم تقتنع بها يوماً.. فهي -وبفطرتها السليمة- كانت تتساءل في استنكار: ما هو الروح القدس؟ وما هي حقيقة شخصية عيسى -عليه السلام-؟ ما كان يثير شكوكها أن عيسى -عليه السلام- لم يرد ذكره على أنه الرّب في الكتاب المقدّس ولا في أي كتاب من كتب النصرانية المحرفة.
إلى جانب قضية التثليث وجدت باتينا نفسها عاجزة كذلك عن الإجابة عن الكثير من الأسئلة.. للخروج من هذه الأزمة العقدية اضطرت إلى أن تقرأ الكتاب المقدّس مرة أخرى وبتعمق.. وجدت أن صورة عيسى -عليه السلام- في الكتاب المقدس صورة بشرية.. رجعت إلى تطبيق النصرانية في حياة الناس.. وجدت أن المسيحيين يطبقون من المسيحية ما ذكره "بولس".. توصلت أخيرًا إلى أنها لم تجد في النصرانية منهاجًا شاملًا أو أيديولوجية متكاملة.. شعرت حينها بأن قوة علاقتها مع النصرانية أخذت تقل وتتناقص شيئًا فشيئًا.. بدأت تدرس القرآن الكريم.. لكن برغم اقتناعها بالإسلام استغرقت وقتًا طويلًا قضته متنازعة بين ثلاثية البحث والدراسة والتردد.. في البدء كان يعز عليها أن تبدّل دينها.. لكن بعد المزيد من المناقشات والبحث المستمر وجدت أن حبال النصرانية أصبحت واهية وكل العوائق التي كانت تقف حائلًا بينها وبين الحقيقة قد سقطت، كما اقتنعت تمامًا بأن ما جاء به القرآن الكريم هو وحده الحق الذي يعلو ولا يعلى عليه.. عندما وصلت إلى هذه النقطة –نقطة اللاعودة- انتابها إحساس بأنها ولدت من جديد.
بدأت بعدها تمارس الشعائر الإسلامية بصورة متدرجة، بدءًا بأداء الصلوات الخمس، مرورًا بتطبيقها لبقية الفرائض، وانتهاءً بأدائها للسنن والتي من بينها صيام يوم عرفة.. أخيرًا أكدت لها هذه الممارسات أن عقيدة الإسلام هي الطريق الحق الذي لا حق سواه.
توقفت "باتينا" فجأة عن سرد قصتها الباهرة لتقول بلغة عربية مكسرة، وبصوت خافت يزينه الخشوع ونبرة صادقة دفيئة سالت من جرّائها دموع الحاضرين: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، اللهم إني أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت، رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا ورسولًا".
بانتهاء باتينا من سرد قصتها التي اختتمتها بإشهارها لإسلامها الذي تتحمس له بفخر وغيرة، بدأت مراسم حفل زفاف هذه العروس الاستثنائية، التي أشاعت الفرح وأدخلت البهجة في نفوس الحضور..
ويا له من عرس في الدنيا يعقبه عرس الآخرة.. والآخرة خير وأبقى..
تأمل كيف يشعر المؤمن بقوة الإيمان فلا يخجل ولا يضعف!!
تأمل كيف وقفت قوية أمام جميع الحضور في عرسها وأعلنت إسلامها بفخر كبير.. ودون أن تخشى لومة لائم..
وتأمل كيف وقف من كانت تدعوه إلى النصرانية قويًّا وردّ الدعوة بمثلها!!
لسان حاله يقول: كيف تجدين القوة لدعوتي إلى الضلال.. ولا أجد القوة لدعوتك إلى الحق؟!!
إنها قوة الإيمان بالحق..
اسألوا الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.
-----------------------------
المصدر:
عبد الصمد، محمد كامل (1995)؛ الجانب الخفي وراء إسلام هؤلاء؛ ثلاثة أجزاء؛ القاهرة: الدار المصرية اللبنانية للنشر.