عدد الزيارات: 4.2K

عظمة القرآن


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 22/01/2021 هـ 09-06-1442

الحقيقة ضالة صاحب الحق أيًّا كانت ديانته ومذهبه، أنى وجدها فهو صاحبها وهي قائدته..

وللحقيقة وجه واحد لا يتبدل وصورة واحدة لا تتغير.. تأبى أن تبقى خفية غامضة..

كل من بحث عنها بصدق أبصر نورها حتى لو كان فاقد البصر..

هذا اليهودي الأمريكي، بطل هذه القصة، بحث عن الحقيقة بصدق وإخلاص فوجدها مشرقة خلف تلال من الكذب المزيف.. ما هي هذه الحقيقة وكيف وجدها.. هذا ما يرويه لنا اليهودي الأمريكي ميليتش ياكوف في الفقرات التالية:

ولدت في أحد أحياء مدينة نيويورك التي ما زلت أعيش فيها حتى الآن لعائلة يهودية.. أطلق علي والداي اسمًا عبرانيًّا هو "ميليتش ياكوف".. على الرغم من انتمائنا إلى اليهودية الشاسية المعروفة بتزمتها المتطرف فإننا لم نكن نلتزم بجميع شعائرها الصارمة التي يفرضها علينا المحفل الشاسي، الذي كنا نذهب للصلاة فيه كل يوم سبت.. اختلافنا في المظهر والسلوك عن بقية أفراد الطائفة الشاسية خير دليل على أننا عائلة شبه متدينة.. فبينما كان أفراد طائفتنا يرتدون البدلات السوداء والقبعات، ويطلقون اللحى وتتدلى سبلتان طويلتان على خد الواحد منهم، كان أفراد عائلتي يختلفون عنهم في ارتدائهم الملابس العادية.. كما أنهم كانوا يطبخون ويستخدمون الكهرباء في يوم السبت على عكس بقية أفراد الطائفة.. هذا عن أفراد عائلتي، أما أنا فقد كنت أكثرهم بعدًا عن الدين؛ فعلى سبيل المثال لم أكن أضع "الكيبا" فوق رأسي كما أنني ترعرعت في وسط دنيوي غير متدين، وكان يحيط بي كثيرون من زملاء الدراسة من غير اليهود.

وعلى الرغم من أنني لم أكن متدينًا ظللت أشعر بعقدة الذنب لعدد من السنين نتيجة لعدم التزامي بتعاليم طائفتي الدينية مثل قيادتي السيارة يوم السبت وتناولي طعامًا لا تبيحه الشريعة اليهودية.. وقد يعزى شعوري بالذنب إلى إحساسي القوي بأن تلك الأوامر الدينية ما هي إلا علامات في طريق يريدني الله أن أعيشه.. بالتالي كنت في كل مرة لا ألتزم فيها تلك الأوامر أشعر بأنني أرتكب خطيئة في نظر الله.. لكل لذلك يمكنني أن أقول إن اعتناقي للإسلام اتخذ له طريقًا لولبيًّا حلزونيًّا غير مستقيم.

أتذكر أن أمي كانت تروي لي في طفولتي قصص مشاهير الحاخامات كما كانت تقرأ لي القصص الأسطورية من "الهغادة" والتوراة.. وهنا أشير إلى أن تلك القصص تحمل نفس الرسالة الأخلاقية التي عززت انتمائي إلى الجماعة اليهودية وإسرائيل.. لقد كانت قصصًا تتحدث عن الاضطهاد الذي تعرض له اليهود على مرّ التاريخ، كما كانت تتحدث عن وقوف الله إلى جانبهم كشعبه المختار حتى النهاية.. وتركز تلك القصص -التي تربينا عليها كيهود- على المعجزات التي تسعف اليهود على الدوام حينما يكونون في أشد حالات الضيق، كما تصور بقاءهم على مر التاريخ -وسط النزاعات والمحن- على أنه معجزة من الله لحفظ شعبه المختار.

الحقيقة، بالرغم من إحساسي القوي بهويتي كيهودي، فإنني كنت أشعر بالملل تجاه صلاة السبت التي كنت أذهب إليها مع أبي، بل كنت أنظر في استياء إلى منظر المصلين بقبعاتهم السوداء ولحاهم الطويلة وأستمع في تبرّم وضيق إلى صلاتهم التي يؤدونها بلغة غريبة تشعرني بأنني وسط عالم غريب.. عالم يختلف كل الاختلاف عن عالم أصدقائي ومعارفي الذين كنت أشعر بالبهجة وسطهم.. لكل هذا لم نكن أنا ووالدي ملتزمين بأسلوب الحياة الشاسية مثل بقية أفراد العائلة، لذلك كنا نذهب إلى المحفل بصورة غير منتظمة حتى كان ذلك اليوم!

في أحد الأيام وكنت حينذاك في الثالثة عشرة من عمري شهدت مشاجرة حدثت لأبي مع بعض أعضاء المحفل اليهودي.. قطعت تلك المشاجرة شعرة معاوية التي كانت تربطنا -أنا وأبي- بالمحفل؛ إذ توقفنا عن زيارته تمامًا.. عقب ذلك حدث أمر آخر أحدث انقلابًا في حياة أبي؛ إذ أقنعه أحد الأصدقاء بحب يسوع.. هذا التحول الذي حدث في حياة أبي عزز من مسألة اعتقادي الخاص، فبدأت أطرح العديد من الأسئلة التي من بينها على سبيل المثال: من هو اليهودي بالتحديد؟ وهل اليهودية ثقافة أم قومية أم دين؟ وإن كانت اليهودية قومية فكيف لليهودي أن يكون مواطنًا في قوميتين؟! وشيئًا فشيئًا، أخذت أبتعد عن اليهودية التي لم يكن تديني بها تدينًا نابعًا عن إيمان حقيقي صادق.

في فترة لاحقة -ليست بالبعيدة عن طلاقي لليهودية- تبنينا أنا ورفاقي الكثير من النزعات السياسية، وجربنا كل شيء سياسي وفكري يمكن أن يخطر ببال بشر.. بدءًا بالدعوة إلى الجمهورية وانتهاءً بالدعوة إلى الشيوعية.. وفي إطار بحثي عن الحقيقة قرأت كل أعمال ماركس، ولينين، وستالين، وماو، وتروتسكي.. في البدء وجدت في الماركسية ما كنت أنشده وأبحث عنه منذ صغري.. وشكلنا أنا ورفاقي ناديًا اشتراكيًّا أسهمنا عبره في الكثير من النشاطات المتنوعة، كالاحتجاجات الداخلية والتضامن مع الإضرابات العمالية، فضلًا عن الترتيب لإحداث ثورة في البلاد.. لكن سرعان ما كرهنا اليسار السياسي الأمريكي، وشعرنا بالاشمئزاز من الطريقة التي يعمل بها، بل ورفضناها تمامًا؛ فقد توصلنا إلى استحالة إحداث ثورة ناجحة بوساطة هذا النموذج العابث من الناس.

وعلى الرغم من كراهيتي لليسار وتوقفي عن النضال لأجل الثورة، فقد أصبحت مناصرًا نشطًا للفلسطينيين؛ لأن قضيتهم هي القضية الوحيدة التي وجدت نفسي أتحمّس لها بشدة.. ما أعطاني الشعور بالكبرياء مهاجمتي للاتجاه السائد الداعم لإسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني.. أردت من هذا الموقف أن يعلم العالم حقيقة أنه ليس كل اليهود سيئين.

من ناحية ثانية لم أكن في الحقيقة ملحدًا على الرغم من أنني هجرت اليهودية وأصبح هدفي الأسمى والأوحد هو خدمة الإنسانية.. نعم لم أكن ملحدًا ومع ذلك كنت أكره الأديان كلها؛ إذ توصلت إلى قناعة مفادها أن الدين هو أداة يستخدمها المسؤولون للتحكم في بقية أفراد المجتمع. ما أوصلني إلى هذه القناعة المفاهيم التي يتبناها "المسيحيون المتطرفون" في أمريكا.. لقد كنت أستنكر عليهم العديد من الأشياء مثل إنكارهم للعلم ودعمهم للقيم القديمة للرجل الأبيض، أضف إلى ذلك الطريقة التي يتبعها اليهود في تعاملهم مع الفلسطينيين.. برغم ذلك ظللت أؤمن بالله إيمانًا سطحيًّا.. بيد أن هذا الضعف الديني الذي كنت أعيشه أحدث في داخلي فراغًا كبيرًا.. حتى أنني أصبحت أتمنى في بعض الأحيان لو أنني كنت رجلًا متدينًا، إذ كنت أشعر بأن المتدينين يعيشون حياة أكثر سعادة منا نحن غير المتدينين.

عندما وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، أخذت وسائل الإعلام الغربية تعمل على التكريس بشدة للصورة السلبية التي سبق أن رسمتها للإسلام في أذهان الغربيين.. كنت من البداية أعرف أن وسائل إعلامنا تمارس الكذب والتضليل على الرأي العام وذلك لعلمي أن هذه الوسائل تحمي فقط مصالح أولئك الذين يسيطرون عليها.. وعندما لاحظت أن معظم من يشنون الهجوم على الإسلام هم من المسيحيين المتطرفين بدأت أنظر إلى الإسلام من منظور آخر؛ إذ أخذ يبدو لي دينًا باهرًا وساحرًا يختلف عن بقية الأديان التي عرفتها.. الحقيقة شكرت الله كثيرًا على ما تعلمته من خلال تجربتي السياسية السابقة إذ تعرفت عبرها إلى كل من المجتمع ووسائل الإعلام، الأمر الذي جعلني غير مصدق لكل الأكاذيب التي سمعتها عن الإسلام من خلال محطات التلفزة الغربية.

وفي أحد الأيام سمعت شخصًا يتحدث عن الحقائق العلمية التي يحويها الكتاب المقدس.. تساءلت يومذاك: هل يحوي القرآن حقائق علمية بين جوانحه؟

للإجابة عن هذا السؤال دخلت الشبكة العنكبوتية وشرعت في البحث عن هذا الموضوع.. لقد وجدت أمامي مفاجأة غير متوقعة تشيب لها الرؤوس!! حقيقة انبهرت بقدر ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.. لقد وجدت الكثير من الأشياء المذهلة التي أعجز عن وصفها بالكلمات!! يا للروعة!! أدهشني بشدة ما يتمتع به القرآن من تناغم منطقي متفرد.. أدركت مدى عظمة القرآن وتفرده عندما قارنت رسائله الأخلاقية مع تلك التي تعلمتها في الكتاب المقدس!! يا لعظمة القرآن!! كما وجدت نفسي أستمتع بقراءته، مقارنة بالكتاب المقدس الذي كانت قراءته تبعث الملل في نفسي.

قضيت وقتًا طويلًا وأنا ألتهم في نهم المقالات الكثيرة التي تتحدث عن الإسلام والتي عثرت عليها في شبكة الإنترنت.. وبعد مرور خمسة أشهر من الدراسة المكثفة وجدت نفسي أنطق شهادة الإسلام في فرح طفولي لأنني أصبحت مسلمًا على نحو رسمي.

ويختتم ياكوف قصته بقوله: عقب دخولي الإسلام بصورة رسمية وجدته أفضل من ديني القديم الذي كنت أدين به، بل ولكي أكون أكثر دقة أقول إنه لا مجال للمقارنة بين الاثنين.. لقد وجدت كل شيء في الإسلام منطقيًّا ومعقولًا.. كل عباداته ميسّرة وسهلة للفهم.. في البدء كنت أخاله مثل اليهودية في التشدد بيد أنني وجدته على العكس من ذلك دين تسامح ويسر.. أخيرًا ألخص حديثي لكم في قولي: إن من أهم ما تعلمته من الإسلام حقيقة أن الأديان كلها ذات جوهر واحد لأن الإله المعبود واحد وهو الله، لكن الإنسان هو الذي حرّف هذه الأديان على مر الزمان، ويبقى الإسلام وحده هو الدين الحق..

حقًّا.. "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ"..

"وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ"..

هكذا قال الله.. هكذا أعلنها القرآن قبل أكثر من 1400 عام..

فاستمعوا وأنصتوا واتبعوا الدين الذي لن يقبل الله منكم سواه!!

أسلموا تسلموا في دنياكم وأخراكم..

اسألوا الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

------------------

المصادر:

اللولو، هالة صلاح الدين (2005)؛ كيف أسلمت؟ دمشق: دار الفكر.

مقال بعنوان: "قصة إسلام ميليتش ياكوف"؛ استرجع بتاريخ 8 أغسطس 2017، من موقع: www.islamhouse.com

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.