عدد الزيارات: 9.4K

لحظة فارقة


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 20/03/2019 هـ 03-07-1438

الفضول.. ذلك السلاح الذي هيّأه الله للإسلام!!

كثير ممن دخلوا الإسلام دخلوه بعد أن قرؤوا عنه..

وقرؤوا عنه نتيجة الفضول الذي أوصلهم إليه ذلك السعي الحثيث من أعداء الإسلام لتشويهه والتخويف منه!!

أعماهم الله عن الانتباه لما يثيرونه من فضول كبير لدى من لا يعرفون شيئًا عن الإسلام.. وما أكثرهم..

فتمدُّد الإسلام واتساع رقعته بمعدل يفوق معدلات انتشار الأديان الأخرى مجتمعة، وازدياد معتنقيه بوتيرة متسارعة أكثر من أي وقت مضى، أخاف وسائل الإعلام الغربية فأصبح شغلها الشاغل تشويه صورته ووصف أهله بالإرهاب أملًا في أن يتوقف هذا المد الإسلامي الباهر، ولكن فات عليهم أنهم بذلك يدفعون ببعض بني جلدتهم للقراءة عن الإسلام، ما يجعلهم يكتشفون ضلال تلك الأكاذيب ويدخلون في دين الله أفواجًا.. ومن هؤلاء بطلة قصتنا هذه الفرنسية إلودي سابقًا وتسنيم الآن..

تحكي تسنيم قصة اعتناقها الإسلام فتقول: تم تعميدي في الكنيسة بوساطة عائلتي، كما أديت مناولتي، بيد أن تربيتي لم تكن تتسق مع المبادئ المسيحية على الإطلاق.. لقد فعلت ما سبق ذكره ليس عن اقتناع، ولا رغبة في اتباع تقليد ديني، وإنما فعلت ذلك رغبة مني في تلقي الهدايا.

بحق، طوال فترة حياتي التي سبقت اعتناقي الإسلام، لم تكن لي علاقة بأي دين ولكنني كنت فقط أؤمن بالله.. كانت حياتي تخلو من التفكر في كيفية خلق العالم الذي أعيش فيه، بل لم أكن أطرح على نفسي أي سؤال.. وحتى ما تعلمته من مبادئ المسيحية كنت أؤمن بأهميته دون أن أنسجم معه.. بيد أن لحظة فارقة في حياتي حولتني – تفكيرًا وسلوكًا- مئة وثمانين درجة.. نعم تحولت من فتاة مستهترة لعوب تمضي أمسياتها في المراقص الليلية برفقة كل من يصاحبها، إلى أخرى مهذبة رزينة تفضل البقاء في المنزل على مراقص اللهو العامرة بكل شيء إلا الحياء.

بدأت حياتي تشهد تغييرًا جذريًّا منذ أن بدأت الاهتمام بالإسلام.. وهو اهتمام يعزى إلى ما كنت أسمعه في وسائل الإعلام من ربطها للإسلام بكل أمر سيئ مثل "الإرهاب" و"التطرف" و"العنف" و"المجازر".. الحقيقة ما تبثه وسائل الإعلام عن الإسلام أثار فضولي؛ إذ استغربت أن يكون دين واسع الانتشار مثل الإسلام همجيًّا إلى هذا الحد.. دفعني ذلك إلى أن أبحث عن الحقيقة بنفسي بدلًا من تلقيها من وسائل الإعلام.

وتمثلت البداية في ذهابي إلى إحدى المكتبات، حيث اشتريت ترجمة للقرآن مع أنني لم أقرأ في حياتي إنجيلًا ولا توراة!

وما أن بدأت قراءة القرآن حتى تغيرت الصورة الذهنية التي غرستها في نفسي وسائل الإعلام عن الإسلام بل تلاشت كل أحكامي المسبقة عن هذا الدين العظيم.. وأصبحت بعد ذلك أقرأ القرآن بشغف ومن ثم اكتشفت أن نور الإيمان بدأ ينساب إلى دواخلي في عفوية شديدة.

انتابني حينها إحساس جديد، إذ كلما ازدادت قراءتي للقرآن ازداد شعوري بالخوف من ارتكاب بعض الأمور السيئة مثل التدخين، وارتداء الملابس الضيقة جدًّا.. الحقيقة انتابني الإحساس بأنني أصبحت غريبة تمامًا عن نفسي! لقد تغيّرت نظرتي للحياة تمامًا بقدر ما تعني هذه العبارة من معنى! بل بدأت تترسخ في أعماقي مبادئ وقيم لم أكن أكترث لها من قبل مجرد الاكتراث.. بدأت هذه القيم والمبادئ تؤثر في طريقتي في التفكير وفي سلوكي في الحياة.. نعم اهتديت بحمد الله واستقر في قلبي إيمان لا يتزعزع.

في البدء كنت أتوجس من الدين مخافة أن أضحي بالكثير من ملذات الحياة التي اعتدت عليها، بيد أني وجدت نفسي وبصورة تلقائية أقاطع المراقص الليلية، وأقلع عن المخدرات وعن كل الأفعال المنكرة المشينة.. اندهش الجميع -خاصة أفراد عائلتي– واستنكروا التغير الكبير بل الانقلاب الذي حدث في حياتي.. لم أكن آبه لدهشتهم واستنكارهم لأنني بالفعل لم أعد أرغب في تلك الأمور.

واصلت قراءتي للقرآن الكريم.. أحسست بأنني بحاجة إلى تعميق معرفتي بالإسلام فعدت مرة أخرى إلى المكتبة وقمت بشراء كتب إسلامية أساسية تتحدث بالتفصيل عن أركان الإسلام وعن التوحيد..

وبعد شهرين من القراءة، أعقبهما تفكير متأنٍ عميق قررت اعتناق الإسلام فنطقت بالشهادتين، حيث رددت: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله" ومن ثم أصبحت مسلمة.

وتختتم إلودي قصتها وهي تقول في مرارة منتقدة قومها القدامى: "إن فتاة ترتدي ملابس قصيرة جدًّا لا تزعجهم ألبتة.. لكن حشمة الحجاب تؤذي بعضهم بل بالأحرى تؤذي الكثيرين!".

سبحان الله!!.. ما أعظم الإسلام وما أشد أعداءه وضاعة..

يحبون المستقذر من كل شيء ويكرهون الطيب الطاهر النفيس!!

وبعد كل ذلك يأتي من يتهافتون على القذارة ليهاجموا الطهارة!!

ما أعجب النفوس التي لا تعرف الإسلام..

وما أعظم هذه النفس عندما تشع بنور الإيمان..

اسألوا الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

---------------------------

المصادر:

اللولو، هالة صلاح الدين (2005)؛ كيف أسلمت؟؛ دمشق: دار الفكر.

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.