عدد الزيارات: 16.2K

لعلهم يتفكرون (27)


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 08/09/2019 هـ 01-05-1438

الألوان..

سر البهجة والسرور في الكون وفي حياة الإنسان..

من أين تفيض على الكون بسحرها؟!

وماذا لو أن حياتنا بلا ألوان؟!

هل تخيلتم أنفسكم وحياتكم والكون كله حولكم بلا ألوان؟!

 إن مجرد التفكير في ذلك شيء صعب!

فالزهرة الواحدة..  الطائر الواحد..  عالم من الألوان الملهمة للفنانين والشعراء.

إنها نعمة من الله..  وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها.

فما سر هذه الألوان التي تمنح الحياة سر وجودها؟!

وكيف يكون هذا الكون البديع وقد مُحيت الألوان من صفحاته، فلم نعد نرى عالم النبات زاخرًا بآيات الألوان الناطقة بعظمة الخالق وجلاله؟

ولم نعد نرى ممالك الطيور زاهية بألوانها الرائعة المتناغمة مع الطبيعة التي تنشأ فيها؟

ولم نعد نرى الدواب والأنعام والحيوانات وفيها من عجائب الألوان ما تعجز عن وصفه الكلمات؟

ولم نعد نرى الليل الوقور والشمس الحنون بشفقها وغسقها؟

لم نعد نرى الألوان مع الألوان والجمال مع الجمال؟

إنها ظاهرة الجمال في هذا الوجود.

والأعجب من هذا أن فضل الألوان لا يقتصر على الجمال.. وكفى به فضل للألوان!

إلا أن فضلها يتعدى ذلك إلى التأثير على مزاج الإنسان وتفكيره وأنماط سلوكه؛ فاللون هو طاقة مشعة، لها طول موجي معين، تقوم المستقبلات الضوئية في شبكية العين بترجمتها إلى ألوان.

وتحتوي الشبكية على ثلاثة ألوان هي: الأخضر، والأحمر، والأزرق، وبقية الألوان تتكون من مزج هذه الألوان الثلاثة، وعندما تدخل طاقة الضوء إلى الجسم؛ فإنها تنبه الغدة النخامية والجسم الصنوبري في الدماغ، مما يؤدي إلى إفراز هرمونات معينة؛ تُحدث مجموعة من العمليات الفسيولوجية؛ التي تؤثر مباشرة على تفكير ومزاج وسلوك الإنسان.

الأصفر يبعث النشاط في الجهاز العصبي..

الأرجواني أو البنفسجي يدعو إلى الاستقرار..

الأزرق يُشعر الإنسان بالبرودة..

الأحمر يُشعره بالدفء..

أما ما يبعث السرور والبهجة وحب الحياة في نفس الإنسان فإنه اللون الأخضر.

لذا فهو لون ثياب الجراحين ومساعديهم من الممرضين والممرضات في غرف العمليات الجراحية.

ويكفي هذا اللون فخرًا كونه لون لباس أهل الجنة وفراشهم.

والعجيب في الألوان كذلك أن تأثيرها لا يقتصر على المبصرين الذين يرونها..

 بل يتعداهم إلى  كفيفي البصر!

وذلك عن طريق ترددات الطاقة التي تتولد داخل أجسامهم من الألوان المحيطة بهم!

 

والآن من آيات الألوان في كتاب الله المنظور..

إلى آيات الألوان في كتاب الله المسطور..  القرآن الكريم.

تأمَّلوا معي كيف ذُكرت الألوان في القرآن وكيف كان لها حضور مميّز في آياته..

كيف عبّر القرآن بالألوان عن اختلاف الجبال والناس والدواب والأنعام والثمار والزرع وما يخرج من بطون النحل.. وكيف جعل الله تعالى اختلاف الألوان آيات لقوم يتفكرون ويتأملون!

تأملوا كيف ورد اللون الأخضر في الآيات التي تصف حال أهل الجنة وما يحيط بهم من النعيم في جو رفيع من البهجة والمتعة والأمان النفسي!

لقد حظي اللون الأخضر بمقام سامٍ بأن جعله الله من نعيم أهل الجنة، ولون لباسهم وفراشهم.

اللَّون الأخضر ورد في القرآن  8مرّات، وعدد أبواب الجنة 8

اللَّون الأسود ورد في القرآن 7 مرّات، وعدد أبواب النار 7

تأمّلوا هذا البناء الرقمي المبهر!

 

الأعجب أن ألوان الطيف الضوئي في قوس المطر عددها  7 ألوان:

الأحمر–  البرتقالي –  الأصفر–  الأخضر–  الأزرق –  النيلي–  البنفسجي.

هذه الألوان هي التي تتشكل في قوس المطر، ومن مزجها يظهر اللون الأبيض.

تذكروا .. كم عدد هذه الألوان؟

نعم.. عددها 7 ألوان.

فكم مرة وردت الألوان مجتمعة في القرآن الكريم؟

ورد ذكر الألوان مجتمعة في القرآن الكريم 7 مرّات!

 

إن القرآن يبني ذكره للألوان وفق منظومة سباعية مبهرة، وذلك لارتباط الألوان ذاتها بالعدد 7

فتأمّلوا هذه الحقيقة:

حرف الألف ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 1

حرف اللّام ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 23

حرف الواو ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 27

حرف الألف ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 1

حرف النون ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 25

هذه هي أحرف لفظ (ألوان) مجموع ترتيبها الهجائي = 77

تأمّلوا العدد 77 وانتبهوا إلى أن لفظ (ألوان) ورد في القرآن 7 مرّات!

 

الآن تأمَّلوا الآيات التي ورد فيها لفظ (ألوان) في القرآن:

وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ(13)  النحل

ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(69)  النحل

وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ(22)  الروم

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ(27)  فاطر

وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) فاطر

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21) الزمر

هذه الآيات عددها 6 ولفظ (أَلْوَانُهُ) يتألّف من 6 أحرف وجاء بعد 6 كلمات من بداية الآية الأولى.

تأمّلوا أوّل 6 أحرف في آيات الألوان الست (وَمَا ذَرَأَ): و، م، ا، ذ، ر، أ

هذه الأحرف تكرّرت في آيات الألوان الست 196 مرّة، وهذا العدد = 7 × 7 × 4

 

ولمزيد من توضيح هذه المنظومة السباعية تأمَّلوا الآية الأولى التي يرد فيها ذكر الألوان في القرآن..

لقد ذُكرت الألوان مجتمعة في القرآن لأوَّل مرة في هذه الآية:

وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) النحل

تأملوا..

لفظ الألوان جاء في ترتيب الكلمة رقم 7 من بداية الآية!

والعجيب أنه جاء في ترتيب الكلمة رقم 7 من نهاية الآية أيضًا!

تأملوا الأعجب وأكملوا المنظومة السباعية للألوان في القرآن..  ومنذ الآية الأولى التي يرد فيها ذكر الألوان!

عدد حروف الآية 49 حرفًا، وهذا العدد = 7 × 7

أرأيتم كيف يبهرنا القرآن دائماً دون أن تنتهي عجائبه!

تأمّلوا المنظومة السباعية للألوان من خلال هذا الميزان القرآني الدقيق:

سبحان من أبدع هذا البناء المحكم!

عدد ألوان الطيف الضوئي 7 ألوان!

ورد ذكر الألوان مجتمعة في القرآن 7 مرّات!

أوّل مرّة يرد ذكر الألوان جاء في ترتيب الكلمة رقم 7 من بداية الآية!

أوّل مرّة يرد ذكر الألوان جاء في ترتيب الكلمة رقم 7 من نهاية الآية!

عدد حروف الآية 49 حرفًا، وهذا العدد = 7 × 7

 

أكملوا معي المنظومة السباعية للألوان في القرآن..

ومن خلال السورة نفسها بل والآية نفسها

عدد كلمات سورة النحل من بدايتها حتى نهاية هذه الآية 147 كلمة، وهذا العدد = 7 × 7 × 3

مجموع أرقام آيات سورة النحل من بدايتها حتى نهاية هذه الآية 91، وهذا العدد = 7 × 13

 13 هو رقم الآية نفسها وهو عدد كلماتها أيضًا!

كلمة (أَلْوَانُهُ) هي الكلمة رقم 34476 من بداية المصحف، وهذا العدد = 13 × 13 × 204

العدد 13 يتجلّى مرّتين لأنه يمثّل رقم الآية وعدد كلماتها أيضًا!

سبحان الله!

الأمر في غاية البساطة!

افتحوا المصحف وتأكّدوا من هذه الأرقام بأنفسكم! فالأمر في غاية البساطة!

أما الشيء الصعب فهو أن يجيب المنكرون للقرآن على أسئلة بديهية:

من رتَّب ألفاظ القرآن وكلماته بهذه الطريقة المحكمة؟!

كم هي العلوم والأعمار التي يحتاجها إنسان واحد ليرتب 77800 كلمة في 6236 آية؟!

تفكّروا في هذا يا أولي الألباب!!

---------------------------------

المصدر:

مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.