عدد الزيارات: 3.6K

لعلهم يتفكرون (63)


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 08/09/2019 هـ 27-03-1439

مليارات البشر..

خلقهم الله في إبداع فائق..

خلقهم مختلفين في أجناسهم وألوانهم ولغاتهم.. برغم أنهم يعودون إلى أبٍ واحد.. آدم..

عربي ورومي وفارسي وإفريقي... أبيض وأحمر وأسود..

هذا يتحدث العربية وذاك ينطق بالإنجليزية وغيره بالروسية والفرنسية.. لغات شتى..

جعلهم الله أزواجًا مختلفة.. أي جماعات شتى وأجناسًا متعددة..

حكمة إلهية عظيمة وراء هذا التنوع المعجز في الدنيا، ثم هو في الآخرة أكبر وأشد تفضيلًا وتنوعًا..

تنظيم تخطّى حدود القدرة البشرية.. وترتيب تعدّى إمكانات العقل الإنساني.

ونهاية أكيدة ستصل إليها هذه الدنيا مع اختلاف ساكنيها.. في ساعة محددة!

ولكن.. متى ستحين هذه الساعة؟!

تأمّلوا معي هذه الآية من سورة الحجر:

لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) الحجر

عدد كلماتها 15 كلمة، وهي بذلك أطول آيات سورة الحجر!

وللعجب فإن ترتيب السورة في المصحف هو رقم 15 أيضًا!

كما أن عدد حروف هذه الآية 63 حرفًا.. سبحان الله!

إنه عدد أعوام عمر النبي -صلى الله عليه وسلم-!

تأمّلوا وتدبّروا معنى الآية جيِّدًا..

والآن لنترك المجال لأبي رافع صاحب النبي –صلى الله عليه وسلّم- ليروي لنا سبب نزول هذه الآية..

فيقول: ضاف النبي –صلى الله عليه وسلّم- ضيف، ولم يكن عند النبي –صلى الله عليه وسلّم- شيء يصلحه، فأرسل إلى رجل من اليهود: (يقول لك مُحمَّد رسول اللَّه أسلفني دقيقًا إلى هلال رجب)، قال: لا، إلا برهنٍ..

فيقول أبو رافع: فأتيت النبي –صلى الله عليه وسلّم- فأخبرته فقال: (أما واللَّه إني لأمين من في السماء، وأمين من في الأرض، ولئن أسلفني أو باعني لأؤدين إليه)، فلما خرجت من عنده نزلت هذه الآية التي يعزيه فيها عن الدنيا..

لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) الحجر

في هذه الآية يخاطب اللَّه عزّ وجلّ عبده ونبيه ويقول له: (لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ)، أي استغن بما آتاك اللَّه من القرآن العظيم عمّا هم فيه من المتاع والزهرة الفانية.. والمراد بكلمة أزواج هنا أي أصناف متعدِّدة من الذين يقفون معاندين لرسول اللَّه –صلى الله عليه وسلّم- ومُنكِرين لمنهجه، وقد كانوا أزواجًا، أي شِلَلًا وشيعًا وجماعات، ضالين ومضلين ومنافقين ومشركين. ومثل ذلك في قوله تعالى: (وإذا النفوس زوّجت) أي جُمع كل شيعة إلى شيعتهم وكل شكل إلى نظيره، اليهود باليهود، والنصارى بالنصارى، والمجوس بالمجوس، والمشركون بالمشركين، والمنافقون بالمنافقين، والمؤمنون بالمؤمنين.

 

انظروا إلى تفاهة الدنيا وكيف حقَّرها اللَّه في عين نبيّه!

وكأن كل حرف في الآية يعادل عامًا من أعوام عمره.

معنى رقمي عميق جدًّا للآية..

ينسجم هذا المعنى الرقمي مع روح الآية ومعناها، حيث يعزي الله فيها نبيه عمّا يلاقيه في الدنيا ويبيّن له أنها لا تساوي شيئًا..

أرأيتم كيف تنطق الأرقام بتفسير الآية؟!

العجيب أن ترتيب هذه الآية من بداية المصحف هو 1890، وهذا العدد = 63 × 15 × 2

15 هو عدد كلمات الآية وهو ترتيب سورة الحجر أيضًا.

و63 هو عدد حروف الآية وعدد أعوام عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضًا!

وكما أن الموت هو آخر الحياة.. سنجد أن الموت هو آخر كلمة في السورة كلها!

وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِيْنُ (99) الحجر

نعم.. اليقين.. هو الموت!!

والآن.. من خاتمة سورة الحجر إلى خاتمة سورة القصص.. حيث خاتمة الأجل!!

وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُوْنَ (88) القصص

إن عدد حروف هذه الآية أيضًا 63 حرفًا.. بعدد أعوام عمر النبي -صلى الله عليه وسلم-.

نعم.. كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ! فسبحانه هو الله وحده الحي الذي لا يموت!

 

ولكن هل لاحظتم رابطًا آخر بين آيتي الحجر والقصص؟

الآيتان لهما رقم واحد (88):

لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) الحجر

وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُوْنَ (88) القصص

تأمّلوا أيضًا كيف خُتمت سورة القصص!

لقد خُتمت السورة كلها بكلمة (تُرْجَعُوْنَ)!

التشابه بين السورتين حتى في معنى الخاتمة.. الموت.. الساعة!

والعجيب أيضًا أن مجموع الترتيب الهجائي لأحرف كلمة "ترجعون" هو 88

الحرف

ترتيبه الهجائي

ت

3

ر

10

ج

5

ع

18

و

27

ن

25

المجموع

88

 

إنه العدد نفسه! سبحان الله!

حتى حرف النون.. آخر حرف في آخر كلمة وآخر آية في السورة!

حرف النون ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية 25

فهل تعلمون أن 25 هو عدد آيات القرآن التي أرقامها (88)!

حقًّا لا تنقضي عجائبه!

لنأخذ آية أخرى من سورة يونس لنثبت أنه لا مجال للمصادفة في إعجاز هذا العدد 63

إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيْعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيْدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوْا وَعَمِلُوْا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِيْنَ كَفَرُوْا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيْمٍ وَعَذَابٌ أَلِيْمٌ بِمَا كَانُوْا يَكْفُرُوْنَ (4) يونس

هذه الآية تبدأ بالحديث عن الرجوع إلى الله أيضًا وعدد حروفها 126 حرفًا، وهذا العدد = 63 + 63

الدلالة الرقمية نفسها!

ننتقل إلى آية أخرى في نفس السورة تتحدث عن وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلّم- والرجوع إلى الله ليتأكد الأمر أكثر:

وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46) يونس

كما ترون وكما هو متوقّع فإن عدد حروف هذه الآية 63 حرفًا!

كل حرف منها يقابل عامًا من أعوام عمره -صلى الله عليه وسلّم-!!

والعجيب أن رقم الآية هو 46، وهذا العدد = 23 + 23 وهو نفس عدد أعوام الوحي!! 

 

آية أخرى في سورة يس تتحدث عن الموتى:

إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) يس

ترتيب هذه الآية من بداية المصحف 3717، وهذا العدد = 63 × 59

سبحان الله!

 

ولأن موت النبي -صلى الله عليه وسلم- من علامات الساعة، ولأنه خير الراجعين إلى اللَّه عزّ وجلّ..

تأمّلوا هذه الآية من سورة الزخرف التي تتحدث عن الساعة والرجوع إلى الله:

وَتَبَارَكَ الَّذِيْ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُوْنَ (85) الزخرف

نعم.. إن عدد حروف هذه الآية 63 حرفًا كذلك!

كما أن ترتيب هذه الآية من بداية المصحف هو 4410، وهذا العدد = 63 × 70

كما أن رقم هذه الآية 85، وهذا العدد = 47 + 38

47 هو ترتيب سورة مُحمَّد في المصحف و38 هو عدد آياتها!

ما أعجب هذا النظم!

 

لنتأمّل آية الأمر بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في سورة الأحزاب:

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) الأحزاب.

نعم.. إن عدد حروف هذه الآية 63 حرفًا كذلك!

 

لنتأمّل آية أخرى تربط بين قيام الساعة والعدد 63.. عمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-..

إنها الآية رقم 63 من سورة الأحزاب:

يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيْكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُوْنُ قَرِيْبًا (63) الأحزاب

رقم الآية 63 وعدد أعوام عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- 63 والحديث في الآية عن قرب قيام الساعة!

سبحان الله! أليس هو القائل إن بين يدي الساعة: (مَوْتِي)! وفي روايات أخرى (موت نبيِّكم)؟!

الآن تأمّلوا الآية وهي تختتم بقوله تعالى: وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا!

ولتأكيد قرب الساعة الذي تتحدث عنه الآية يأتي رقمها 63 وليس أي عدد آخر!!

لأن 63 هو بالفعل عدد أعوام عمر النبي -صلى الله عليه وسلم-!!

سبحان الله! كيف يجرؤ بعضهم بعد هذا على تكذيب هذا القرآن؟!

إن تكذيبهم لا يعني سوى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو من حدد عمره!!

أو أنه كان يعلم تاريخ وفاته حتى يضع هذه الآية في هذا الموضع تحديدًا!!

فهل يمكن أن يقول ذلك عاقل؟!

---------------------------------

المصدر:

مصحف المدينة المنوّرة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.