عدد الزيارات: 7.6K

ميلاد جديد


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 20/03/2019 هـ 03-07-1438

خطوات محددة.. يخطوها من أراد الله به خيرًا..

خطوات تعقبها مفاجأة غير متوقعة.. مفاجأة سارة..

بل إنها أهم وأكبر خير يقدره الله لإنسان..

مفاجأة الإيمان.. الفوز بالإسلام..

من أراد الله به خيرًا تجده يلاحظ ما لا يلاحظه غيره!!

يهتم بما لا يعلم هو نفسه لمَ يهتم به!!

بطلة قصتنا مثال حي على ذلك.. ظلت منذ ميلادها ترضع العداء للإسلام من ثدي أمها ومن أثداء بني جنسها.. درست اللاهوت وأصبحت معلمة.. لازمت الكنيسة وتدرجت في مناصبها حتى أصبحت قسيسة متعصبة.. همها الأوحد تنصير أكبر عدد من المسلمين عبر حملاتها التنصيرية، وشغلها الشاغل تأليب أكبر عدد من المسيحيين ضد الإسلام من خلال كتاباتها المغرضة.

وفي حملة تنصيرية أقيمت في الفلبين جمعتها المصادفة بدكتور فلبيني قادم من إحدى الدول العربية.. من خلال سلوكه اكتشفت إسلامه، ولمعرفة السر الكامن وراء إسلامه بحثت وسألت فعرفت أن الإسلام ليس كما كانت تعرف عنه من قبل، فاعتنقت الإسلام بعد مرورها بعدد من المحطات..

إنها معلمة اللاهوت والقسيسة والمنصرة ميري واتسون سابقًا والداعية المسلمة خديجة الآن.. لماذا أسلمت؟ وكيف أسلمت؟ ولماذا غيّرت اسمها إلى خديجة؟ هذا ما سنعرفه من خلال هذه القصة.

كانت ميري واتسون مؤهلة للعمل في مجال التنصير بفعالية فهي حاصلة على شهادة من كلية أمريكية، وبكالوريوس في علم اللاهوت حصلت عليه من الفلبين، فضلًا عن عملها معلمة للاهوت في كليتين؛ إذ كنت لاهوتية وأستاذة محاضرة وقسيسة.. وإلى جانب عملها الأكاديمي والتنصيري كانت ميري تخصص جزءًا كبيرًا من وقتها لكي تعمل على تكريس الصورة الذهنية المشوّهة عن الإسلام في أذهان غير المسلمين.. وفي هذا الجانب كتبت ميري مقالات عديدة مغرضة ضد الإسلام ندمت عليها عقب إسلامها وهو إسلام تقف وراءه قصة باهرة تدلّ على فطرتها السليمة.

في إحدى الحملات التبشيرية بالفلبين التقت ميري أستاذًا محاضرًا فلبينيًّا قدم من إحدى الدول العربية.. لاحظت ميري على الدكتور الفلبيني سلوكًا غريبًا غير معهود، فسألته في إلحاح حتى اعترف لها بأنه أسلم من حيث أتى، وأن الجميع يجهلون إسلامه.. وهنا راودتها أسئلة فضولية كثيرة: لماذا أسلم؟ ولماذا بدّل دينه؟ وما السر الكامن في هذا الدين الذي دفعه إلى التخلي عن نصرانيته؟

للحصول على إجابات شافية عن أسئلتها فكرت في الاتصال بصديقة فلبينية مسلمة كانت تعمل بالمملكة العربية السعودية.. وبالفعل ذهبت إليها، وبدأت تسألها عن الإسلام العديد من الأسئلة.. وفي البدء استهلّت أسئلتها بالسؤال عن معاملة النساء في الإسلام، لأن النصارى يعتقدون -مخطئين– أن حقوق المرأة في الإسلام مسلوبة بل دون الحد الأدنى.

وهنا قالت ميري واتسون: "بحق شعرت بالراحة الشديدة من حديث صديقتي؛ فاستطردت أسألها عن الله عزّ وجلّ، وعن النبي محمد –صلى الله عليه وسلّم-.. وما أن أجابت عن تساؤلاتي حتى اكتشفت أن كل الكتب التي قرأتها من قبل لمؤلفين نصارى تغصّ بسوء الفهم وتعجّ بالمغالطات عن الإسلام والمسلمين، الأمر الذي دفعني إلى أن أسألها عن القرآن وعن تلك الكلمات المؤثرة التي تقال في الصلاة".

واسترسلت ميري في حديثها قائلة: "ولمعرفة المزيد عن الإسلام انكببت أقرأ الكتب الإسلامية في نهم وشره.. وفي نهاية أسبوع قرأت 12 كتابًا وصلت من خلالها إلى قناعة تامّة مفادها أن الإسلام هو الدين الحق، وأن الله عزّ وجلّ وحده لا شريك له، وأنه سبحانه وتعالى هو الذي يغفر الذنوب والخطايا، وأنه هو وحده الذي ينقذنا من عذاب الآخرة، لكن وعلى الرغم من هذه القناعات فإن الإسلام لم يستقر في قلبي بعد.. فابتهلت إلى الله تعالى أن يهديني إلى سواء السبيل..

وفي ليلة لا تنسى وبينما أنا مستلقية على فراشي، وكنت على وشك أن أنام أحسست بشيء غريب استقر في قلبي، فاعتدلت على الفور وقلت بصدق: يا رب.. أنا مؤمنة بك وحدك.. عقب ذلك نطقت بالشهادتين، وشعرت براحة واطمئنان لم أشعر بهما من قبل.. حمدت الله تعالى على نعمة الإسلام، واعتبرت أن ذلك اليوم هو يوم ميلادي الحقيقي وأطلقت على نفسي اسم خديجة كبديل لاسمي القديم ميري". 

وبررت بطلة قصتنا اختيارها لاسمها الجديد قائلة: "اخترت هذا الاسم لأسباب عديدة من بينها أن السيدة خديجة –رضي الله عنها– كانت أرملة، كما هو حالي، وكان لديها أولاد، وأنا كذلك، وكانت في الأربعين عندما تزوجت النبي –صلى الله عليه وسلّم-، وآمنت بما أنزل عليه، وكذلك أنا كنت في الأربعين من عمري حينما اعتنقت الإسلام.. أما السبب الرئيسي فيتمثل في إعجابي الشديد بشخصيتها لأنها آزرت سيدنا محمدًا –صلى الله عليه وسلّم- وشجعته عندما نزل عليه الوحي".

وتحدثت خديجة عن موقف أبنائها من الإسلام بكلمات امتزجت فيها عاطفة الأمومة مع دافعية الداعية فقالت: "خلال فترة عملي بالمركز الإسلامي بالفلبين كنت أحضر معي للبيت بعض الكتيبات والمجلات وأتركها بالمنزل على الطاولة عن قصد وكلّي أمل في أن يهدي الله تعالى ابني "كريستوفر" إلى الإسلام.. لقد كان الابن الوحيد الذي يعيش معي بالمنزل.. بدأ ابني كريستوفر وصديقه يقرآن الكتيبات والمجلات ويتركانها كما وجداها.. من ناحية ثانية كنت أمتلك (منبّه أذان) فأخذ ابني كريستوفر يستمع إليه مرارًا وتكرارًا عندما أكون أنا خارج المنزل.. ولم يمض وقت طويل حتى أفرحني ابني بشدة وهو يخبرني برغبته في اعتناق الإسلام.. شجعته على ما رغب فيه.. جئته بعدد من الإخوة الذين يعملون معي بالمركز الإسلامي لكي يتناقشوا معه في الإسلام.. تحققت أمنيتي بعد تلك المناقشات إذ نطق ابني الشهادتين، وأطلق على نفسه اسم عمر".

وقبل الوصول إلى خاتمة هذه القصة نورد فيما يأتي بعض مقولات الداعية الإسلامية خديجة:

"الإسلام هو الطريق الأمثل للحياة، وهو البوصلة التي توجه توجيهًا صحيحًا كل مظاهر الحياة في الاقتصاد والاجتماع وغيرهما، بل حتى في الأسرة وفي كيفية التعامل بين أفرادها".

"قراءتي عن الإسلام بعد أن اعتنقته أفادتني في معرفة السر الكامن وراء محاربة الإسلام من قبل جميع الناس.. فالإسلام محارب لأنه أسرع الأديان انتشارًا على مستوى العالم".

"يعتبر المسلمون أقوى الناس لأنهم لا يبدلون دينهم ولا يرضون عنه بديلًا".

"نحن المسلمين نحتاج بشدة إلى أن نظهر الإسلام ونبرز قوته وحسنه وبهاءه وسط البيئات التي يحدث فيها تعتيم أو تشويش إعلامي".

هذه هي قصة ميري واتسون المنصرة سابقًا، خديجة الداعية الإسلامية الآن التي ما إن أسلمت حتى تحول كرهها وعداؤها للإسلام إلى حب فاق حبها لأبنائها ولنفسها بينما تحولت هي من منصرة شديدة الخطورة على الإسلام والمسلمين إلى داعية تبذل الغالي والنفيس في سبيل وصول رسالتها إلى المكابرين من أهل الغرب والمستضعفين من أهالي دول العالم الثالث..

وكما قال النبي –صلى الله عليه وسلّم-: "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام"..

نعم.. فالإسلام دين الفطرة.. لا يتعارض مع أي خير في كل البشر..

من كان به خير فطري قبل الإسلام.. زاد خيرًا بعد إسلامه..

فمن أراد خير الدنيا وخير الآخرة.. فعليه بالإسلام..

فماذا تنتظرون؟! ألا تريدون الخير لأنفسكم في الدنيا والآخرة؟!

إذًا اسألوا الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

--------------------------------------

المصادر:     

فارس، نايف منير (2010)؛ علماء ومشاهير أسلموا؛ الكويت: دار ابن حزم.

معدِّي، الحسيني الحسيني (2009)؛ الإنجيل قادني إلى الإسلام؛ حلب: دار الكتاب العربي.

معدِّي، الحسيني الحسيني (2006)؛ قساوسة ومبشرون ومنصرون وأحبار أسلموا؛ دمشق: دار الكتاب العربي.

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.