تأمّل هذه الآية من سورة فصّلت:
سَنُرِيْهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيٌدٌ (53)
عندما أورد اللَّه عزّ وجلّ في محكم كتابه هذه الآية، سبق في علمه أنه عندما يتحقق العالم من قدرته عزّ وجلّ في الآفاق (علوم الفضاء) وفي النفس البشرية (علوم الطب) فسوف تكون مفاتيح العلم والمعرفة بأيدي غير المسلمين ولذلك افتتح الآية بكلمة (سَنُرِيهِمْ) ولم يقل (سَنُرِيكم)!
الأمر نفسه بالنسبة إلى علم العدد!
فعندما نظم اللَّه عزّ وجلّ القرآن كلّه على الأعداد الأوّليّة الصماء فعل ذلك، وهو يعلم أن العرب سوف يكون لهم السبق في جميع فروع علم العدد والرياضيات إلَّا الأعداد الأوّليّة! فمع أن العرب هم من وضع أصول علم الرياضيات، فإنه ليس لهم أي مساهمة تذكر في مجال الأعداد الأوّليّة الصماء!
وهذا لسوء حظ أعداء القرآن، ولحسن حظنا نحن المسلمين! لماذا؟!
حتى لا يتوهم أحد أن العرب كانوا بارعين في علم الأعداد الأوّليّة ولذلك كان نبيهم مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- يعلم سرّها وقام بنظم هذا القرآن كلّه على أساسها!
تمامًا كما هو الحال بالنسبة إلى أميَّة النبي -صلى الله عليه وسلّم-، وهي شرف في حقه:
وَمَا كُنْتَ تَتْلُوْ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِيْنِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُوْنَ (48) العنكبوت
حتى لا يتوهّم أحد أن النبي مُحمَّدًا -صلى الله عليه وسلّم- تعلّم هذا القرآن أو نقله من الكتب السابقة!
وإذا كان قد فعل ذلك، فمن أين أتى بالنص الذي تحته خط في هذه الآية:
وَإِذْ تَقُوْلُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِيْ فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيْهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَي لَا يَكُوْنَ عَلَى الْمُؤْمِنِيْنَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُوْلًا (37) الأحزاب
ومن أين أتي بالنص الذي تحته خط في هذه الآية:
وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُوْنَنَّ مِنَ الْخَاسِرِيْنَ (65) الزمر
ومن أين أتي بهذه الآية:
وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيْلًا (86) الإسراء
وغير ذلك كثير في كتاب اللَّه عزّ وجلّ لمن له أدنى مستوى من الفهم!
المخاطب بهذه الآيات هو عبد الله ورسوله مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-.
أولئك الذين يتوهمون أن هذا القرآن من تأليف مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- فما تفسيرهم لهذه الآيات!
كيف يعقل أن يكتب أحد على نفسه ذلك؟!
فكيف يعقل أن يكتب أحد كتابًا ثم يكتب في حق نفسه هذه النصوص؟!
لقد وردت كلمة (قَالُوا) في القرآن 332 مرّة، ووردت كلمة (قُلْ) مثلها تمامًا 332 مرّة!
فكيف يعقل أن يؤِّلف أحد كتابًا ثم يقول لنفسه (قُلْ)؟!
هذه الأمثلة بقدر ما هي برهان ساطع على أن هذا القرآن ما هو إلا وحي من عند اللَّه عزّ وجلّ، هي في الوقت نفسه دليل قاطع على أن النبي مُحمَّدًا -صلى الله عليه وسلّم- كان أمينًا في نقل الوحي إلينا ولم يكتم منه شيئًا!
فما بال القوم؟! ألا يتفكرون؟! ألا يفقهون؟! ألا يعقلون؟! أين ذهبت عقولهم؟!
------------------------------------------------------------------------
المصدر:
مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).