رسل الله..
يحملون رسالة واحدة.. من إله واحد..
لا إله إلا الله..
يدينون جميعًا بدين واحد.. الإسلام..
لذا لا غرو أن يبشّروا بخاتمهم.. متمّم رسالتهم..
بشّر عيسى بمُحمَّد.. فهل بشّر موسى بمُحمَّد؟..
بحسب ما جاء في سفر تثنية الاشتراع، وهو الكتاب الخامس من الكتاب المقدّس لليهود والنصارى، خاطب الله عزّ وجلّ موسى –عليه السلام- قائلًا: "أقيم لهم نبيًّا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به (سفر التثنية 18: 18).
إذا كان المخاطب بهذه النبوءة هو موسى -عليه السلام- فلمن إذًا هذه النبوءة؟
يجيبك النصارى من دون أدنى تفكير أنها (للمسيح)!
ولكن المسيح –عليه السلام- لم يرد ذكره في هذه النبوءة!
يقولون لك إن كلمات هذه النبوءة تصف المسيح وأهم كلماتها (مثلك)، أي المسيح مثل موسى!
يقولون إن المسيح مثل موسى وهو ما أخبر الله به موسى في هذه النبوءة (مثلك)!
يقولون إن المسيح كان يهوديًّا وموسى كذلك كان يهوديًّا..
ولكن هذه المعايير العامة يمكن أن تنطبق على أي من الشخصيات المذكورة في الكتاب المقدّس: سليمان، وأشيعا، وحزقيال، ودانيال، وهوسيا، وجويل، وملاخي، ويوحنا المعمدان، إلخ.. لأنهم كلهم يهود بالإضافة إلى أنهم أنبياء أيضًا، بحسب الكتاب المقدّس، فلماذا لا تنطبق هذه النبوءة على أي واحد من هؤلاء الأنبياء، ولماذا المسيح فقط؟
إذا تفكّر النصارى وتجرّدوا من العصبية سوف يكتشفون أن المسيح لا يشبه موسى في أغلب الصفات، فهناك اختلافات جوهرية بينهما: إن مكانة المسيح مختلفة عن مكانة موسى، لأنه وفقًا لاعتقاد النصارى فإن "المسيح إله"، لكن موسى ليس كذلك؛ ووفقًا لاعتقاد النصارى فإن المسيح مات على الصليب مفتديًا خطايا العالم، لكن موسى لم يمت مفتديًا خطايا العالم؛ ووفقًا لاعتقاد النصارى فإن المسيح مكث في النار ثلاثة أيام، لكن موسى لم يفعل ذلك! وبذلك فإن المسيح لا يشبه موسى بأي حال، ونبوءة موسى (أقيم لهم نبيًّا من وسط إخوتهم مثلك) لا تنطبق على المسيح!
ولكن هذه الاختلافات الجوهرية بين موسى والمسيح –عليهما السلام- ليست حقائق مسلّمًا بها، وإنما هي مجرّد مسائل اعتقادية خطأ عند النصارى، فالمسيح –عليه السلام- ليس إلهًا، ولم يُصلب ولم يمت أصلًا ناهيك عن أنه مات مفتديًا خطايا العالم، كما أنه لم يمكث ثلاثة أيام في النار.
والآن اسمحوا لي أن أقدّم لكم هذه المقارنة بأسلوب واضح ومبسّط..
النبوءة التي يؤمن بها اليهود والنصارى على حدّ سواء تقول لموسى:
"أقيم لهم نبيًّا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به".
كل من موسى –عليه السلام- ومُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- جاء إلى الوجود بطريقة طبيعية كسائر البشر، ولديه أب وأم، أما المسيح –عليه السلام- فقد جاء إلى الوجود من خلال معجزة وبطريقة تختلف عن بقيّة البشر، وليس له أب، ومن هذه الناحية فإن موسى –عليه السلام- يماثل مُحمَّدًا –صلى الله عليه وسلّم- ولا يماثل المسيح –عليه السلام-.
اليهود يؤمنون بأن موسى –عليه السلام- نبي، والمسلمون كذلك يؤمنون بأن مُحمَّدًا –صلى الله عليه وسلّم- نبي، ولم يقل أحد من اليهود أو المسلمين إنهما إلهان، أما النصارى فيعتقدون أن المسيح –عليه السلام- إله وليس نبيًّا، فكيف إذًا يكون هذا الإله هو النبي المثيل لموسى –عليه السلام-؟! من هذه الناحية فإن مُحمَّدًا –صلى الله عليه وسلّم- هو النبي المثيل لموسى –عليه السلام-!
موسى –عليه السلام- ومُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- كلاهما تزوّج وأنجب ذريّة، أما المسيح –عليه السلام- فلم يتزوج وبقي أعزب كل حياته، ومن هذه الناحية فإن موسى لا يشبه المسيح –عليهما السلام- ولكنه يشبه مُحمَّدًا –صلى الله عليه وسلّم-.
موسى –عليه السلام- ومُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- تقبلهما معظم الناس خلال حياتهما كأنبياء، أما المسيح –عليه السلام- فقد رفضه اليهود ولم يقبلوه، وزعموا أنهم قتلوه وصلبوه، وبحسب ما جاء في الكتاب المقدّس: "إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله" (يوحنا 1: 11)، ولا يزال اليهود حتى يومنا هذا يرفضون المسيح –عليه السلام- ولا يقبلونه. من هذه الناحية فإن مُحمَّدًا –صلى الله عليه وسلّم- هو النبي المثيل لموسى –عليه السلام-!
موسى –عليه السلام- ومُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- كلاهما نبي وقائد وحاكم ينفذ أحكامًا وقوانين على شعبه، وقد انتصر كلّ منهما على أعدائه ماديًّا وأخلاقيًّا، أما المسيح –عليه السلام- فلم يكن قائدًا ولا حاكمًا ولم ينتصر على أعدائه، وكانت مهمّته توصيل الرسالة فقط، بل طالب بمملكة روحانية فقط في عالم آخر، حيث تؤكد أناجيل النصارى ذلك: "مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم، لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا". (يوحنا 18: 36). ومن هذه الناحية فإن موسى لا يماثل المسيح –عليهما السلام- ولكنه يماثل مُحمَّدًا –صلى الله عليه وسلّم-.
خرج موسى –عليه السلام- وأنصاره بطريقة سريّة من موطنهم للهروب من اضطهاد أعدائهم، وهاجر مُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- وأصحابه بطريقة سريّة من موطنهم للهروب من اضطهاد أعدائهم، أمَّا المسيح –عليه السلام- فلم يخرج من موطنه أبدًا. ومن هذه الناحية فإن موسى –عليه السلام- يماثل مُحمَّدًا –صلى الله عليه وسلّم- ولا يماثل المسيح –عليه السلام-.
إسماعيل وإسحاق أخوان وهما ابنا إبراهيم –عليهم السلام- وكذلك فإن أبناء أحدهم يعتبرون إخوة لأبناء الآخر، فأبناء إسحاق هم اليهود، وأبناء إسماعيل هم العرب، وبذلك فهم إخوة، والأناجيل تؤكد ذلك في أكثر من موضع.. وهذا مطابق للنبوءة (من وسط إخوتهم)، وهي النبوءة التي تذكر بوضوح أن هناك نبيًّا قادمًا سيكون مثل موسى –عليه السلام-، ويجب ألا يظهر من أبناء إسحاق، أو من أنفسهم، لكن من بين إخوته، لذلك فإن مُحمَّدًا –صلى الله عليه وسلّم- من وسط إخوتهم. أمَّا المسيح –عليه السلام- فنسبه من البشر منقطع لأنه ليس له أب، وبحسب زعم النصارى أنه (ابن الله)! ومن هذه الناحية فإن موسى لا يماثل المسيح –عليهما السلام- ولكنه يماثل مُحمَّدًا –صلى الله عليه وسلّم-.
موسى –عليه السلام- ومُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- كلاهما مات موتة طبيعية أخيرة لن يبعث منها إلا يوم القيامة، وجسده مدفون في الأرض، ولم يعد إلى الحياة مرّة أخرى، أمَّا المسيح –عليه السلام- فيعتقد النصارى أنه لم يمت موتة طبيعية بل قُتل وصُلب، ثم عاد إلى الحياة بعد ثلاثة أيام، وجسده غير مدفون في الأرض بل لا يزال حيًّا يجلس عن يمين الله! ولذلك فإن موسى لا يشبه المسيح –عليهما السلام- ولكنه يشبه مُحمَّدًا –صلى الله عليه وسلّم-.
وتمضي النبوءة فتقول: (واجعل كلامي في فمه) ومعناها الواضح أن النبي صاحب هذه النبوءة نبي أمي لا يقرأ ولا يكتب.. بالنسبة إلى موسى –عليه السلام- نزلت عليه التوراة مكتوبة في ألواح وهذا لا خلاف حوله.. وبالنسبة إلى المسيح –عليه السلام- فقد كان يقرأ ويكتب بدليل ما جاء في إنجيل يوحنا: "وأما يسوع فانحنى إلى أسفل وكان يكتب بإصبعه على الأرض". (يوحنا 8: 6)، أما مُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- فقد كان أميًّا لا يقرأ ولا يكتب ولذلك وضع الله عزّ وجلّ كلامه وهو القرآن في فمه! فعندما أطلب منك أن تقرأ صفحة من كتاب مثلًا فهذا لا يعني أني وضعت كلماتي في فمك! وبذلك فإن كلمات القرآن هي وحي أوحاه الله تعالى إلى نبيه الأمّي مُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- وهذا وصف دقيق لما جاء في النبوءة: (واجعل كلامي في فمه).
وفي سفر أشيعا، الإصحاح 29، الفقرة 12، تقرأ: "أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويُقال له: اقرأ هذا، فيقول: لا أعرف الكتابة". وهذه الفقرة تصف بشكل دقيق حال النبي مُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- عندما نزل عليه القرآن في غار حراء لأوّل مرّة، حيث قال له جبريل –عليه السلام-: "اقرأ"، فردّ عليه: "ما أنا بقارئ"، وكلمة "اقرأ" هي أوّل كلمة نزلت من القرآن.
فالنبي مُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- أمّي لم يقرأ ولم يكتب لا قبل الوحي ولا بعده، لأنه لو كان يكتب ويقرأ لارتاب الذين في قلوبهم مرض، ولكنه ظل على الفِطْرة التي اختارها الله له، فهو لم يتعلَّم من أحد من البشر ولم يقرأ كتابًا من الكُتب، وكان مُعلِّمه هو الوحي من ربّه عزّ وجلّ، وهذا هو معنى الرسول النبيّ الأميّ. وهنا يجدر بنا أن نتوقّف مع هذا النص من إنجيل لوقا وهو يصف حال المسيح: "وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل، جالسًا في وسط المعلمين، يسمعهم ويسألهم" (لوقا 2: 46). المسيح جالسًا يتعلم بين أيدي المعلمين في الهيكل! يسمعهم ويسألهم! هنا تسقط عنه صفة الألوهية لأنه كان يتعلم من البشر!
وتمضي النبوءة فتذكر: (فيكلمهم بكل ما أوصيه به)..
فبماذا يوصي الله عزّ وجلّ نبيه مُحمَّدًا –صلى الله عليه وسلّم-؟
إنه يوصيه بما أوصى به اليهود والنصارى أن يتقّوا الله..
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) النساء
إنه يوصيه باتباع صراط الله المستقيم..
وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) الأنعام
الآن تدبّر معنى النبوءة من جديد وبعقلية محايدة: "أقيم لهم نبيًّا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به" (سفر التثنية 18: 18).
كل كلمة من كلمات هذه النبوءة تلائم تمامًا مُحمَّدًا –صلى الله عليه وسلّم- وتنطبق عليه.
فلا داعي لإخراجها عن سياقها لتناسب المسيح –عليه السلام-.
إن القول الراجح في تقدير المؤرّخين الدينيين لميلاد المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام- أنه متقدّم على السنة الأولى ببضع سنوات، وأنه على أصح التقديرات لم يولد في السنة الأولى للميلاد. ففي إنجيل متّى أنه -عليه السلام- ولد قبل موت هيرود الكبير، وقد مات هيرود قبل السنة الأولى للميلاد بأربع سنوات! ويقول الدكتور "بيك" في مناقشة "جون ستيوارت" لمدوّنة "من معبد انجورا": وعبارة وردت في مصنف صيني قديم، يتحدث عن رواية وصول الإنجيل للصين سنة 25 – 28 ميلادية، حيث حدد ميلاد المسيح في عام 8 قبل الميلاد، في شهر سبتمبر أو أكتوبر، وحدّد وقت (الصلب) في يوم الأربعاء عام 24 ميلادية.
والقول الراجح في شأن المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام- أنه أوحي إليه وكُلّف بالتبليغ في عمر 30 عامًا، واستمرت دعوته 3 أعوام ورُفع بعدها إلى السماء وعمره 33 عامًا، وسوف ينزل في آخر الزمان ليحكم بشريعة الإسلام 7 أعوام، ويموت بعدها الموتة التي كتبها اللَّه على كل بني البشر. ويهمّنا من هذا السرد أن المسيح -عليه السلام- رُفع إلى السماء في سن 33 عامًا، وأن ذلك يصادف سنة 24 ميلادية.
وقد وُلد نبينا مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- في عام الفيل، الموافق سنة 571 ميلادية، وقد أوحي إليه في عمر 40 عامًا، وبذلك يوافق أوّل نزول الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلّم- سنة 611 ميلادية. والآن تأمّل هذه الآية من سورة المائدة:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19) المائدة
الفترة في هذه الآية بمعنى الفتور وانقطاع الوحي والرسل.
والفَتْرَةُ في المعاجم اللُّغوية هي المدة الزمنية بين كل نَبِيَّيْنِ.
وفي الصحاح: ما بين كل رسولين من رسل اللَّه عزّ وجلّ، من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة.
تهيأ واستعد!
فأنت على وشك أن ترى مشاهد تاريخية في غاية الأهميّة!
رفع اللَّه المسيح إلى السماء في عام 24 ميلادية، وبذلك انقطع الوحي عن الأرض، وبعد مئات السنين عاود الوحي مرّة أخرى ونزل على النبي مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- في غار حراء، وكان ذلك في عام 611 ميلادية. ومن خلال حسبة بسيطة يمكنك أن تتحقَّق بنفسك من أن فترة انقطاع الوحي وفتوره بين المسيح -عليه السلام- ومُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- هي (611 – 24) أي إنها 587 سنة. احتفظ بهذا العدد وتذكّره جيّدًا!!
احسب وتعجَّب!
إليك آية المائدة مرّة أخرى..
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19) المائدة
ترتيب كلمة "فترة" من بداية سورة المائدة هي الكلمة رقم 587 على وجه الدقة لا تتقدّم ولا تتأخر كلمة واحدة!
فترة انقطاع الوحي بين المسيح -عليه السلام- ومُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- هي 587 سنة.
والعجيب أن كلمة "فترة" لم ترد في القرآن كلّه، من أوله إلى آخره، إلا مرّة واحدة فقط وتحديدًا في هذه الآية!
قوم خصمون!
الكفر ملَّة واحدة وإن اختلف زمانهم ومكانهم!
فهم في كل زمان وفي كل مكان متشابهون في نهجهم!
كلما عرضت عليهم دليلًا حاسمًا لم يفكروا فيه؛ بل فكروا في كيفية دحضه وتكذيبه!
هم لا يبحثون عن الحق بقدر ما يبحثون عن الحجج الواهية التي يبررون بها باطلهم!
لذلك قال الحق سبحانه وتعالى عنهم في سورة الزخرف: (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ).
نعم.. إنهم قوم خصمون ومبالغون في الخصومة والجدل الباطل!
ولذلك سوف يذهبون إلى سورة المائدة ليتحقَّقوا بأنفسهم!
سوف يجدون أن كلمة (فَتْرَةٍ) ترتيبها بالفعل رقم 587 من بداية السورة!
وسوف يتحقَّقون من تاريخ مولد المسيح -عليه السلام- ويجدون أن هناك روايات عدّة أصحّها أنه ولد عام 8 قبل الميلاد. وسوف يتحقَّقون من تاريخ مولد نبينا مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- ويجدون أن هناك ثلاث أو أربع روايات أصحها أنه ولد عام 571 ميلادية. ماذا سيفعلون؟! سوف يحاولون الاحتماء بأضعف الروايات للهروب! ولكن هيهات هيهات! فأيًّا كانت الرواية التي يعتمدونها في مولد المسيح -عليه السلام- وأيًّا كانت الرواية التي تروق لهم بشأن مولد مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- وأيًّا كانت المدَّة الزمنية لفتور الوحي وانقطاعه بينهما بحسب رأيهم، وأيًّا كان الرسم الذي يتبنّونه في عدّ الكلمات.. عثماني أو إملائي، فإن فترة انقطاع الوحي بين المسيح -عليه السلام ومُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- لا تقل بأي حال عن 578 سنة ولا تزيد على 595 سنة! وأنَّ أوّل كلمة في الآية رقم 19 من سورة المائدة ترتيبها رقم 578 من بداية السورة وآخر كلمة في الآية نفسها ترتيبها رقم 606، وبذلك فإن الآية تحتضن جميع الاحتمالات والروايات الواردة بشأن المدّة الزمنية لفتور الوحي وانقطاعه بين المسيح -عليه السلام- ومُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- فتأمّل:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19) المائدة
فليختاروا ما شاؤوا وما يروق لهم من روايات..
فإن الحق هو الحق لن يتغيّر.. والقرآن هو القرآن ولن يتبدّل..
مزيد من التأكيد..
تأمّل الآية من جديد..
تأمّل الكلمات الثلاث في الآية (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ)..
هذه الكلمات تتألّف من 11 حرفًا..
الكلمة الأولى ترتيبها من بداية الآية رقم 10
الكلمة الثانية ترتيبها من بداية الآية رقم 11
الكلمة الثالثة ترتيبها من بداية الآية رقم 12
مجموع تراتيب هذه الكلمات الثلاث من بداية الآية = 33
33 هو عمر المسيح -عليه السلام- عندما رفعه الله إليه!
11 هو تكرار لقب المسيح -عليه السلام- في القرآن الكريم!
هذه الآية جاءت في سورة المائدة السورة رقم 5 في ترتيب المصحف..
الآن تأمّل هذه الآيات الخمس من سورة البقرة..
فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) البقرة
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) البقرة
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) البقرة
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) البقرة
حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) البقرة
حروف (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) تكرّرت في الآية الأولى 33 مرّة.
حروف (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) تكرّرت في الآية الثانية 33 مرّة.
حروف (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) تكرّرت في الآية الثالثة 33 مرّة.
حروف (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) تكرّرت في الآية الرابعة 33 مرّة.
حروف (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) تكرّرت في الآية الخامسة 33 مرّة.
مجموع النقاط على حروف هذه الآيات الخمس 99 نقطة، وهذا العدد = 33 × 3
ولكن كم تتوقّع أن يكون مجموع أرقام هذه الآيات الخمس؟
مجموع أرقام هذه الآيات الخمس = 587
تأكّد من هذه الحقيقة بنفسك الآن!
587 هو فترة انقطاع وفتور الوحي بين المسيح -عليه السلام- ومحمد -صلى الله عليه وسلّم-!
ما رأيك في هذه الحقيقة الرقمية الدامغة؟
هل يستطيع أي معاند أو مكابر أن ينكرها وهذه الآيات الخمس أمامنا الآن؟!
مزيد من التأكيد..
انتقل إلى سورة مريم وتأمّل هذه الآيات الثلاث..
يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) مريم
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) مريم
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) مريم
حروف (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) تكرّرت في الآية الأولى 33 مرّة.
حروف (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) تكرّرت في الآية الثانية 33 مرّة.
حروف (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) تكرّرت في الآية الثالثة 33 مرّة.
العجيب حقًّا أن مجموع كلمات الآيات الثلاث يساوي 33 كلمة.
والأعجب منه أن مجموع حروف هذه الآيات الثلاث نفسها 137 حرفًا..
137 عدد أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 33
وهذه الحقائق الرقمية الدامغة ما رأيك فيها؟
مزيد من التأكيد..
تأمّل آية سورة المائدة من جديد..
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19) المائدة
تأمّل مرّة أخرى الكلمات الثلاث في الآية (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ)..
حروف (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) تكرّرت في الآية 79 مرّة!
تأمّل هذا العدد جيِّدًا وانتقل إلى الآية رقم 114 من سورة المائدة نفسها..
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) المائدة
تدبّر معنى هذه الآية جيِّدًا وماذا يقول عيسى -عليه السلام- فيها!
الآية رقمها 114 بعدد سور القرآن..
فكم تتوقّع أن يكون مجموع تكرار حروف (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) في هذه الآية؟
حروف (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) تكرّرت في الآية 79 مرّة!
79 عدد أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 22
22 هو عدد كلمات هذه الآية نفسها.
أرأيت هذا الإحكام في ترتيب حروف القرآن وكلماته وآياته؟!
تأمّل الكمّ الهائل من المتغيّرات التي يحشدها النسيج الرقمي القرآني للمشهد الواحد!
هل يستطيع ذلك بشر؟!
حوار من القلب..
إخواننا في الإنسانية..
أقرب الناس إلينا مودّة من غير المسلمين..
فعلى هامش ما سبق من حقائق علمية بعيدة عن العاطفة.. هل أحصى مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- فترة انقطاع الوحي بينه وبين أخيه المسيح -عليه السلام- وعلم أنها تعادل 587 سنة، ومن ثم وضع هذه الكلمة الوحيدة في القرآن "فترة" في ترتيب الكلمة رقم 587 من بداية السورة؟!
لماذا لم تأتِ هذه الكلمة في أي موضع آخر في القرآن، علمًا بأن عدد كلمات القرآن 77800 كلمة؟!
ولماذا لم تأتِ هذه الكلمة إلا في سورة المائدة؟ علمًا بأن عدد سور القرآن 114 سورة؟!
ولماذا جاء ترتيب هذه الكلمة رقم 587 من بداية سورة المائدة علمًا بأن عدد كلمات هذه السورة 2837 كلمة؟!
اعلم أخي في الإنسانية.. لو لم تكن في القرآن كلّه من أوَّله إلى آخره أي حقيقة يقينية أخرى غير هذه الحقيقة، لكان ذلك كافيًا لإقناع كل من له عقل من النصارى ليعود إلى رشده ويتفكَّر في حقيقة اعتقاده! إلا إن كان من المكابرين الذين يجهدون أنفسهم، ويبذلون الغالي والنفيس في سبيل البحث عن أيِّ حجَّة تبرِّر باطلهم وتدافع عن ضلالهم!
تأمّل وتعجَّب!
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19) المائدة
بعد كلمة "فترة" حتى نهاية سورة المائدة ورد اسم اللَّه 114 مرّة بعدد سور القرآن!
كلمة (جَاءَنَا) في الآية هي الكلمة رقم 593 من بداية السورة، وهذا العدد = 114 × 5 + 23
114 هو عدد سور القرآن!
5 هو عدد أركان الإسلام!
23 هو عدد أعوام الوحي!
هناك آية في سورة المائدة نفسها تشبه إلى حد كبير هذه الآية، فتأمّل:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) المائدة
هذه الآية ترتيبها من بداية المصحف رقم 684، وهذا العدد = 114 × 6
حوار بين اللَّه ورسوله..
أيها النصارى.. إخواننا في الإنسانية..
ننتقل بكم الآن إلى آخر سورة المائدة لنستمع إلى هذا الحوار اللطيف!
حوار بين اللَّه عزّ وجلّ، ورسوله عيسى -عليه السلام- يوم القيامة!
حوار سوف يسمعه كل نصراني.. فانتبهوا جيّدًا:
وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)
هل تفاجأتم بردّ عيسى -عليه السلام-؟! إن عيسى لم يقل إنه إله، ولم يقل إنه ابن اللَّه! بل لو بحثتم ونقّبتم في جميع الأناجيل وكتب النصرانية لديكم لن تجدوا آية واحدة تقول على لسان المسيح -عليه السلام- شخصيًّا إنه قال: (أنا اللَّه، أو أنا ابن اللَّه) فاعبدوني! وإن كل ما قاله عيسى -عليه السلام- لكم أيها النصارى سوف يلخصه لنا هو بنفسه يوم القيامة في 5 كلمات.. (أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ)!
تأمّلوا..
ترتيب سورة المائدة في المصحف رقم 5
هذا المشهد الذي أمامكم يأتي من 5 آيات!
يلخص عيسى -عليه السلام- قوله للنصارى يوم القيامة في 5 كلمات!
نعم.. في 5 كلمات و20 حرفًا، ومجموعهما 25، وهذا هو مجموع تكرار اسم عيسى في القرآن!
عدد كلمات هذه الآيات الخمس 120 كلمة!
والآية الأخيرة رقمها 120 أيضًا!
وعدد آيات سورة المائدة 120 آية!
تأمّلوا اسم (عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) في الآية الأولى!
احسبوا عدد الكلمات من الاسم الثالث (مَرْيَمَ) حتى نهاية السورة.. إنها 114 كلمة!
114 هو عدد سور القرآن!
لم يقتلوه!
ما زلنا في رحاب سورة المائدة ولكن هذه المرّة مع 5 آيات أخرى، فتأمّلوا:
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114)
تأمّلوا اسم (عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) في الآيتين الأولى والأخيرة!
ابدؤوا اسم عيسى في الآية الأولى وأكملوه في الآية الأخيرة!
إذا بدأتم العدّ من اسم (عِيسَى) في الآية الأولى، فإن اسم أمه (مَرْيَمَ) في الآية الأخيرة هو الكلمة رقم 114
ولا يفوتكم تأمّل رقم الآية الأخيرة! إنه العدد 114 نفسه! عدد سور القرآن!
هذا هو القرآن الكريم كلمة وعددًا يؤكد لكم أن (عِيسَى) هو ابن (مَرْيَمَ) وليس ابن اللَّه!
عودوا إلى آيات المائدة الخمس مرّة أخرى وتأمّلوا!
لقد ورد اسم (عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ) في هذه الآيات ثلاث مرّات!
من بعد (عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ) في الموضع الأوَّل حتى اسم عيسى في الموضع الثاني 75 كلمة!
وهذا العدد يساوي 25 × 3
لقد ورد اسم عيسى في القرآن 25 مرّة وورد في هذه الآيات الخمس 3 مرّات!
ما بين اسم عيسى في الموضع الثاني واسم عيسى في الموضع الأخير 33 كلمة!
أنتم النصارى تزعمون بأن عيسى -عليه السلام- (قُتل وصلب) وعمره 33 عامًا!
والمسلمون يؤمنون بأن عيسى -عليه السلام- رُفع إلى السماء وعمره 33 عامًا!
وفي جميع الحالات، فإن العدد 33 متفق عليه!
تأمّلوا..
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) النساء
ترتيب كلمة (قَتَلُوهُ) من بداية الآية هو رقم 33
عدد حروف كلمات (إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ) 33 حرفًا!
إذًا يؤكد لنا القرآن بالكلمة والإحصاء: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ!
هذه الآية عدد كلماتها 34 كلمة بعدد تكرار اسم "مريم" في القرآن!
عيسى هو ابن مريم وليس إلهًا كما يفتري النصارى!! هكذا تقول الأرقام بوضوح!!
فما هو إذًا مصيره -عليه السلام-؟! إليكم الإجابة..
بَل رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) النساء
هذه الآية التي أمامكم ترتيبها من بداية المصحف رقم 651
تأمّلوا هذا العدد جيّدًا، فهو يساوي 611 + 40
فماذا تعني هذه الأعداد؟
لقد أُوحي إلى النبي -عليه السلام- وعمره 40 عامًا، وكان ذلك في عام 611 ميلادية!
هذه الآية نفسها ترتيبها من نهاية المصحف رقم 5586
تأمّلوا جيّدًا العدد 5586 فهو يساوي 114 × 7 × 7
إذا كان 114 هو عدد سور القرآن فإلى ماذا يشير الرقم 7 وما هي علاقته بعيسى -عليه السلام-؟!
الرقم 7 الذي تجلَّى إلى جانب العدد 114 هنا يشير إلى حقيقة في غاية الأهمية!! فانتبهوا جيّدًا!
إن المسيح عيسى -عليه السلام- سوف ينزل في آخر الزمان ويحكم بشريعة القرآن 7 أعوام ثم يموت بعدها!
تفكَّروا في هذا المعنى جيّدًا وتأمّلوا ماذا تقول لكم الأرقام: 114 × 7 × 7
وأقرأوا إن شئتم ما رواه أبو هريرة –رضي الله عنه- في الحديث المتفق عليه في الصحيحين عن النبي –صلى الله عليه وسلّم-: والَّذي نفسي بِيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلًا، فيكسر الصَّليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتّى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها. ثم يقول أبو هريرة وأقرأوا إن شئتم: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا).
وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن النبي –صلى الله عليه وسلّم- أنه قال: (فيبعث اللَّه عيسى ابن مريم.. ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل اللَّه ريحًا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته). أما ما يتناقله بعضهم بأن عيسى -عليه السلام- سيمكث في الأرض أربعين سنة، فيبدو أنهم خلطوا بين عمر عيسى في الأرض، ومدة بقائه بعد نزوله في آخر الزمان، إذ إن عيسى رُفع إلى السماء وعمره ثلاثة وثلاثون عامًا، ثم يعود إلى الأرض ليعيش سبعة أعوام أخرى يموت بعدها ويصلي عليه المسلمون، وهذه أربعون عامًا مجمل بقائه في الأرض، واللَّه أعلم.
اسمحوا لي بعد هذا السرد المطوَّل أن أعود بكم إلى الآية السابقة مرّة أخرى:
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) النساء
تأمّلوا جيّدًا قول اليهود: إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ!
هذا القول فيه حقّ وفيه باطل!!
الباطل في قولهم: (إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ) إذ إنهم لم يقتلوه بل قتلوا شبيهه!
أما الحق ففي قولهم: (الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ) إذ إنه حقًّا ابن مريم ورسول اللَّه!
إذًا فالمسيح ليس إلهًا وليس ابن اللَّه كما يزعم النصارى اليوم، بل هو (ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ)!
هذا قول الأرقام في عيسى -عليه السلام- فماذا يقول القسيس سيلي عن ذلك؟!
القسيس سيلي من أقارب المناضل نيلسون مانديلا، كان يهتم بالنصرانية كثيرًا ويروِّج لها بشتى السبل، وكان نشطًا للغاية في خدمة الكنيسة، ولذلك اختارته الفاتيكان وقدَّمت له الدعم اللازم ليكون من كبار المنصِّرين في جنوب أفريقيا، وكانت الكنيسة تغدق عليه الأموال حتى أصبح غنيًّا وله مكانته المرموقة بين القساوسة.
نستمع إليه في المحطّة الأخيرة من هذا المشهد يروي جانبًا من قصّته..
يروي سيلي قصته فيقول: ذهبت يومًا لأشتري بعض الهدايا من المركز التجاري في بلدتي وفي السوق قابلت تاجرًا يبيع الهدايا، وبعد أن اشتريت ما أريد من هدايا فإذا بالتاجر يسألني: أنت قسيس.. أليس كذلك؟ فقلت له: نعم! فسألني: من هو إلهك؟ فقلت له: المسيح هو الإله! فقال لي: إنني أتحداك أن تأتيني بآية واحدة في (الإنجيل) تقول على لسان المسيح عيسى -عليه السلام- شخصيًّا إنه قال: (أنا اللَّه، أو أنا ابن اللَّه) فاعبدوني! فإذا بكلمات هذا الرجل تسقط على رأسي كالصاعقة، فلم أستطع أن أجيبه وحاولت أن أعود بذاكرتي وأغوص بها في كتب الأناجيل وكتب النصرانية لأجد جوابًا شافيًا فلم أجد!! وبالفعل لم تكن هناك آية واحدة تتحدث على لسان المسيح وتقول إنه هو اللَّه أو إنه ابن اللَّه! وأسقط في يدي وأحرجني الرجل! كيف غابت عني مثل هذه التساؤلات؟ ثم صمَّمت على البحث عن مثل هذه الآيات مهما كلَّفني الأمر، ولكنني عجزت وهُزمت! فذهبت للمجلس الكنسي وطلبت أن أجتمع بأعضائه، وفي الاجتماع أخبرتهم بما سمعت وطلبت منهم أن يردّوا على تساؤله فلم يُجب أحد!
أيها النصراني.. القساوسة لا يجيبونك في الدنيا.. ولن يجيبوك في الآخرة!!..
أجب أنت الآن وانجُ بنفسك.. أنقذ نفسك من حسرة يوم لن ينفعك فيه أحد..
أبحث عن الحقيقة بنفسك ولا تقبل بغير الحقيقة..
لأن الحقيقة وحدها هي الكفيلة بخلاصك من عذاب الله..
هي وحدها التي تتم بها عبادة الله تعالى بإخلاص..
لا تتعصّب ولا تعاند ولا تكابر فالنجاة بين يديك الآن..
بل بين شفتيك.. فماذا تنتظر؟!
---------------------------------
أهم المصادر:
أوّلًا: القرآن الكريم؛ مصحف المدينة المنوّرة برواية حفص عن عاصم.
ثانيًا: الكتاب المقدّس:
- الكتاب المقدّس- نسخة الملك جيمس؛ الطبعة الأولى، بيروت: دار المشرق، 2015.
- الكتاب المقدّس- الترجمة العربية المشتركة؛ بيروت: دار الكتاب المقدّس في الشرق الأوسط.
ثالثًا: المصادر العامة:
- الهندي، رحمة الله بن خليل الرحمن (2009)؛ إظهار الحق؛ الجزآن 1، 2؛ بيروت: المكتبة العلمية.
- ديدات، أحمد (2009)؛ الاختيار بين الإسلام والنصرانية؛ الجزء الأوّل؛ الرياض: العبيكان للنشر.
- ديدات، أحمد (2009)؛ الاختيار بين الإسلام والنصرانية؛ الجزء الثاني؛ الرياض: العبيكان للنشر.
: