عدد الزيارات: 11.3K

آيتان متميزتان


إعداد: الدكتور/ أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
آخر تحديث: 27/08/2017 هـ 24/01/1437

إن اختيار القرآن للحروف يأتي وفق منهج دقيق ونظام محكم. وقد نزل القرآن على الحروف الهجائية العربية ولم يغيّر فيها شيئًا، وهذا ما دفع بعضهم إلى القول إنها توقيفية. وإذا كانت هذه الحروف توقيفية، فإن ترتيبها أيضًا توقيفي، وهذا ما يتأكَّد لدينا من خلال الارتباط الوثيق بين حروف القرآن وترتيبها الهجائي، من خلال نظام دقيق جدًّا لا يحتمل التأويل. ومعلوم أن الحروف الهجائية لم يتم ترتيبها شكليًّا، بحسب تشابه الحروف من حيث رسمها، أي بحسب الترتيب الذي هي عليه اليوم، إلا في عام 90 هجرية، في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي؟!

واللَّه عزّ وجلّ عندما أنزل هذا القرآن العظيم قبل ما يزيد على 80 عامًا من ترتيب الحروف العربية هجائيًّا، على أمّة كانت غالبيتها الساحقة من الأمّيين، أنزله للناس كافة، ولكل زمان ومكان، ولذلك سبق في علمه عزّ وجلّ أن قواعد الإملاء سوف تتطوَّر وتتغيَّر، وأن الحروف العربية سوف يتم تنقيطها وتشكيلها وترتيبها فيما بعد على النحو الذي هي عليه اليوم، وأن هذا الترتيب سوف يكون الأكثر تواترًا في الاستعمال، وسوف يتم بمقتضاه ترتيب المادة اللغوية في المعاجم والقواميس والفهارس العربية الحديثة، وبذلك جاءت هذه الوجوه مُعجزة أيضًا، وذلك تصديقًا لقول النبيّ صلى الله عليه وسلّم عن القرآن "لا تنقضي عجائبه".

تأمّل جيّدًا هاتين الآيتين قبل أن نتعرَّف ما يميّزهما عن سائر آيات القرآن العظيم:

ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُوْنَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُوْلُوْنَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُوْنَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُوْنَ لَكَ يَقُوْلُوْنَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوْتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِيْنَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِيْ صُدُوْرِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوْبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيْمٌ بِذَاتِ الصُّدُوْرِ (154) آل عمران

مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللَّهِ وَالَّذِيْنَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُوْنَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيْمَاهُمْ فِي وُجُوْهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُوْدِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيْلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوْقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيْظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِيْنَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيْمًا (29) الفتح

تأمّل..

اشتملت كل واحدة من هاتين الآيتين على جميع الحروف العربية الهجائية، وعددها 28 حرفًا!

مجموع كلمات الآيتين 129 كلمة، وهذا العدد يساوي 28 + 28 + 73

مجموع رقمي الآيتين 183، وهذا العدد يساوي 114 + 28 + 41

مجموع ترتيب سورتي آل عمران والفتح 51، وهذا العدد يساوي 23 + 28

 

سبحان اللَّه..

28 هو عدد الحروف الهجائية!

114 هو عدد سور القرآن الكريم!

23 هو عدد أعوام الوحي!

73 هو مجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم اللَّه!

41 هو مجموع تكرار أحرف اسم الله ضمن الحروف المقطَّعة!

مجموع العددين 41 + 73 = 114، وهذا هو عدد سور القرآن!

 

إليك ما هو أعجب من ذلك..

تكرار أحرف اسم الله في الآيتين:

تكرار الحرف

ا

ل

ل

هـ

المجموع

آية آل عمران

40

42

42

15

139

آية الفتح

41

27

27

16

111

 
مجموع تكرار أحرف اسم اللَّه في آية آل عمران وآية الفتح 139 و111 على التوالي.. الفرق بين العددين = 28

 

ليس هذا فحسب! تأمّل أحرف اسم "القرآن" في الآيتين:

تكرار الحرف

ا

ل

ق

ر

ا

ن

المجموع

آية آل عمران

40

42

9

7

40

25

163

آية الفتح

41

27

1

15

41

10

135

 
مجموع تكرار أحرف "القرآن" في آية آل عمران وآية الفتح 163 و135 على التوالي.. الفرق بين العددين = 28

 

وليس هذا فحسب! في الجدول التالي سوف نستبعد حرف اللَّام المكرر في اسم اللَّه لنرى كيف تتفاعل الأحرف الثلاثة (ا ل هـ) في آية آل عمران، فتأمّل:

تكرار الحرف

ا

ل

هـ

المجموع

آية آل عمران

40

42

15

97

 

مجموع تكرار أحرف اسم اللَّه في آية آل عمران 97، وهذا العدد يساوي 28 + 28 + 41

العدد 28 يمثِّل مجموع الحروف الهجائية، ويمثِّل أيضًا مجموع تكرار أحرف اسم اللَّه (ا ل هـ) ضمن الحروف المقطَّعة! والعدد 41 يمثِّل مجموع تكرار أحرف اسم اللَّه (ا ل ل هـ) ضمن الحروف المقطَّعة!

في الجدول التالي سوف نستعرض أحرف اسم اللَّه الثلاثة (ا ل هـ) في آية الفتح:

تكرار الحرف

ا

ل

هـ

المجموع

آية الفتح

41

27

16

84

 
مجموع تكرار أحرف اسم اللَّه في آية الفتح = 84، وهذا العدد يساوي 28 × 3

تأمّل..

العدد 28 يمثِّل عدد الحروف الهجائية، ويمثِّل أيضًا مجموع تكرار أحرف اسم الله الثلاثة (ا ل هـ) ضمن الحروف المقطَّعة، لذلك تجلّى الرقم 3 في هذه العملية الحسابية.

وليس هذا فحسب! فتأمّل أحرف كلمة "الوحي" في الآيتين:

تكرار الحرف

ا

ل

و

ح

ي

المجموع

آية آل عمران

40

42

17

2

22

123

آية الفتح

41

27

17

3

13

101

 

تأمّل المجاميع الكليّة في الجدول:

العدد 123 = 41 + 41 + 41، والعدد 41 هو مجموع تكرار أحرف اسم اللَّه ضمن الحروف المقطَّعة!

العدد 101 = 28 + 73، والعدد 73 هو مجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم اللَّه!

مجموع العددين 123 + 101 = 224، وهذا العدد يساوي 28 × 8، والعدد 28 هو عدد الحروف الهجائية!

 

الحرف الذي ترتيبه رقم 23 في قائمة الحروف الهجائية هو حرف اللَّام..

تكرّر هذا الحرف في الآيتين 69 مرّة، وهذا العدد = 23 + 23 + 23

               

حروف كلمة "وحي" في الآيتين:

تكرار الحرف

و

ح

ي

المجموع

آية آل عمران

17

2

22

41

آية الفتح

17

3

13

33

المجموع

34

5

35

74

 

العدد 74 = 28 + 23 + 23 عدد الحروف الهجائية 28 حرفًا، وعدد أعوام الوحي 23 عامًا!

 

تأمّل آية من سورة الفتح

مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللَّهِ وَالَّذِيْنَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُوْنَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيْمَاهُمْ فِي وُجُوْهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُوْدِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيْلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوْقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيْظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِيْنَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيْمًا (29) الفتح

رقم الآية 29.. عدد مماثل لعدد السور التي تبدأ بالحروف المقطَّعة!

بل ومماثل لعدد السور التي لم يرد في أي منها اسم اللَّه!

أوّل حرف في قائمة الحروف الهجائية وهو حرف الألف تكرّر في هذه الآية 41 مرّة!

مجموع تكرار أحرف اسم اللَّه ضمن الحروف المقطَّعة = 41 أيضًا!

مجموع تكرار أحرف اسم "مُحمَّد" ضمن الحروف المقطَّعة = 41 أيضًا!

لاحظ أن حرف الألف هو أوّل أحرف اسم اللَّه، واسم "مُحمَّد" أوّل كلمة في الآية!

مجموع حروف هذه الآية 249 حرفًا، وهذا العدد هو 83 × 3

مجموع كلمات الآية ورقمها (54 + 29) = 83

83 عدد أوّليّ وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 23

 

تأمّل الخاء!

حرف الخاء ورد مرّة واحدة في آية آل عمران، وورد مرّة واحدة في آية الفتح.

في آية آل عمران جاء في كلمة (يُخْفُونَ)، وهي الكلمة التي ترتيبها رقم 34 من بداية الآية.

في آية الفتح جاء في كلمة (أَخْرَجَ)، وهي الكلمة التي ترتيبها رقم 33 من بداية الآية.

الفرق بين ترتيب الكلمتين 34 – 33 = 1

عدد أحرف الكلمة الأولى 5 أحرف، وعدد أحرف الكلمة الثانية 4 أحرف والفرق بينهما = 1

مجموع الترتيب الهجائي لأحرف كلمة (يُخْفُونَ) = 107

مجموع الترتيب الهجائي لأحرف كلمة (أَخْرَجَ) = 23

الفرق بين العددين 107 – 23 = 84 أي 28 + 28 + 28

العدد 107 أوّليّ، وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 28

 

تأمّل الضاد!

حرف الضاد ورد مرّة واحدة في آية آل عمران، وورد مرتين في آية الفتح.

في آية آل عمران جاء في كلمة (مَضَاجِعِهِمْ)، وهي الكلمة التي ترتيبها رقم 62

في آية الفتح جاء في كلمة (فَضْلًا) وكلمة (وَرِضْوَانًا)، ومجموع ترتيب الكلمتين 33

الفرق بين العددين 62 – 33 = 29، وهذا هو رقم آية الفتح!

 

 

تأمّل الطاء!

حرف الطاء ورد مرتين في آية آل عمران، وورد مرّة واحدة في آية الفتح.

في آية آل عمران جاء في كلمة (طَائِفَةً) وكلمة (وَطَائِفَةٌ)، ومجموع ترتيب الكلمتين 22

في آية الفتح جاء في كلمة (شَطْأَهُ)، وهي الكلمة التي ترتيبها رقم 34

مجموع العددين 22 + 34 = 56 أي 28 + 28

 

تأمّل الثاء!

حرف الثاء ترتيبه الهجائي رقم 4، وقد ورد في الآيتين 4 مرّات!

جاء في بداية الكلمة الأولى في آية آل عمران..

في سورة الفتح جاء في 3 كلمات هي: أَثَرِ - مَثَلُهُمْ – وَمَثَلُهُمْ

مجموع ترتيب هذه الكلمات الثلاث من بداية الآية = 78 بعدد الحروف المقطَّعة!

مجموع ترتيب هذه الكلمات الثلاث من نهاية الآية = 87 أي 29 × 3

والعدد 29 هو عدد السور التي تبدأ بالحروف المقطَّعة، وهو رقم الآية أيضًا!

والرقم 3 هو عدد الكلمات التي ورد بها حرف الثاء!

 

تأمّل..

البداية عكس النهاية، ولذلك جاء مجموع ترتيب الكلمات الثلاث من بداية الآية 78، ومن نهايتها 87

والعددان متعاكسان!

وهكذا فإن الأرقام والأعداد جزء أصيل من القرآن لا يمكن بأي حال فصلها عنه!

وإن للأرقام لغتها تمامًا كما للحروف والكلمات!

نعم ما عادت الأرقام مجرد رموز صمَّاء لا حول لها ولا قوة، وكذلك الحال مع الحروف التي كانت حبيسة سجون التجريد.. إنَّها من آيات الله الكونيَّة التي لا تفوقها هيبة مواقع النّجوم، ولا تبزُّها عظمة أحجام المجرَّات.

-----------------------------------------------------------

المصدر:

مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.