العدد الأوّليّ، أو العدد الأصمّ هو عدد صحيح أكبر من واحد ولكنه لا يقبل القسمة إلا على نفسه وعلى الرقم 1 فقط، وفيما عدا ذلك فإن جميع الأعداد الصحيحة الأخرى تسمى أعدادًا مركَّبة. وبرغم ملايين المحاولات المضنية التي قام بها علماء الرياضيات عبر القرون، فلم تتوصّل البشرية إلى أي نتائج ملموسة لفهم سلوك الأعداد الأوّليّة أو ترويضها. والقرآن العظيم الذي نزل قبل ما يزيد على 14 قرنًا يستخدم خصائص هذه الأعداد الأوّليّة ومراتبها في تعزيز المعنى المراد؛ بل والأعجب من ذلك أن النسيج الرقميّ القرآني كلّه يقوم على هذه الأعداد الأوّليّة!
ولا يمكن لنا أن نفهم النسيج الرقمي القرآني بشكل صحيح إلا بعد فهمنا لسلوك هذه الأعداد الأوّليّة التي استعصت على الفهم، وظلّت عبر القرون تخفي خلفها سرًّا عظيمًا، ولغزًا يحيّر العقل البشري ويتحدّاه. ولهذه الأعداد الصماء في القرآن عمق مطلق لا تحدُّه حدود وهي أبعد ما تكون عن الصمِّ والبكم والعمي.. كيف لا وقد ارتبطت بكلمات اللَّه التي لا يحيط بها حدٌّ ولا يستوعبها عدٌّ! فهذه الأعداد الصماء تتجلّى بوضوح في مواضع الإعجاز والتحدِّي، وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالغيبيات التي لا يعلمها أحد من البشر ولا ينبغي أن يعلمها. ومن خلال المشهد الآتي سوف نرى كيف يوظّف القرآن العظيم خصائص الأعداد الأوّليّة عندما يكون الحديث عن وحدانية اللَّه سبحانه وتعالى.
الأعداد الأوّليّة والشرك
لنرى كيف يوظِّف القرآن خاصية الأرقام والأعداد لتعزيز المعنى المراد، نتأمّل هذا النص من سورة غافر:
(ثُمَّ قِيْلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوْا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوْ مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِيْنَ)
اقرأ هذا النص القرآني أكثر من مرّة.. وتأمّله جيّدًا.. وتدبّر معانيه!
هذا النص القرآني عبارة عن آيتين من آيات سورة غافر هما الآية 73 والآية 74.
والآن.. إذا طُلب منَّا وضع فاصلة بين هاتين الآيتين، أو بمعنى أدقّ تحديد نهاية الآية رقم 73، أين ستضع هذه الفاصلة؟ لا شكّ في أن الغالبية العظمى منَّا سوف يضعون فاصلة الآية بعد اسم اللَّه مباشرة، أي بعد الكلمة العاشرة من بداية الآية. لماذا؟ لأنه عند ذلك الموضع يكتمل المعنى تمامًا. وفي واقع الأمر فإنَّ معظم القُراء يقفون عند هذا الموضع، أي بعد اسم اللَّه مباشرة، طلبًا لتمام المعنى. ولكن فواصل آيات القرآن لا تتحدّد بناءً على اكتمال المعنى لغويًّا فحسب بل اكتماله رقميًّا أيضًا! فكما أن للكلمات لغتها فإن للأرقام لغتها أيضًا وقد تكون أبلغ وأفصح وأدق. الآن لنـتأمّل أين وضع الوحي الفاصلة في هذا النص القرآني:
ثُمَّ قِيْلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ (73) مِنْ دُوْنِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوْ مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِيْنَ (74) غافر
لا شكّ في أنه لأمر عجيب موضع الفاصلة رقم 73
فلماذا لم تتحرك هذه الفاصلة ثلاث خطوات إلى الأمام حيث يكتمل المعنى المراد، أو تحذف الفاصلة تمامًا ويبقى هذا النص القرآني آية واحدة؟ إذا استمعت إلى غالبية القرّاء تجدهم بالفعل يتجاوزون الفاصلة، ويتوقفون بعد اسم الله، أو عند نهاية الآية التالية.
سيكون ذلك منطقيًّا ورأيًا وجيهًا إذا كان تحديد فواصل الآيات عشوائيًّا أو اجتهادًا بشريًّا، كما يتوهم بعضهم! ولكنه الوحي ولا شيء غير الوحي. ولكي نفقه لماذا وضع الوحي فاصلة الآية 73 في سورة غافر عند موضعها هذا علينا أن نتدبَّر جيّدًا معنى الآية، ونتوقف عند آخر كلمة فيها وهي كلمة "تُشْرِكُونَ" أي تجعلون للَّه أندادًا وشركاء، واللَّه هو الواحد الفرد الصمد الذي لا شريك ولا ندّ له.
إذا تأمّلنا رقم الآية نجده 73، وهذا العدد أوّليّ لا يقبل القسمة إلا على الرقم 1 وعلى نفسه!
بل العدد 73 علاوة على أنه أوّليّ، فهو يمثل مجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم اللَّه!
بل إذا تأمّلت مكوّنات هذا العدد نفسه تجد أن 3، و7 عددان أوّليّان!
وإذا تأمّلنا عدد كلمات الآية نجدها 7 كلمات، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا عدد حروف الآية نجدها 23 حرفًا، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا مكوّنات هذا العدد نجد أن 3، و2 عددان أوّليّان!
وإذا تأمّلنا مجموع حروف الآية وكلماتها ورقمها نجده 103، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا عدد الحروف الهجائية التي تضمَّنتها الآية نجده 13 حرفًا، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا ترتيب كلمة “تُشْرِكُوْنَ" من بداية الآية نجده رقم 7، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا ترتيب كلمة “تُشْرِكُوْنَ" من بداية السورة نجدها الكلمة رقم 1049، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا ترتيب كلمة “تُشْرِكُوْنَ" من نهاية السورة نجدها الكلمة رقم 179، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا ترتيب كلمة “تُشْرِكُوْنَ" من بداية المصحف نجدها رقم 61519، وهذا العدد أوّليّ!
بل هناك ما هو أعجب من ذلك!
فإذا تأمّلنا كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية نجدها الكلمة رقم 7 والأخيرة!
وإذا تأمّلنا تكرار كلمة "تُشْرِكُونَ" في القرآن كلّه نجدها وردت 7 مرّات تحديدًا!
وموضعها في نهاية هذه الآية هو التكرار رقم 7 والأخير في المصحف!
نعود إلى آية غافر ونتأمّل..
أنه لا يمكن للفاصلة 73 أن تتقدَّم أو تتأخَّر عن موضعها الحالي، ولا بدّ من أن توضع الفاصلة بعد كلمة "تُشْرِكُونَ" مباشرة! وأنه لا بدّ من أن يتفاعل النظام الرقميّ للآية مع معنى كلمة "تُشْرِكُونَ"! وأن تحديد فواصل الآيات وحي من عند اللَّه عزّ وجلّ، فلا يجوز تقديم أي فاصلة أو تأخيرها عن موضعها الذي وضعت فيه، وإلا اختلَّ النظام الرقميّ للقرآن كله، وهذا النظام مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمعاني التي تتضمّنها الآيات والكلمات القرآنية.
الآن تيقَّنت!
أنَّ ما كنَّا نقوله عن عظمة البناء الرقميّ القرآني لم يكن سردًا نظريًّا، أو كلامًا عاطفيًا، وإنما حقائق يقينية ثابتة وواقع ملموس، وها أنت الآن تشهد مثالًا واحدًا من آلاف الأمثلة.
ثُمَّ قِيْلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ (73) مِنْ دُوْنِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوْ مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِيْنَ (74) غافر
والآن.. ما رأيك أن تحرِّك الفاصلة كلمة واحدة في أي اتجاه شئت؟
أو ضعها بعد الكلمة العاشرة مباشرة.. حيث يكتمل المعنى المراد.
كل النظام المحكم البديع الذي رأينا جانبًا يسيرًا جدًّا منه سوف يتحطّم وينهار تمامًا!
وكل العلاقات المحكمة بين النظامين البياني والرقميّ ينفصم عراها، وينفرط عقدها!
إن لم يكن في القرآن كلّه حقيقة رياضية غير موضع الفاصلة 73 من سورة غافر لكان ذلك كافيًا لإقناع كل من له عقل أن تحدِّيد مواضع سور القرآن وآياته لا يمكن أن يكون إلا بوحي من اللَّه!
وهكذا نرى ونتيقَّن بالدليل والبرهان أن القرآن يوظف خاصية الأعداد الأوّليّة لتعزيز المعنى!
بينما يوظفها البشر في بناء رموز التشفير السرية، برغم أنهم لا يعلمون سرّها ولا يفهمون سلوكها!
تأمّل جيّدًا.. جميع حيثيات الآية أعداد أوّليّة وخصائص هذه الأعداد تنسجم تمام الانسجام مع المعنى المراد، فهي لا تقبل القسمة إلا على نفسها أو على الرقم 1 فقط، والاستفهام الذي تطرحه الآية: أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ؟
وكأنما الأرقام تجيب بوضوح لتقول لقد غاب كلهم، ولم يبق إلا اللَّه الواحد الأحد.
وإمعانًا في حُبْك هذه اللوحة التصويرية الرائعة جاء رقم الآية 73، ولم يأت أي رقم أو عدد آخر غيره، لأنه إضافة إلى كونه عددًا أوّليًّا فهو أيضًا يمثل مجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم الله!
كل شيء محسوب بعناية إلهية بالغة الدقة والإتقان وعلى مستوى الحرف!
تأمّل يا رعاك الله..
تأمّل أين جاءت كلمة "تُشْرِكُونَ" للمرّة الأولى في القرآن؟
لقد جاءت في هذه الآية من سورة الأنعام:
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيْدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوْحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُوْنَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيْءٌ مِمَّا تُشْرِكُوْنَ (19) الأنعام
رقم الآية 19، وهذا العدد أوّليّ!
عدد كلمات الآية 37 كلمة، وهذا العدد أوّليّ!
كلمة "تُشْرِكُونَ" ترتيبها من بداية سورة الأنعام رقم 292، وهذا العدد مركَّب!!
فماذا يعني؟ العدد 292 يساوي 73 × 4، والعدد 73 هو رقم آية غافر!
تأمّل..
أين جاءت كلمة "تُشْرِكُونَ" للمرّة الثانية في القرآن؟
جاءت في هذه الآية من سورة الأنعام أيضًا:
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُوْنَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُوْنَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُوْنَ (41) الأنعام
لاحظ رقم الآية 41
هذا العدد أوّليّ ولكنه يمثِّل أيضًا مجموع تكرار أحرف اسم اللَّه ضمن الحروف المقطَّعة!
لاحظ الآيتين الأولى والثانية فقد جاءتا في سورة الأنعام. فإذا قمت بحساب عدد الكلمات ابتداءً من كلمة "تُشْرِكُونَ" في نهاية الآية 19 فإن كلمة "تُشْرِكُونَ" في نهاية الآية 41 هي الكلمة رقم 365، وهذا العدد يساوي 73 × 5
ولا ننسى أن رقم آية غافر هو 73
وهو عدد أوّليّ، ولكنه أيضًا يمثل مجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم اللَّه!
مجموع العددين 41 + 73 يساوي 114 عدد سور القرآن!
تأمّل..
أين جاءت كلمة "تُشْرِكُونَ" للمرّة الثالثة في القرآن؟
جاءت في هذه الآية من سورة الأنعام أيضًا:
قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيْكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ (64) الأنعام
لاحظ كيف اختلف صوغ الآية وكيف اختلف رقمها أيضًا!
لقد جاء رقمها 64 أي 8 × 8 وهذا يردّنا إلى خاصية الرقم 8..
الرقم الذي تتولد منه جميع الأرقام والأعداد!
انتبه إلى آخر كلمتين ختمت بهما الآية (أَنتُمْ تُشْرِكُونَ)!
احسب عدد حروف الكلمتين تجدهما على التوالي 4 و6
لاحظ أن رقم الآية بذات الترتيب 4 6
باختلاف المعنى ارتبطت الآية بالرقم 8، ولكن ذلك لا يعني أنها انفصمت عن الأعداد الأوّليّة!
والآن استعد لترى لونًا جديدًا من إيقاع الأعداد الأوّليّة!
قم بعدّ الكلمات التي جاءت ما بين كلمة "تُشْرِكُونَ" في نهاية الآية 41، وكلمة "تُشْرِكُونَ" في نهاية الآية 64 ستجدها 397 كلمة! ماذا يعني هذا العدد؟
هذا العدد أوّليّ ولكن أهم من ذلك أن ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 78!
وسوف تتعجب كثيرًا عندما تعلم أن التكرار الرابع لكلمة "تُشْرِكُونَ" جاء في نهاية الآية رقم 78 من سورة الأنعام نفسها! وهذه هي الآية، فتأمّل:
فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُوْنَ (78) الأنعام
تأمّل..
أين جاءت كلمة "تُشْرِكُونَ" للمرّة الخامسة في القرآن؟
جاءت في هذه الآية من سورة الأنعام أيضًا:
وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّوْنِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُوْنَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُوْنَ (80) الأنعام
أوّل ملاحظة:
كلمة "تُشْرِكُونَ" في هذه الآية شذَّت عن أخواتها وجاءت في منتصف الآية .. لماذا؟
للإجابة عن هذا السؤال نحتاج إلى عرض جميع الآيات الخمس من سورة الأنعام، وهي:
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيْدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوْحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُوْنَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيْءٌ مِمَّا تُشْرِكُوْنَ (19)
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُوْنَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُوْنَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُوْنَ (41)
قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيْكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ (64)
فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُوْنَ (78)
وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّوْنِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُوْنَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُوْنَ (80)
تأمّل موقع كلمة "تُشْرِكُونَ" في آيات سورة الأنعام الخمس بحسب ترتيبها في السورة:
إذا بدأت العدّ من كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الأولى، فإن كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الثانية هي الكلمة رقم 13، وهذا العدد أوّليّ!
إذا بدأت العدّ من كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الأولى، فإن كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الثالثة هي الكلمة رقم 23، وهذا العدد أوّليّ!
إذا بدأت العدّ من كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الأولى، فإن كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الرابعة هي الكلمة رقم 41، وهذا العدد أوّليّ!
إذا بدأت العدّ من كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الأولى، فإن كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الخامسة هي الكلمة رقم 53، وهذا العدد أوّليّ!
إذا بدأت العدّ من كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الثانية، فإن كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الثالثة هي الكلمة رقم 11، وهذا العدد أوّليّ!
إذا بدأت العدّ من كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الثالثة، فإن كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الرابعة هي الكلمة رقم 19، وهذا العدد أوّليّ!
إذا بدأت العدّ من كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الرابعة، فإن كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الخامسة هي الكلمة رقم 13، وهذا العدد أوّليّ!
لاحظ كيف بدأ هذا الإيقاع بالعدد 13 وانتهى بالعدد 13 أيضًا!
بل إن عدد الكلمات التي جاءت بعد كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية الأخيرة 13 كلمة أيضًا.
ولذلك كان لا بدّ لكلمة "تُشْرِكُونَ" من أن تكون في موضعها الحالي في وسط الآية، وإلا اختل هذا الميزان الرقميّ الدقيق!
هذه الأعداد الأوّليّة 7، وهذا العدد في ذاته أوّليّ، ومجموع هذه الأعداد 173، وهذا العدد أيضًا أوّليّ!
الآن ننتقل إلى محطة أخرى لنرى أين جاءت كلمة "تُشْرِكُونَ" في المرّة السادسة.
لقد جاءت في سورة هود في الآية:
إِنْ نَقُوْلُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوْءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيْءٌ مِمَّا تُشْرِكُوْنَ (54) هود
كلمة "تُشْرِكُونَ" في هذه الآية ترتيبها من بداية سورة هود رقم 925
وهذا العدد يساوي 37 × 25 .. عجيب!
العدد الأوّل هو عدد كلمات أوّل آية في سورة الأنعام ترد فيها كلمة "تُشْرِكُونَ":
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيْدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوْحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُوْنَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيْءٌ مِمَّا تُشْرِكُوْنَ (19) الأنعام
أما العدد الثاني 25 فهو عدد كلمات آخر آية في سورة الأنعام يرد فيها كلمة "تُشْرِكُونَ":
وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّوْنِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُوْنَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُوْنَ (80) الأنعام
الآن تأمّل مواقع كلمة "تُشْرِكُونَ" في سورة الأنعام!
كلمة "تُشْرِكُونَ" جاء ترتيبها رقم 37 في الآية الأولى، ورقم 12 في الآية الثانية، ورقم 10 في الآية الثالثة ورقم 18 في الآية الرابعة ورقم 12 في الآية الخامسة، ومجموع هذه المواقع يساوي 89! وهذا العدد أوّليّ!
الآن تأمّل مواقع كلمة "تُشْرِكُونَ" في القرآن كله، أي في الآيات السبع:
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيْدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوْحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُوْنَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيْءٌ مِمَّا تُشْرِكُوْنَ (19) الأنعام
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُوْنَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُوْنَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُوْنَ (41) الأنعام
قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيْكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ (64) الأنعام
فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُوْنَ (78) الأنعام
وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّوْنِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُوْنَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُوْنَ (80) الأنعام
إِنْ نَقُوْلُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوْءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيْءٌ مِمَّا تُشْرِكُوْنَ (54) هود
ثُمَّ قِيْلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ (73) غافر
إذا بدأت العدّ من "تُشْرِكُونَ" في الآية الأولى، فإن "تُشْرِكُونَ" في الآية الأخيرة هي الكلمة رقم 89، وهذا العدد أوّليّ!
وهكذا يستمر هذا النظام المحكم على امتداد رقعة القرآن ليشمل كل ما هو متصل بالشرك والمشركين!
ولذلك دعنا نختم هذا المشهد بمثال مبسط جدًّا لنرى من خلاله كيف تتحدَّث الأرقام!
فتأمّل مجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم اللَّه:
الحرف |
ا |
ل |
ل |
هـ |
المجموع |
ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية |
1 |
23 |
23 |
26 |
73 |
وتأمّل مجموع الترتيب الهجائي لأحرف لفظ "المشركين":
الحرف |
ا |
ل |
م |
ش |
ر |
ك |
ي |
ن |
المجموع |
ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية |
1 |
23 |
24 |
13 |
10 |
22 |
28 |
25 |
146 |
تأمّل يا رعاك اللَّه لغة الأرقام!
مجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم اللَّه = 73
مجموع الترتيب الهجائي لأحرف كلمة (المشركين) = 73 + 73
أي بما يماثل تمامًا ضعف مجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم اللَّه!!
والمشركون هم الذين يجعلون لله ندّا، ولذلك جاء العدد 73 مكرَّرا!!
وهنا نتساءل..
هل كان مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- يعلم سرّ الأعداد الأوّليّة؟ فكيف إذًا نفسِّر توظيف القرآن العظيم لخصائص هذه الأعداد ضمن نظمه الرقميّ المحكم بطريقة عجيبة لم يعهدها البشر من قبل؟! هنا بيت القصيد وهنا الحجَّة البالغة والقول الفصل في شأن القرآن العظيم! إن هذا القرآن الذي نزل قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا يضع المكذِّبين به أمام خيارين اثنين: إما أن يعترفوا بالحقيقة، وأن نظم هذا القرآن هو من عند اللَّه الذي يعلم سر الأعداد الأوّليّة، ولذلك وظَّفها في نظم كتابه، وإمَّا أن يتوهموا بأن مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- كان يعلم سرَّ هذه الأعداد، ولذلك وظَّفها في نظم القرآن بطريقة متقنة!
ولكن كيف علم بسرِّها في وقت لم تكن هناك برامج رياضية متطوِّرة يستعين بها، كما هو متاح اليوم؟!
وكيف علم بسرِّها، ولم يكن للعرب أي دور أو محاولة حتى الآن في فهم سلوك الأعداد الأوّليّة؟!
------------------------------------------------------------------------
المصدر:
مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).