عدد الزيارات: 7.9K

الثمار المرّة


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 20/03/2019 هـ 18-04-1438

لو قيل لك إن مسلمًا معدمًا فقيرًا ارتد عن الإسلام لشككت في صدق محدّثك، فكيف يكون ردّ فعلك لو قيل لك إن من ارتد عن الإسلام هو مفتٍ لأحد الديار الإسلامية؟! في المقابل كيف سيكون ردّ فعلك إذا قيل لك إن نصرانيًّا بدرجة الكاردينال –وهي تعادل درجة المفتي في الإسلام– قد دخل الإسلام؟! من المؤكد أنك ستصدق محدثك!! فمثلما أن من المنطقي استحالة ارتداد العالم المسلم عن دينه فيكون من المنطقي دخول العالم النصراني في دين الإسلام إن نزع عن قلبه وعقله عباءة الكبر قبل مسوح الرهبان..

لماذا؟ لأنه سيكون أدرى بما أصاب النصرانية من تحريف، مقارنة بالنصراني الذي يجهل حقيقة دينه وعقيدته..

هذه المقدّمة قدّمناها بين يدي قصّة إسلام العالم النصراني والكاردينال السابق أشوك كولن يانج، أمين عام مجلس الكنائس العالمي لوسط وشرق أفريقيا سابقًا، الذي يتحدث عن جوانب من رحلته من شفير النصرانية إلى حضن الإسلام في الحوار الذي أجرته مجلة "المجتمع" الصادرة عن جمعية الإصلاح الاجتماعي الكويتية.

وأهمية هذا الحوار أنه يكشف بوضوح أبعاد المخطط الكنسي العالمي لتنصير المسلمين، حيث أكد كولن من خلال هذا الحوار أن منظمات الدول الغربية الخيرية التي تعمل في أفريقيا والعالم العربي والإسلامي هي في حقيقة أمرها منظمات كنسية، هدفها تنصير المسلمين، وفي العديد من الدول الغربية يتم اقتطاع 5% من مرتب كل موظف لدعم جهود التنصير التي تقوم بها الكنيسة، وأن معظم المؤسسات الاستثمارية الغربية العاملة في أفريقيا وآسيا هي في حقيقة أمرها مؤسسات كنسية تذهب أرباحها لمصلحة الكنيسة.. كما أشار كولن إلى تقسيم الدول الإسلامية إلى دول أكثر فاعلية، ودول أكثر تطورًا، ودول أكثر حبًا للإسلام، وأن هذا التقسيم تم من خلال المؤتمر السري الذي عُقد في مركز الأبحاث الاستراتيجي بولاية تكساس الأمريكية عام 1981، والذي شارك فيه هو شخصيًّا، وكان شعار المؤتمر "كيف نواجه المدّ الإسلامي؟"، حيث درس المؤتمر الأسلوب الأمثل لتنصير شعوب الدول العربية والإسلامية، والبدائل التي يمكن استخدامها في حالة الفشل. وتركزت هذه البدائل التي طرحها المؤتمر في أن تعمل الكنيسة على خلق نزاعات أهلية وفتن طائفية في الدول التي يصعب تنصير شعوبها. كما أوصى المؤتمر بضرورة دعم العلمانيين واستخدامهم في ضرب الحركات الإسلامية، والضغط على الحكومات العربية للزج بأعضاء الحركات الإسلامية في السجون. وقد نجح الغرب مع الكنيسة في تنفيذ هذه المخططات في العالم العربي والإسلامي بشكل كبير وخطير، حيث لا تزال العديد من الدول العربية تجني ثماره المرّة.

مهَّد مقدّم الحوار لسؤاله الأول بإشارته إلى فرضية منطقية مفادها صعوبة تغيير الإنسان لعقيدته، خاصة إذا كان هذا الإنسان يتبوأ قمة الهرم الذي يدعو إلى هذه العقيدة.. ثم سأل ضيفه عن السبب الذي قاده إلى التغيير، ومن ثم اعتناق الإسلام من واقع دراسته للأناجيل؟

أجاب كولن بأن الإنسان ومهما علا شأنه إذا كان بحثه عن الحقيقة يتسم بالصدق والجديّة، فسوف يصل إلى هذه الحقيقة الحتمية طال الزمان أم قصر، ولكن عند وصوله لها سيجد نفسه في مفترق طرق: بمعنى إما أن تعزز هذه الحقيقة ما كان يؤمن به أصلًا، وإما أن تهديه إلى سبيل آخر.

وأشار كولن إلى أنه غيّر عقيدته من خلال أقوال المسيح التي وردت في الأناجيل غير المحرّفة والتي تؤكد أن المسيح -عليه السلام- هو إنسان كغيره من البشر اختاره الله تعالى وجعله نبيًّا ثم حمّله رسالة إلى قومه، فقد جاء في إنجيل يوحنا في الإصحاح الثامن فقرة 40 عندما همّ اليهود بقتله: "ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله".. إذًا وعلى لسانه هو نفسه، فإن المسيح -عليه السلام- إنسان اختاره الله وحمّله رسالة وجعله نبيًّا، ولذلك يقول -عليه السلام- كما جاء في الإصحاح الثامن فقرة 42: "لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني لأنني خرجت من قبل الله وأتيت، لأني لم آت من نفسي بل ذلك أرسلني، لماذا لا تفهمون كلامي؟".

وذكَّر كولن بحقيقة أن بعض الأناجيل –غير المحرفة- صرحت بنبوة عيسى -عليه السلام- كما جاء في لوقا الإصحاح السابع فقرة 16: "فأخذ الجميع خوف ومجّدوا الله قائلين: قد قام فينا نبي عظيم"، وجاء في متى الإصحاح الحادي والعشرين الفقرات (9، 10، 11): "ولما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها قائلة: من هذا؟ فقالت الجموع: هذا النبي الذي من ناصرة الجليل".

ثم أشار كولن إلى أنه وجد هذه النصوص تتفق تمامًا مع قوله تعالى في القرآن الكريم: "ما الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ" (المائدة: 75).

وعندما سأله مقدّم الحوار إذا كان يرى أن النصوص التي اقتبسها من الأناجيل كفيلة بتغيير عقيدة قارئها من النصرانية إلى الإسلام أجابه قائلًا: "إيماننا برسالة سيدنا عيسى -عليه السلام- يعني تصديقنا بخبره واتباع قوله، وهنا تجدر الإشارة إلى أن المسيح -عليه السلام- جاءنا من الله لأمرين مهمّين: يتمثل الأول في تعليم الأمة التي بعث إليها كيف تعرف الله وتتقرّب إليه وتعبده.. ففي معرفة الله سبحانه وتعالى يقول المسيح -عليه السلام-: "إن الله واحد لا شريك له ولا نظير له ولا شبيه له"، فقد جاء في إنجيل مرقص في الإصحاح الثاني عشر فقرة 30 لما سأله الكتبة: أي وصية هي أوّل الكل؟ فأجابه يسوع: "إن أوّل كل الوصايا هي: اسمع يا "إسرائيل" الرب إلهنا رب واحد، وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك، هذه هي الوصية الأولى، وثانية مثلها هي أن تحب قريبك كنفسك، ليس وصية أخرى أعظم من هاتين، فقال له الكاتب: صحيح يا معلم حسب الحق تكلمت فإن الله واحد لا آخر سواه"، وتتأكد هذه الحقيقة عن ذات الله بما جاء في يوحنا في الإصحاح 20 فقرة 18 قال المسيح: "إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" وكلمة الأب "أبي وأبيكم" تعني في لغة الإنجيل الرب أي ربي وربكم.

وأردف كولن قائلًا وهو ينصح محبي المسيح من النصارى: ألم تتضمن وصايا المسيح -عليه السلام- تعريفًا واضحًا لذات الله العلي الكبير المتفرد، حيث يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "قُلْ هُو اللَّـهُ أَحَدٌ (1) اللَّـهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)"، كما جاء في القرآن الكريم أيضًا: "وَما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رَسولٍ إِلّا نوحي إِلَيهِ أَنَّهُ لا إِلـهَ إِلّا أَنا فَاعبُدونِ" (الأنبياء: 25). 

وتتمثل المهمة الثانية التي جاء بها سيدنا عيسى -عليه السلام- من الله تعالى في أن يهدي الأمة التي بعث إليها إلى عبادة الله، وهي فقط أمة بني إسرائيل، أما بقية الأمم فليسوا معنيين بشريعة عيسى -عليه السلام- وهذا عين ما تقرره الأناجيل المسيحية، ففي إنجيل متى الإصحاح 15 فقرة 5 يقول يسوع: "لم أرسل إلا لخراف بني إسرائيل الضالة"، وجاء في متى الإصحاح 10 فقرة 5: هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلًا: "إلى طرق أمم لا تمضوا، وإلى مدينة السامرين لا تدخلوا، بل اذهبوا إلى خراف بني إسرائيل الضالة" (أعمال الرسل 11 الفقرة الأولى).

ثم أرسل كولن نداءً آخر إلى محبي المسيح من النصارى قال فيه: آمنوا بالله تعالى إلهًا واحدًا جنبًا إلى جنب مع إيمانكم بأن المسيح -عليه السلام- رسول الله تعالى وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وكذلك الإيمان بأن محمدًا عليه أفضل الصلاة والسلام هو عبد الله ورسوله وخاتم النبيين والمرسلين، كما أن عليكم اتباعه حق الاتباع.. إن قلتم لا إله إلا الله يؤتكم الله أجركم مرتين، فقد قال سبحانه في كتابه الكريم: "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَـئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (54)" (القصص: 52-54).

وعندما طلب منه محاوره أن يصف له اللحظة الفاصلة التي قرر فيها اعتناق الإسلام وأن يخبره عمّا ترتب على إسلامه ردّ عليه قائلًا: "حينما حددت ساعة الصفر لاعتناقي الإسلام تقدمت إلى الكنيسة بطلب إجازة لكي أقضيها مع أفراد أسرتي فطلبوا مني في الكنيسة الانتظار ليعتمدوا لي مبلغًا من المال (من 50 إلى 100 ألف دولار) لكي أنفقه على أولادي.. قلت لهم: لا أرغب في مالكم!! بل كانت بطرفي عهدة من الكنيسة عبارة عن عمارتين ومبالغ من المال مقدارها مليونان و400 ألف دولار أمريكي، و320 مليون جنيه سوداني قمت بتسليمها إلى راعي ميزانية التنصير، فتفاجأت الكنيسة بشدة بما فعلته!!

عقب ذلك قضيت مع أسرتي يومين اثنين نفكّر في هذا الأمر ونعمل على مناقشته، وهنا تجدر الإشارة إلى أن أفراد أسرتي -زوجة وأربعة أبناء- كانوا يعلمون أنني كنت أفكر في اعتناق الإسلام.. وحينما أبلغتهم بأن ساعة الصفر قد حانت ردّوا عليّ بأنهم يثقون بما أعتقده وأقوله وأنهم سيقررون ما أقرره؛ فذهبنا جميعنا إلى مسجد في الجوار "مسجد النور" وأشهرنا إسلامنا.

صمت كولن عن الحديث للحظات ثم قال بعد أن تنهد بعمق: على الرغم من أنني خسرت الكثير من الأموال فإنني كسبت الإيمان وحظيت بالراحة النفسية بعد مضي 40 سنة قضيتها في الباطل.. وكان رد فعل الكنيسة أن اتهمتني بأنني مجنون وأعاني مرضًا نفسيًّا.

وسأل المحاور بطل قصتنا: هل أثبت للكنيسة حقيقة أنك في كامل قواك العقلية والنفسية وأن إسلامك حدث نتيجة لقناعة تامة ودراسة متأنية؟ أجاب كولن في ثقة: قدر الله تعالى لي أن أدرس مقارنة الأديان.. بل إلى جانب الأديان السماوية المعروفة درست الأديان غير السماوية كالبوذية والهندوسية وعبادة النار والشمس والشيطان والأصنام.. فعلت ذلك بهدف ممارسة التنصير عن علم ودراية، غير أن الله تعالى أراد لي غير ذلك.. فمن خلال دراساتي كانت تتكشف أمامي الحقائق عن الإسلام شيئًا فشيئًا، وبدأ تكويني الديني في التشكل بصورة مغايرة، بينما بدأت أفكاري تتغير وتتداخل.. وفي إحدى مراحل دراستي للأديان أيقنت تمامًا أن الإسلام هو الدين الوحيد الصحيح، فكنت حينما أسمع الأذان أتوقف عن إلقاء محاضرتي احترامًا للنداء الإلهي.. حينذاك انتابني الإحساس بأنني أصبحت شخصًا بوجهين، وجه مضيء يرى أن الإسلام هو الدين الحق وأن الله واحد لا شريك له، ووجه مظلم يغالط نفسه منخرط في أعمال الكنيسة ومتمتع بأموالها الطائلة.

ظهور تعاطفي مع الإسلام ترتبت عليه اجتماعات عاصفة من مجالس القساوسة والرهبان والكاردينالات.. نشر أولئك حقيقة أنني أميل للإسلام، ونتيجة لذلك مارس عليّ مجلس الكنائس ضغوطًا كثيرة لإنهاء تعاطفي مع الإسلام، وعندما باءت تلك الضغوط بالفشل قرر المجلس إيقافي عن العمل بالكنيسة، ليس هذا فحسب بل صدر قرار من مجلس الكنائس بأني أصبت بالجنون.. رددت عليهم بأنني لست مجنونًا وإنما الحقيقة هي أنني أخاف الله الواحد ربي وربكم ورب محمد وعيسى، وأنني أخاف من الله ومن عذابه.. علمت بعد ذلك أن نتيجة تقرير الأطباء أثبتت أنني لست بمجنون، ولكنني أتطلع فقط إلى أن أعتنق الإسلام.

وعندما سأله محاوره عن السر الكامن وراء احتفاظه باسمه على غير العادة مع كل من يعتنق الإسلام، رد عليه كولن قائلًا: أنا لم أغير اسمي لاعتبارين اثنين:

يتمثل الاعتبار الأول في أن الدين الإسلامي الذي يركز على الإيمان لا يرى حرجًا في أن يحتفظ معتنقه باسمه القديم. أما الاعتبار الثاني فيتمثل في حقيقة أنني أحببت الاحتفاظ باسمي القديم لأهداف دعوية إذ سأظل مقبولًا لدى غير المسلمين بذلك الاسم، ومن ثم أستطيع أن أبيّن لهم الحق الذي أنعم به تعالى عليَّ بعد أن شرح الله صدري للإسلام وأخرجني من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، ومن حال أهل النار إلى حال أهل القبلة.

وصلتم في الكنيسة إلى درجة كاردينال كما احتل والدكم من قبل المنصب ذاته.. ماذا يعني منصب كاردينال؟ وما وظيفته في الكنيسة؟

"تقلدت مناصب كبيرة في الكنيسة، ومن بينها منصب الكاردينال وهو منصب مرموق في الكنيسة الكاثوليكية يوازي وظيفة المفتي في ديار الإسلام".

صمت كولن للحظات ثم تجهّم وجهه وقال في نبرة استنكارية:

 يجب أن يعرف القس أنه ليس إلهًا مخولًا له غفران ذنوب الناس وآثامهم.. عجبي!! في يوم الأحد يأتي للقس قبل الصلاة من ارتكب خطأ ويقول له إنني أخطأت في كذا وكذا، فيقول له القس: اذهب فقد غفر لك!! فكيف يتجرأ مثل هذا القس على أن ينازع الله تعالى في سلطته؟! بل من الذي أعطاه هذه الصلاحية وهو ليس إلا واحدًا من بني البشر؟!

تنهد كولن بعمق ثم أردف في نبرة يخالطها التحدي: أتحدى أيًّا من كبار القساوسة في العالم -شرقيين وغربيين- أن يقارعني الحجة بالحجة، بل أنا على استعداد لإجراء مناظرة مع أي درجة عالية في الكنيسة لكي أثبت للجميع مدى صحة الإسلام وأحقيته بالاتباع.. أنا لست مسلمًا بالعاطفة، بل اعتنقت الإسلام بعد دراسة متعمّقة للأديان خلصت منها إلى أن الإسلام هو الدين الحق الذي ختم الله تعالى به الرسالات السماوية، وأن النبي محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام- هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن عيسى -عليه السلام- هو نبي ورسول من بني البشر وليس أكثر من ذلك، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: "مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ" (المائدة: 75)، وأشير إلى أنني لست أوّل من يسلم من القساوسة، فقد سبقني إلى دين الإسلام عدد كبير من القساوسة والمبشرين، وعلى رأسهم الأمين العام لمجلس مؤتمر المطارنة في الكنيسة الكاثوليكية، ورئيس القساوسة في الولاية الشرقية.

تحوَّلتم من داعية نصراني إلى داعية إسلامي.. ما الفرق بين الاثنين؟

يتمثل الفرق بين الاثنين في الآتي: الداعية النصراني كل همّه تنصير المسلمين أو إبعادهم عن دينهم حتى لو فسدوا وارتكبوا كل ألوان الموبقات.. فالكنيسة لا تهتم ألبتة بدعوة النصارى إلى الالتزام بالقيم والأخلاق الفاضلة إذ يقتصر اهتمامها على أن يحمل الإنسان صفة مسيحي ولا تهتم مطلقًا بمدى تدينه والتزامه، أما المرء في الإسلام فهو محاسب على كل صغيرة وكبيرة يرتكبها، وعليه فإن كل من يعتنق الإسلام عليه أن يكون صاحب عقيدة سليمة وعبادة صحيحة وسلوك قويم.

لماذا هذه الازدواجية؟! ينتقد المسلمون أعمال التنصير وفي الوقت ذاته يمارسون الدعوة الإسلامية بين غير المسلمين!! هنا فرق شاسع بين الدعوة الإسلامية والتنصير، فدعاة الإسلام يوضحون مبادئه وتعاليمه، ولا يرغمون أحدًا على اعتناقه، لأن الإنسان إذا لم يعبد الله عن قناعة واعتقاد فلا قيمة لإسلامه، أما دعاة التنصير فللأسف الشديد ينتهزون حاجة الفقراء والمعوزين ويقدمون لهم الغذاء والدواء والكساء وفرص التعليم مقابل اعتناقهم النصرانية، إذ إن هؤلاء المنصرين لا يقنعون أحدًا بعقيدة لأنه لا توجد أصلًا تعاليم نصرانية مقنعة وبالطبع فاقد الشيء لا يعطيه.. وبينما تقوم المنظمات النصرانية العاملة في الحقل الإنساني باستغلال حاجة الناس نجد أن نظيرتها من المنظمات الإسلامية تقيم الكثير من المشاريع التي يستفيد منها المسلم وغير المسلم، وهي لا تبتز صاحب الحاجة أو تساومه على أساس الغذاء مقابل اعتناق الإسلام كما هو الحال مع نظيرتها النصرانية.

ما دوركم الآن في مجال الدعوة الإسلامية؟

نضطلع الآن بمهمة رعاية عشرات الآلاف من الذين اعتنقوا الإسلام من خلال نشاطاتنا في "منظمة التضامن الإسلامي للتنمية والإعمار"، ومن بين هؤلاء المسلمين الجدد مثقفون وضباط ومسؤولون في قطاعات مختلفة، فنحن نقيم لهم المدارس والخلاوي القرآنية.. فهناك الآن أكثر من 12 ألفًا من المسلمين الجدد -نساء ورجال- ينتظمون في خلاوي تحفيظ القرآن الكريم، وتضم كل واحدة من هذه الخلاوي من 300 إلى 400 رجل وامرأة يحفظون القرآن ويدرسون السيرة النبوية والحديث الشريف والفقه الإسلامي.

ونحن نهتم كثيرًا بقيادات القبائل والسلاطين، إذ إن هؤلاء يتمتعون باحترام أتباعهم وأنصارهم فإذا أسلموا هم، أسلم من خلفهم أتباعهم، بل لاحظنا –للأسف الشديد- أن الكثير من النصارى في جنوب السودان ينحدرون من أسر مسلمة، وقد قام بتنصيرهم الإنجليز أثناء احتلالهم للسودان ونحن نعمل على إقناعهم للعودة إلى أصولهم الإسلامية.

سبحان الله..

كيف يحاول بعضهم إقناع نفسه بأن الإسلام ليس الدين الصحيح؟!!

كيف يغمي عينيه بيديه حتى لا يدخل النور قلبه؟!!

كيف يدفن رأسه في التراب حتى لا يرى الحقيقة؟!!

كيف لا يتوقف أمام إسلام الكرادلة أنفسهم؟!!

أهو أعلم بالنصرانية من أكبر علمائها؟!!

ألم أقل لكم اسألوا الله الهداية؟!! فبالله نهتدي إلى الله.

---------------------------------------------------

المصادر:        

الباهلي، محمد: فخ التنصير؛ صحيفة الاتحاد الإماراتية، عدد الجمعة 01 يوليو 2005.

فارس، نايف منير (2010)؛ علماء ومشاهير أسلموا؛ الكويت: دار ابن حزم.

مجلة المجتمع الكويتية، العدد 1644، صادر بتاريخ 4/12/2004.

محمود، عبد الرحمن (2005)؛ رحلة إيمانية مع رجال ونساء أسلموا؛ المكتبة الإسلامية الشاملة.

معدِّي، الحسيني الحسيني (2006)؛ قساوسة ومبشرون ومنصرون وأحبار أسلموا؛ حلب: دار الكتاب العربي.

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.