عدد الزيارات: 10.3K

المنظومة القرآنية


إعداد: الدكتور/ أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
آخر تحديث: 28/09/2016 هـ 26-01-1437

حتى نستطيع أن نصل إلى بناء متكامل للمنظومة الإحصائية القرآنية، من خلال علاقات ثنائية فقط على مستوى الحرف، ثم الكلمة، ثم الآية، ثم السورة في بناء واحد متكامل الجوانب والأركان نحتاج إلى حساب أعداد فلكية من الأنماط الرياضية، تتعدى قدرات البشر، وتتجاوز بكثير إمكانيات البرامج والأجهزة الإلكترونية المتطورة.

فلا يعتقد أحد أن أي حرف في أي موقع داخل القرآن مستقل بذاته أو منعزل عن الحروف الأخرى، بل هو مرتبط بها ارتباطًا عضويًّا وثيقًا، ومن خلال شبكة عنكبوتية متداخلة ومعقدة جدًّا. بل إن هذه الحروف، ومن خلال المواقع التي تتخذها، وهي مواقع محسوبة بدقة متناهية، تشبه إلى حدّ كبير الخلايا العصبية في مخ الإنسان التي يصل عددها إلى مليارات الخلايا، وكلها متصلة بطريقة أو بأخرى بعضها ببعض، ولا غرابة في ذلك.. فخالق الإنسان ومنزل القرآن هو الله تعالى.

لا شكّ في أن الوصول إلى هذه الأنماط جميعها يعدّ أمرًا مستحيلًا، فضلًا عن أن هذه الأنماط مرتبطة بعضها ببعض من خلال نظام محكم من الأعداد الأوّليّة الصماء التي لا تزال لغزًا يحيّر العالم! ولا نقول ذلك تثبيطًا للهمم، بل يجب أن يكون ذلك دافعًا لنا للغوص عميقًا في هذه المنظومة، فهناك جهود لبرمجة ملايين الأنماط الرياضية في القرآن، وعلى مستوى السور والآيات فقط، وإذا ما تمّ ذلك بحول الله وقوته، فسوف ننتقل من خلال برامج إلكترونية متطوِّرة إلى مستويات عميقة داخل المنظومة الإحصائية القرآنية.

فالمنظومة الإحصائية القرآنية كل متكامل، لا يمكن تجزئته بأي حال، فهو مُعجز في أقل جانب منه، وما يكتشفه الباحثون من حين إلى آخر هو عبارة عن جزائر معزولة، أو إن شئت فقل: ومضات في خضم هذه المنظومة، وفي يومٍ ما، ومن خلال تكثيف البحوث والجهود في هذا المضمار وفي الاتجاه الصحيح سوف تتضح الملامح العامة لهذه المنظومة بالدرجة التي تمكّننا من برمجة العديد من جوانبها بإذن الله.

إن البناء الهرمي للمنظومة الإحصائية القرآنية يتكوَّن من سبعة مستويات رئيسة، تبدأ بعلامات التشكيل والتنقيط، وتنتهي بالقرآن كاملًا، فكل كلمة في القرآن لها نظامها الإحصائي الخاص بها في نطاق الآية، وعلى مستوى الموضوع، وفي إطار السورة، وعلى امتداد القرآن كله.

 

هرم المنظومة الإحصائية القرآنية:

                                                              الإعجاز العددي

 

ولكن ذلك لا يعني أننا بدراسة نظام التشكيل والتنقيط وفهمه نستطيع أن نقف على قاع المنظومة الإحصائية القرآنية، فالأمر أعمق من ذلك بكثير، كما أن الأرقام والأعداد في القرآن ليست صماء بكماء، بل تتفاعل مع روح المعنى المقصود، والقرآن ليس مجرّد أرقام وأعداد وحروف، وإنما هو معانٍ مترابطة لا يمكن فصلها. بل إن الأعجب من ذلك أن القرآن يوظِّف رسم الحرف نفسه وصفته، كما يوظِّف رسم الرقم وصفته أيضًا، فالحروف والأرقام القرآنية في رسمها وصفاتها تتفاعل بشكل واضح مع المعنى القرآني، ولذلك يجب ألا يظنّ أحد أن علامات التشكيل والتنقيط تمثل قاع المنظومة الإحصائية القرآنية، بل إن هذه المنظومة تأخذ أبعادًا أعمق من ذلك بكثير!

ومع ذلك فالأمل كبير في برمجة جانب كبير من المنظومة الإحصائية القرآنية، ومن خلال هذه البرمجة نستطيع أن نصل إلى أعماق بعيدة في هرم البناء الرقميّ القرآني، نستخرج من خلالها أنماطًا جديدة تدلّنا على معانٍ جديدة، لا نستطيع أن نصل إليها بعقولنا المجرّدة.

إذًا لا بدّ من تكامل الجهود بين البرامج الإلكترونية المتطورة، والعقول البشرية الحاذقة والمتيقِّظة حتى نستطيع أن نصل إلى أبعد مستوى ممكن من مستويات المنظومة الإحصائية القرآنية. وربما يكون ذلك فاتحة للبشرية لمعرفة أسرار الأعداد الأوّليّة وفهم سلوكها، فالنظم القرآني كلّه يقوم على هذه الأعداد، التي لا يزال سلوكها بعيدًا عن الإدراك، وفهمها يستعصي على عقول أساطين الرياضيات وأعتى البرمجيات، ولكنها تبدو قريبة المنال من خلال المنظومة الإحصائية القرآنية.

------------------------------------------------------------------------------------------

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.