تحدَّى القرآن العظيم الإنس والجن أن يأتوا بمثله!
وتحدَّاهم في عشر سور من مثله، وتحدَّاهم في سورة واحدة من مثله!
وقد رأينا نماذج من عظمة البناء الرقمي القرآني في الآية الواحدة!
ولكن البشر مجتمعين أعجز من أن يأتوا بمثل نظم آية واحدة فقط من كتاب اللَّه!
ومن لا يعجبه أو يقنعه هذا الحكم، فليحاول وليُجرّب بنفسه!
لأن نظم كلام اللَّه ليس كنظم كلام البشر!
وتقليد نظم كلام اللَّه مستحيل في أقل ما فيه!
ولا تستعجل في الحكم على هذا الحكم، فسوف أعرض عليك البرهان على ذلك!
وسوف أختار لك من القرآن العظيم كلمة واحدة فقط!
ولكن قل لي: ماذا أختار لك، وماذا أعرض عليك؟!
لأن أي كلمة من مفردات القرآن تصلح أن تكون نموذجًا أعرضه عليك هنا!
ولهذا تجدني في حيرة من أمري! فماذا أعرض عليك في هذه المساحة الضيِّقة؟!
ولذلك دعني أفكر قليلًا حتى أنتقي لك بعناية!
حسنًا... سوف أختار لك كلمة!
إنها من أعظم الكلمات في مبناها ومعناها!
وإنها من أعظم الكلمات في لفظها ونظمها!
وقد تتعجَّب كثيرًا إذا قلت لك إن الكلمة التي أعنيها هي كلمة (أعظم) نفسها!
كلمة من أربعة أحرف، ولكنها تشكّل نظمًا رقميًّا رائعًا نتأمّل فيما يأتي بعض جوانبه العامة!
"أَعْظَم".. العظيمة!
وردت كلمة (أعظم) في القرآن 3 مرّات في ثلاث آيات، هي:
الَّذِيْنَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيْلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُوْنَ (20) التوبة
وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيْلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيْرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِيْنَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُوْنَ خَبِيْرٌ (10) الحديد
إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُوْمُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِيْنَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوْهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُوْنُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُوْنَ يَضْرِبُوْنَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُوْنَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُوْنَ يُقَاتِلُوْنَ فِي سَبِيْلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيْمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوْهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُوْرٌ رَحِيْمٌ (20) المزمّل
تأمّل..
أولى هذه الآيات الثلاث جاءت بعد 1254 آية من بداية المصحف، وهذا العدد = 114 + 114 × 10
أوّل ما يشدّ انتباهك هو أرقام الآيات الثلاث: 20 – 10 – 20
بل سوف تتعجَّب إذا علمت أن ترتيبها من نهاية السورة أيضًا من مضاعفات العدد 10
الآية الأولى ترتيبها رقم 20 من بداية سورة التوبة، ورقم 110 من نهايتها!
الآية الثانية ترتيبها رقم 10 من بداية سورة الحديد، ورقم 20 من نهايتها!
الآية الثالثة ترتيبها رقم 20 من بداية سورة المزمّل، وهي الآية الأخيرة في السورة!
النظام العشري لمواقع "أَعْظَم"
إذا تأمّلت موقع (أَعْظَم) في الآية الأولى تجدها جاءت في ترتيب الكلمة رقم 10 من بداية الآية!
جاءت (أَعْظَم) للمرّة الأولى في الآية التي ترتيبها رقم 20 من بداية سورة التوبة، ورقم 110 من نهايتها!
جاءت (أَعْظَم) للمرّة الأولى في الآية التي عدد حروفها 80 حرفًا!
أوّل أحرف (أَعْظَم) وهو حرف الألف ترتيبه من بداية الآية رقم 50
وجاءت (أَعْظَم) للمرّة الثانية في الآية التي ترتيبها رقم 10 من بداية سورة الحديد، ورقم 20 من نهايتها!
وجاءت (أَعْظَم) للمرّة الثالثة في سورة المزمّل، وهي السورة التي عدد آياتها 20 آية، وعدد كلماتها 200 كلمة!
وردت (عظيم) في القرآن 107 مرّات، ووردت (أَعْظَم) في القرآن 3 مرّات، ومجموعهما 110
وردت (أَعْظَم) في ثلاث سور (التوبة – الحديد – المزمّل) مجموع كلماتها 3280 كلمة!
وهكذا يتخذ هذا النظام العُشاري الذي تراه أشكالًا متعددة ومتشعّبة جدًّا!
وعلى سبيل المثال تأمَّل الترتيب الهجائي لأحرف كلمة (أَعْظَم):
الحرف |
أ |
ع |
ظ |
م |
المجموع |
ترتيبه الهجائي |
1 |
18 |
17 |
24 |
60 |
إيقاع عظيم!
حرف الألف تكرّر في هذه الآيات الثلاث 97 مرّة.
حرف العين تكرّر في هذه الآيات الثلاث 13 مرّة.
حرف الظاء تكرّر في هذه الآيات الثلاث 3 مرّات.
حرف الميم تكرّر في هذه الآيات الثلاث 42 مرّة.
هذه الأحرف الأربعة هي أحرف كلمة (أَعْظَمُ)، وقد تكرّرت في الآيات الثلاث 155 مرّة!
سبحان اللَّه!
هل تعلم إلى ماذا يشير العدد 155؟!
العدد 155 يساوي 114 + 41
عدد سور القرآن + مجموع تكرار أحرف اسم اللَّه ضمن الحروف المقطَّعة!
وهكذا تقول الأرقام بوضوح: إن الأعظم هو اللَّه!
إما.. وإما!
رحيم أنت يا سيدي.. حليم أنت يا مولاي!
تسوق الحِجج الواضحة والبيِّنات الساطعة الدّالة على عظمة كتابك، ولا يزال بعضهم مكابرًا عليها!
تضع الشواهد والبراهين الدّالة على بديع نظم كلامك، ولا يزال بعضهم غافلًا عنها!
فهذا الإيقاع الرقمي المحكم الذي نراه ماثلًا أمامنا الآن، ليس مشهدًا من مشاهد الخيال العلمي، وإنما هو حقيقة واقعية وإحدى ثوابت القرآن العظيم التي لا تقبل المغالطة. وفقنا اللَّه عزّ وجلّ فأخرجنا بصيصًا منها، ووضعناه بشكل مبسّط، حتى يتحقَّق الجميع من صحتها ودقتها بسهولة! ومثل هذه الحقائق تزيد المؤمنين إيمانًا وتمسّكًا بكتاب ربهم، وهي في الوقت نفسه تبهت الكافرين بهذا القرآن، وتضعهم في حيرة من أمرهم، فإما أن تقودهم هذه الحقائق اليقينية الثابتة إلى الحق فيؤمنوا به، وإما أن تكون عليهم حجَّة وحسرة يوم القيامة.. حين لا ينفع الندم!
عجائب الأعداد الأوّليّة في (أَعظَم)
دعني انتقل بك إلى جانب آخر من نظام (أَعْظَم)!
إن القرآن العظيم يدهشني في معالجته للأعداد الأوّليّة!
سوف ننتقل إلى ساحة هذه الأعداد الأوّليّة لنرى كيف يكون نظم كلام اللَّه مميزًا عن كلام البشر!
فتأمّل..
وردت (أَعْظَم) في ثلاث آيات مجموع كلماتها 131 كلمة!
وجاءت (أَعْظَم) في ثلاث سور (التوبة – الحديد – المزمّل) مجموع أرقام ترتيبها 139
العدد 131 أوّليّ، وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 32
والعدد 139 أوّليّ، وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 34
مجموع ترتيب العددين في قائمة الأعداد الأوّليّة = 66.. احتفظ بهذا العدد!
وردت (أَعْظَم) في ثلاث سور مجموع أرقام ترتيبها 139، ومجموع آياتها 178، ومجموع العددين = 317
العدد 317 أوّليّ، وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 66.. أرأيت هذا اللقاء الرائع!
سر العدد 66
لماذا تجلّى العدد 66 هنا في خضم الأعداد الأوّليّة؟!
لأنك إذا تأمّلت السور الثلاث التي وردت فيها (التوبة – الحديد – المزمّل) تجد أن ترتيبها على النحو التالي:
السورة |
التوبة |
الحديد |
المزمّل |
ترتيبها |
9 |
57 |
73 |
وكما تلاحظ فإن السورة الوحيدة التي ترتيبها عدد أوّليّ هي سورة المزمّل!
وبذلك كان لا بدّ من أن يأتي مجموع ترتيب سورتي التوبة والحديد 66 وبالفعل هو كذلك!
ويتجلّى العدد 66 هنا حتى يحفظ توازن الأعداد الأوّليّة، بما يتوافق مع العدد 73، وهو ترتيب سورة المزمّل!
وهنا يأتي الحديث عن مسألة في غاية الأهميّة وهي توازن الأعداد الأوّليّة الصمّاء!
وهذه المسألة من أصعب الأمور وأكثرها تعقيدًا حتى على أهل الاختصاص في علم العدد!
وسوف نفرد كتابًا مستقلًا بإذن اللَّه نشرح فيه استخدام القرآن للرقم 6 في حفظ توازن الأعداد الأوّليّة!
تأمّل وتعجَّب!
مجموع ترتيب العددين 131 و139 في قائمة الأعداد الأوّليّة بشكل منفرد = 66
ترتيب العدد 317 وحده في قائمة الأعداد الأوّليّة = 66 أيضًا!
مجموع هذه الأعداد الثلاثة هو 587، وهذا العدد أوّليّ أيضًا، وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 107
وقد ورد اسم (عظيم) في القرآن 107 مرّات، وهذا العدد هو الآخر أوّليّ!
وأوّل ما ورد (عظيم) في المصحف جاء في الآية رقم 7، وذلك حتى ينتج من حاصل جمع العددين 114
وهذا أمر آخر لا نريد أن نتشعَّب فيه هنا!
وإن الأمر أدقّ وأعجب من ذلك بكثير!
وحتى أُبسِّط لك الأمر أكثر، دعني أتناول هذه الآيات كل واحدة على حدة!
وسوف أعرض عليك أمرًا عجيبًا لا أظنك تتوقعه!
تأمّل الآية الأولى:
الَّذِيْنَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيْلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُوْنَ (20) التوبة
تأمّل حرف الظاء في كلمة (أَعْظَمُ) فهذا الحرف ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 17
الآن قم بعدّ نقاط الحروف من بداية الآية، وسوف تجد أن النقطة على الظاء ترتيبها رقم 17
حرف الظاء عليه فتحة فقم بِعدّ الفتحات على الحروف، وسوف تجد أن الفتحة التي على الظاء ترتيبها رقم 17
جاء على حروف الآية بعد الظاء 7 نقاط، والعدد الأوّليّ الذي ترتيبه رقم 7 في قائمة الأعداد الأوّليّة هو 17
حرف الظاء هو الحرف رقم 3 في كلمة (أَعْظَمُ)، ويأتي ترتيبه بعد 51 حرفًا من بداية الآية!
وهذا العدد = 17 × 3
تأمّل..
حرف الظاء هو الحرف رقم 29 من نهاية الآية! فإلى ماذا يشير هذا العدد؟!
سوف تتعجَّب إذا علمت أن حرف الظاء ورد في سورة التوبة 29 مرّة!
وهذه المعطيات الرقميّة ظاهرة أمامك، ويمكنك أن تتحقق منها بسهولة!
أسئلة للمكذبين!
السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هنا ولكل مكابر ومكذَّب بهذا القرآن العظيم:
هل كان النبي صلى الله عليه وسلّم يهتمّ بكل هذه التفاصيل لاختيار الحروف ومواقعها وعدد نقاطها وحركاتها؟!
وهل كان النبي صلى الله عليه وسلّم يحصي نقاط الكلمات والحروف ومواقعها؟!
ولكن كيف فعل ذلك، والقرآن لم يكن منقوطًا ولا مشكولًا في عهده صلى الله عليه وسلّم؟!
وكيف فعل ذلك، والقرآن تمّ تنقيط حروفه وتشكيله بعد أكثر من أربعة عقود من وفاته صلى الله عليه وسلّم؟!
ظاء الآية الثانية!
حسنًا.. ننتقل إلى الآية الثانية من آيات (أَعْظَمُ):
وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيْلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيْرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِيْنَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُوْنَ خَبِيْرٌ (10) الحديد
حرف الظاء ورد في هذه الآية أيضًا مرّة واحدة فقط!
حرف الظاء في (أَعْظَمُ) هو التكرار رقم 3 لحرف الظاء من بداية سورة الحديد، والتكرار رقم 6 من نهايتها!
مجموع موقع تكرار حرف الظاء من بداية السورة ونهايتها = 9
عدد حروف هذه الآية التي أمامك 153 حرفًا، وهذا العدد = 17 × 9
مع الانتباه إلى أن 17 هو ترتيب حرف الظاء في قائمة الحروف الهجائية!
عدد النقاط على حروف هذه الآية التي أمامك 71 نقطة! تأمّل كيف جاء ليمثل معكوس العدد 17
العدد 17 أوّليّ، وكذلك العدد 71 أوّليّ أيضًا، ومجموعهما = 88
تأمّل حرف الظاء في كلمة (أَعْظَمُ) إنه الحرف رقم 88 من بداية الآية، وهذا العدد = 22 × 4
وتأمّل حرف الظاء في كلمة (أَعْظَمُ) إنه الحرف رقم 66 من نهاية الآية، وهذا العدد = 22 × 3
وسوف تتعجّب إذا علمت أن حرف الظاء ورد لأوّل مرّة في المصحف في الكلمة رقم 88 من بدايته!
نقطة الظاء!
تأمّل النقطة على حرف الظاء في كلمة (أَعْظَمُ) فهي النقطة رقم 44 من بداية الآية، وهذا العدد = 22 × 2
وسوف تتعجَّب إذا علمت أن كلمة (أَعْظَمُ) نفسها هي الكلمة رقم 22 من بداية الآية!
تأمّل الأعداد: 22 – 44 – 66 – 88
هذه حقائق رقميّة واضحة لا تقبل النقاش، ويمكن لكل من أراد أن يتحقق منها الآن وبسهولة!
الظاء الأولى!
دعني أرجع إلى ترتيب حرف الظاء من بداية الآية فهو = 88
الآن انتقل إلى بداية المصحف لتتأمّل الموقع الذي ورد فيه حرف الظاء لأوّل مرّة:
خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوْبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيْمٌ (7) البقرة
ورد حرف الظاء لأوّل مرّة في المصحف في الكلمة الأخيرة من الآية رقم 7 في سورة البقرة.
وترتيب هذه الكلمة رقم 88 من بداية المصحف!
حرف الظاء في هذه الآية ترتيبه رقم 3 من نهاية الآية، ورقم 51 من بدايتها!
ومعلوم أن العدد 51 يساوي 17 × 3، ومعلوم أن 17 هو ترتيب حرف الظاء في قائمة الحروف الهجائية!
تأمّل هذا التشابك على مستوى الحرف الواحد.. فأي عقل يستوعب ذلك كلّه!
الكسرة الأخيرة!
تأمّل كيف جاء حرف الظاء مكسورًا في أوّل موضع يرد فيه بالمصحف!
الكسرة على حرف الظاء هي الكسرة الأخيرة في الآية وترتيبها رقم 7، وهذا هو رقم الآية نفسها!
والعدد الأوّليّ الذي ترتيبه رقم 7 في قائمة الأعداد الأوّليّة هو 17
ومرة أخرى فإن العدد 17 هو ترتيب حرف الظاء في قائمة الحروف الهجائية!
الآن قم بعدّ النقاط على حروف الآية من بدايتها، وسوف تجد أن النقطة على حرف الظاء ترتيبها رقم 16
عجيب!! لماذا جاء ترتيبها رقم 16، ولم يأتِ رقم 17 كما كنت تتوقع؟
لأن عدد حروف الآية 53 حرفًا، وهذا العدد أوّليّ، وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 16
معاصرون يعيشون في عصر الجاهلية!
الذين كذَّبوا القرآن في العصور الأولى كانوا من الجاهلين!
حتى إن عصرهم الذي عاشوا فيه قبيل نزول القرآن كان يسمّى العصر الجاهلي!
ولذلك قد نلتمس لهم بعض العذر في جهلهم!
وأنت يا من تكذِّب بهذا القرآن في عصرنا هذا عصر العلم والمعرفة!
هلّا تفكّرت في هذا النظام القرآني المحكم الذي نضع بعض ملامحه أمامك بكل شفافية وبساطة!
وهلّا تحقّقت بنفسك لتتيقّن من أنه ليس بمقدور البشر أن يأتوا بمثله!
وماذا يفيدك عقلك إن لم يوصلك إلى الحقيقة المطلقة!
حقيقة أن هذا القرآن هو من عند اللَّه عزّ وجلّ، وأنت من المخاطبين به!
من أعظم آيات القرآن
انتقل إلى الآية الأخيرة من سورة المزمّل:
إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُوْمُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِيْنَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوْهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُوْنُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُوْنَ يَضْرِبُوْنَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُوْنَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُوْنَ يُقَاتِلُوْنَ فِي سَبِيْلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيْمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوْهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُوْرٌ رَحِيْمٌ (20) المزمّل
تأمّل..
هذه الآية التي أمامك هي من أعظم آيات القرآن العظيم!
ويكفي من عظمتها أنها تضمَّنت أكبر تكرار لاسم اللَّه في القرآن!
ويكفي من عظمتها أنها جمعت بين اسم اللَّه ورب والقرآن والصلاة والزكاة والجهاد وفضائل الأعمال!
ويكفي من عظمتها أن المخاطب بها بشكل مباشر هو أعظم الخلق مُحمَّد صلى الله عليه وسلّم!
وردت كلمة (أَعْظَمَ) قبل 7 كلمات من نهاية الآية، وورد اسم اللَّه 7 مرّات في الآية!
ووردت (أَعْظَمَ) في ترتيب الكلمة رقم 71 من بداية الآية!
وهذا العدد أوّليّ، وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 20
لاحظ أن العدد 20 هو رقم الآية نفسها!
تأمّل..
ورد لفظ (القرآن) في هذه الآية في ترتيب الكلمة رقم 30 من بدايتها!
إذا عدت إلى بداية المصحف فسوف تجد أن أوّل آية رقمها 114 عدد كلماتها 30 كلمة!
وإذا أحصيت عدد حروف هذه الآية التي أمامك الآن تجد أن اسم (القرآن) جاء بعد 114 حرفًا!
عدد حروف هذه الآية 329 حرفًا، وهذا العدد = 7 × 47
7 هو تكرار اسم اللَّه في الآية نفسها!
47 هو عدد حروف سورة الإخلاص، وهي السورة التي ورد فيها اسم اللَّه للمرّة الأخيرة في المصحف!
الظاء الوحيدة في "المزمّل"!
نعود للحديث عن حرف الظاء!
لقد ورد حرف الظاء في هذه الآية أيضًا مرّة واحدة فقط ولكن تأمّل موقعه!
بل لم يرد حرف الظاء في سورة المزمّل كلها إلا مرّة واحدة فقط وجاء في كلمة (أَعْظَمَ)!
لقد جاء حرف الظاء في ترتيب الحرف رقم 33 من نهاية الآية، ورقم 297 من بدايتها!
والعدد 297 يساوي 33 × 3 × 3
تأمّل هذا المعنى جيِّدًا..
هذه الآية التي أمامك تتضمَّن أكبر تكرار لاسم اللَّه في آية واحدة في القرآن!
حرف الظاء ورد مرّة واحدة في الآية وجاء في ترتيب الحرف رقم 297 من بدايتها، وهذا العدد = 99 × 3
99 هو مجموع أسماء اللَّه الحسنى!
3 هو عدد أسماء اللَّه الحسنى التي وردت في الآية (اللَّهَ – غَفُوْرٌ - رَحِيْمٌ)!
تأمّل كيف ختمت الآية بهذه الأسماء الثلاثة: (اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)!
ألا تتدبّر هذه المعاني؟!
ألا تتأمّل هذه الحقائق؟
ألا تزيدك إيمانًا على إيمانك؟!
الأعجب من ذلك!
تأمّل الآية جيِّدًا تجدها أشارت إلى القرآن مرّتين..
مرّة باسمه (مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ).
ومرّة بضميره (فَاقْرَءُوْا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ).
فإذا أحصيت عدد حروف الآية تجد أن اسم (الْقُرْآنِ) يأتي بعد 114 حرفًا من بدايتها!
وإذا أحصيت عدد نقاط حروف الآية تجد أن ضمير الْقُرْآنِ (مِنْهُ) يأتي بعد 114 نقطة من بدايتها!
صلاة "المزمّل"!
عدد الصلوات المفروضة في اليوم واللَّيلة 5 صلوات!
وجاءت الصلاة في ترتيب الكلمة رقم 25، أي 5 × 5 من نهاية الآية!
وقد جاءت الصلاة بعد 119 نقطة على الحروف من بداية الآية، وهذا العدد = 5 × 17 + 34
5 هو عدد الصلوات المفروضة، و17 عدد ركعاتها، و34 عدد سجداتها!
كل هذه معطيات رقميّة واضحة لا تقبل النقاش!
وليس لأحد الحق أن يرفضها أو يتشكّك فيها أو يجادل بشأنها!
وكل من تبهره هذه الحقائق ويصعب عليه تصديقها عليه أن يتأكد بنفسه فالأمر في غاية البساطة!
نُظُم لا يعرفها البشر!
الأمر أكبر بكثير مما يتصوّره البشر! بل يقيني أن هناك العديد من الأساليب الرياضية والإحصائية التي تأتي ضمن النظم القرآني لم يعرفها البشر حتى الآن! ودعني أقدّم لك مثالًا مختصرًا على ذلك!
لقد رأينا في بداية هذا المشهد الترتيب الهجائي لأحرف (أعظم):
حرف الألف ترتيبه الهجائي رقم 1
وحرف العين ترتيبه رقم 18
وحرف الظاء ترتيبه رقم 17
وحرف الميم ترتيبه رقم 24
الحروف أرقام!
نحن نقرأ الكلمات من اليمين إلى الشمال ونقرأ الأعداد من الشمال إلى اليمين.
اقرأ الأرقام التي تمثل الترتيب الهجائي لأحرف (أعظم) من الشمال إلى اليمين: 24 17 18 1
تأكد جيِّدًا أن هذه الأرقام هي تمثل بالفعل الترتيب الهجائي لأحرف (أعظم)!
وتأكد جيِّدًا أن هذه الأعداد مرتبة ترتيبًا صحيحًا من الشمال إلى اليمين بحسب اتجاه قراءة الأعداد!
الآن تأمّل العدد الذي يظهر أمامك فهو 1181724، وهذا العدد = 114 × 73 × 71 × 2
114 هو عدد سور القرآن!
73 هو مجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم اللَّه!
71 و2 عددان أوّليّان حاصل جمعهما 73 أيضًا!
والعدد 73 هو ترتيب سورة المزمّل حيث ورد لفظ (أعظم) للمرّة الأخيرة في المصحف!
القرآن معجز بأقل ما فيه
أبحرنا كثيرًا في بحر (أَعْظَم)!
وعرضنا بعض النماذج من هنا وهناك لتشعّبات هذه الكلمة على امتداد القرآن!
ورأينا كيف يدخل في منظومة الكلمة عدد غير محدود من المتغيّرات!
موقع الكلمة وهوية حروفها وعدد نقاطها والترتيب الهجائي لأحرفها والأعداد الناتجة من عملية صفها!
وقصدت أن أعرض عليك نماذج متنوعة من مستويات متعددة حتى تعلم أن آيات القرآن وكلماته وحروفه ليست لَبِنات مستقلَّة، بل إن جذورها المتشعبة ضاربة في أعماق القرآن إلى مستويات لا يعلم مداها إلا اللَّه وحده سبحانه. ولذلك فإن البشر مجتمعين لن يستطيعوا أن ينظموا كلمة واحدة مثل النظم القرآني!
وإن القرآن العظيم معجز بأقل ما فيه!
إن كل حرف وكلمة وآية وسورة من سوره منظومة بميزان وحسبان دقيق يفوق قدرات العقل البشري! وإن القرآن كلّه معجز في نظمه الرقميّ لدرجة أنك لو نزعت كلمة واحدة من إحدى آياته وبحثت في قواميس اللَّغة لتجد بديلًا لها ما وجدته! حتى لو استقام لك المعنى في ظاهره، فإن البناء الرقمي للكلمة نفسها يختل لا محالة! هذا بالإضافة إلى ارتباط الحروف والكلمات والآيات والسور بعضها ببعض ارتباطًا عجيبًا محكمًا! ومع ذلك كلّه يظل اللَّفظ القرآني دقيقًا في معناه، ومحكمًا في أدائه لا تدانيه أي صياغة بشرية مهما علت!
وقد عجز أساطين البلاغة والفصاحة وحسن البيان أن يأتوا بمثل أقصر سورة من القرآن العظيم! ولا يزال هذا التحدِّي قائمًا ليس في مضمار اللَّغة فحسب، وإنما في وجوه متعددة من بينها هذا النظم الرقمي! وقد تتعجب إذا قلت لك إن البشر مهما بلغوا من العلم أعجز من أن يأتوا بمثل نظم حرف واحد من حروف القرآن! لأن كل حرف من حروف القرآن يأتي بحسبان، وفي مواقع محسوبة بدقة تتجاوز قدراتهم بكثير!
إنها الحقيقة! فلو اجتمع البشر أجمعون على أن ينظموا حرفًا واحدًا من القرآن ما استطاعوا ذلك!
--------------------------------------------------------------------------------------
المصدر:
مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).