عدد الزيارات: 19.0K

وحيٌ يُوحى


إعداد: الدكتور/ أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
آخر تحديث: 02/04/2016 هـ 28-01-1437

من عجائب النسيج الرقمي القرآني ما أثبتته الدراسة، بأن هناك علاقة عضوية وثيقة بين الآيات المتماثلة في مضمونها أو أرقامها أو عدد حروفها أو كلماتها، يصل في بعض حالاته إلى التطابق التام، وهذا من أوضح الأدلّة على أن النظام الإحصائي والبناء اللغوي للقرآن جسد واحد، لا يمكن فصل أحدها عن الآخر بأي حال، وسوف نقدّم لهذه الحقيقة في هذا المشهد بعض الشواهد.

 

تأمّل..

سورة النور تأتي بعد 23 سورة من بداية المصحف.

هناك آيتان في سورة النور عدد كلمات كل منهما 23 كلمة وهما:

قُلْ أَطِيْعُوا اللَّهَ وَأَطِيْعُوا الرَّسُوْلَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيْعُوْهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُوْلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِيْنُ (54)

وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُوْنَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِيْنَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيْعٌ عَلِيْمٌ (60)

مجموع رقمي الآيتين = 114 وهذا هو عدد سور القرآن!

عدد كلمات كل من الآيتين 23 كلمة بعدد أعوام نزول القرآن!

 

انتقل إلى السورة رقم 2 في ترتيب المصحف وهي سورة البقرة تأمّل هذه الآية:

قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيْلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِيْنَ (97)

ماذا نزَّل جبريل على قلب النبي -صلى الله عليه وسلّم-؟ لا شكّ أنه القرآن!

الآن قم بإحصاء عدد كلمات سورة البقرة من بدايتها حتى اسم جبريل في الآية 97

جِبْرِيلَ هو الكلمة رقم 1628 من بداية السورة، وهذا العدد = 23 × 23 × 2 + 114 × 5

ومعلوم أن جِبْرِيلَ نزّل القرآن من اللّوح المحفوظ على قلب النبي -صلى الله عليه وسلّم- في 23 عامًا!

وعدد سور القرآن 114 سورة، وأوّل ما نزل به جبريل 5 آيات تعادل عدد أركان الإسلام!

كما احتل اسم ِّجِبْرِيلَ الكلمة رقم 5 في هذه الآية التي رقمها 97

97 عدد أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 25، وهذا الأخير = 5 × 5

وإذا جمعت عدد كلمات الآية إلى رقمها تكون النتيجة 115، وهذا العدد = 23 × 5

 

وتأمّل هذه الآية من سورة النحل..

قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِيْنَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِيْنَ (102)

وإذا جمعت عدد كلمات الآية إلى رقمها تكون النتيجة 115 وهذا العدد = 23 × 5

وجِبْرِيلَ -عليه السلام- هو روح القدس!

 

مُحمَّد والقرآن

ورد لفظ "القرآن" في سورة مُحمَّد في ترتيب الكلمة رقم 351 من بداية السورة!

أَفَلَا يَتَدَبَّرُوْنَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوْبٍ أَقْفَالُهَا (24) محمد

الآية التي ترتيبها رقم 351 من بداية المصحف هي هذه الآية:

ذلِكَ نَتْلُوْهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيْمِ (58) آل عمران

عدد كلمات الآية الأولى 7 كلمات، وعدد كلمات الآية الثانية 7 كلمات!

ولكن لماذا جاء عدد حروف آية مُحمَّد 33 حرفًا، بينما جاء عدد حروف آية آل عمران 32 حرفًا؟

لماذا اختلفت الآيتان في حرف واحد فقط؟!

هنا تتجلَّى عظمة البناء الإحصائي لحروف القرآن!

هل تعلم ماذا سيحدث إذا تساوى عدد حروف الآيتين؟!

 

تابع معنا لترى..

الآية الأولى وردت في سورة مُحمَّد، والآية الثانية وردت في سورة آل عمران!

سورة آل عمران هي أوّل سورة يرد فيها اسم مُحمَّد في المصحف!

لفظ (قرآن) ورد في سورة مُحمَّد، ولكنه لم يرد في سورة آل عمران، برغم أنها من بين أطول ثلاث سور!

وبدلًا من ذلك جاءت الإشارة إلى لفظ القرآن في آل عمران في آخر كلمتين من الآية نفسها (الذِّكْرِ الْحَكِيْمِ)!

والذِّكْرِ الْحَكِيْمِ المقصود في هذه الآية هو القرآن الكريم نفسه!

إذًا الآية رقم 24 من سورة مُحمَّد، تناظر الآية رقم 58 من سورة آل عمران، فتأمّل:

أَفَلَا يَتَدَبَّرُوْنَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوْبٍ أَقْفَالُهَا (24) مُحمَّد

ذلِكَ نَتْلُوْهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيْمِ (58) آل عمران

الفيصل في اسم مُحمَّد نفسه، فدعني أجمع لك آيات مُحمَّد والقرآن في السورتين:

أَفَلَا يَتَدَبَّرُوْنَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوْبٍ أَقْفَالُهَا (24) مُحمَّد

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) مُحمَّد

الآية الأولى عدد حروفها 33 حرفًا، والآية الثانية عدد حروفها 81 حرفًا، ومجموعهما 114

الآن علمت لماذا جاءت الآية الأولى عدد حروفها 33 حرفًا!

 

139 = 34

حسنًا.. انتقل إلى سورة آل عمران، وتأمّل الآيتين:

ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) آل عمران

وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) آل عمران

الآية الأولى عدد كلماتها 7، والآية الثانية عدد كلماتها 27، ومجموع كلمات الآيتين = 34 كلمة!

الآية الأولى عدد حروفها 32، والآية الثانية عدد حروفها 107، ومجموع حروف الآيتين = 139 حرفًا!

وسوف تتفاجأ إذا علمت أن العدد 139 أوّليّ وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 34

الآن علمت لماذا جاءت الآية الثانية عدد حروفها 32 حرفًا!

 

مطلع النجم

تأمّل الآيات الأربع الأولى من سورة النجم:

وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)

توقَّف عند الآية الأخيرة واقرأها أكثر من مرّة.

لقد جاءت الآية الأخيرة (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) بعد 42 حرفًا من بداية السورة!

ماذا يعني لك هذا العدد 42؟

هل تعلم أن ترتيب هذه الآية من بداية المصحف هو 4788، وهذا العدد = 114 × 42

عدد سور القرآن × عدد الحروف السابقة للآية!

 

ليس ذلك فحسب!

بل إن ترتيب هذه الآية نفسها من نهاية المصحف رقم 1449، وهذا العدد = 23 × 63

عدد أعوام الوحي × عدد أعوام عمر النبيّ -صلى الله عليه وسلّم-!

تأمّل عظمة القرآن في ترتيب مواقع الآيات، ويترتب على ذلك بالطبع مواقع السور والكلمات أيضًا!

 

هاتوا برهانكم!

ماذا تبقّى من حجج وأوهام للذين يقولون إن ترتيب سور القرآن كان باجتهاد من الصحابة؟!

هل قام الصحابة -رضوان اللَّه عليهم- بإحصاء عدد آيات القرآن، وبعد 4784 آية تحديدًا وضعوا سورة النجم، ثم قاموا بإحصاء عدد آيات سورة النجم وحروفها وبعد 3 آيات و42 حرفًا تحديدًا وضعوا هذه الآية: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)؟ ولكنهم كيف ضبطوا موقع هذه الآية من نهاية المصحف؟

هل قاموا بإحصاء عدد آيات المصحف من آخره، وبعد 1448 آية تحديدًا وضعوا هذه الآية؟

كيف تمكَّنوا من أن يضبطوا موضع آية واحدة من اتجاهين متعاكسين؟

وكيف فعلوا ذلك والقرآن العظيم لم يكن مرقّمًا أصلًا؟

لا أعتقد أن عاقلًا يمكنه أن يصدِّق أوهام المكذبين بأن ترتيب سور القرآن كان باجتهاد من الصحابة!

كل من يحاولون تسويق تلك الظنون والأوهام، التي لا تستند إلى دليل، عليهم أن يجرّبوا تقليد نظم القرآن في آية واحدة فقط، وليستعينوا بمن شاءُوا وبما شاءُوا، ولديهم من التقنيات الرقمية ما لم يكن لدى أحد من قبلهم! فالقرآن العظيم بكل ما فيه.. مضمونه ونظمه وترتيب كل كلمة وآية وسورة فيه، أمر توقيفي ليس لأحد فيه أدنى تصرف! وتمامًا كما تنص الآية الكريمة على ذلك: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوْحَى (4) النجم

---------------------------------------------------------------------------

المصدر:

مصحف المدينة المنوّرة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.